شرعت ادارة جامعة الخرطوم في اجراء صيانة وتحديث لأقدم مكتبة في الجامعة العريقة «مكتبة المين» توطئة لتحويل اجزاء منها الى مكتبة إلكترونية، وطالت عمليات الصيانة المبنى العتيق ليختفي لونه وشكله المألوف، وتحل محله السيراميك والدهانات والواح الالمونيوم والابواب الزجاجية. وانهمك عمال في طلاء الجدران وتغيير الالواح الخشبية ونقل محتويات المكتبة التي تضم رفوفها ذكريات الآلاف الذين تخرجوا في جامعة الخرطوم، الى فرندات وفناء المكتبة وبدت معالم المكتبة العريقة تفقد القها القديم بعد ان امتدت اليها عمليات التغيير بشكل جذري. وانزوى بعض العاملين في ركن قصي يتابعون العملية ونظراتهم تمتزج بين الدهشة والحزن لما آل اليه شكل المكتبة العريقة، وسارعت الكليات المختلفة لنقل الالواح الخشبية الى مقراتها لانشاء مكتبات خاصة بها، بينما وجه بعض العاملين والمهتمين بالمكتبة انتقادات لادارة الجامعة لاتجاهها لاجراء التحديث دون اشراك الجهات المختصة ما يؤدي الى تشويه المكتبة وطمس معالمها العريقة والتاريخية و»تفكيك» دار مؤثرة لنشر الوعي والثقافة والعلم، فضلا عن دورها في توفير كتب علمية واكاديمية نادرة. وانشأت المكتبة في العام 1945 وكانت تضم نحو 30 اختصاصيا في اقسام المكتبات، و70 عاملا بينما كان حجم الكتب المتوفرة بالمكتبة حوالي نصف مليون كتاب، ونحو ثلاثة آلاف دورية علمية، والفي مقعد لاجلاس الطلاب، انحسرت حاليا الى 700 مقعد. وقال احد العاملين ل»الصحافة» ان المكتبة تتعرض لابشع تحديث في التاريخ دون استشارة ومخاطبة المختصين بهيئة الآثار، متهما ادارة الجامعة بالاسراع في عملية الصيانة دون اشراك الجهات المختصة لتلقي افادات فنية بشأن المكتبة العريقة والتي تعتبر ذاكرة السودان. واوضح ان المكتبة تعاني من تشوهات ادارية تتمثل في عدم وجود هيكلة للعاملين وغياب متكرر من المحافل الاقليمية والمحلية، بجانب ايقاف التعاقدات مع دور النشر العالمية التي كانت تغذيها بالكتب العلمية والاكاديمية لشح المال وعدم وضع ميزانية محددة لذلك. وقلل من حجة الادارة بتحويلها الى مكتبة الكترونية وربطها بشبكة المعلومات الدولية، وقال «من اين لاقسام الجامعة والكليات المختلفة بسداد مبلغ 20 الف دولار سنويا؟» واستدرك «اعتقد ان الامر مجرد امنيات حينما يراودك احساس بسداد آلاف الدولارات سنويا». وافاد المصدر بأن ادارة الجامعة ظلت بعيدة عن اروقة المكتبة ومطالبها الاساسية وتسوية الحقوق الادارية، وزاد «هناك عامل يحمل درجة دكتوارة واوضاعه غير موفقة». وقال ان ادارة الجامعة تستعين في مشاريعها بعديمي الخبرة والفاعلية او من يطلقون عليهم صفوة المجتمع، مضيفا ان مجلس المكتبة ولجنة المكتبة مارسا غيابا غير مبرر من التدخل لانقاذ المكتبة العريقة واخفاء معالمها. وشكا من احجام الطلاب وعدم ارتيادهم للمكتبة نسبة لاعتمادهم على مذكرات مطبوعة يعدها اساتذة الجامعة، بجانب عدم اتقانهم للغة الانجليزية، مشيرا الى انعدام التنسيق بين عمداء الكليات والمكتبة بشأن توفير الكتب الخاصة بالمناهج. واكد ان ادارة الجامعة اغفلت التدريب الخارجي لكوادر المكتبة فضلا عن ايقاف الاشتراكات الشهرية والسنوية مع المجلات العلمية الدورية لعدم وضع موزانة خاصة بالمكتبة . ولم يتسن ل»الصحافة» الحصول على افادات فورية من امين عام المكتبة.