والله العظيم إن هذا الشعب الأبي العظيم لا يستحق هذا الذي يجري في «لعبة» الانتخابات ولا يستحق أن يبقى قدره دائماً أن يتقدمه أقزام ولا يستحق أن يبلغ الاستخفاف به درجة الضحك على عقله بهذه الصورة السافرة والتي لم تفترض فيه ذرة ذكاء تعينه على كشف ما يجري في الخفاء، ولو أن هؤلاء السياسيين الذين يسيل لعابهم الآن لتحقيق ما يمكن تحقيقه من مكاسب بأية وسيلة لم يفترضوا أنه شعب من السذج والبسطاء الأغبياء الهبنقات الذين تسيل ريالتهم، لكان صمتهم أكثر إحتراماً له من هذه الاحاديث الهراء التي يطلقونها في الهواء، ولو لم يفترضوا فيه العوارة والغشامة للدرجة التي يمكن لأي غنماية أن تأكل عشاءه كما يقول المثل، لما مثّلوا أمامه كل هذه التمثيليات التي تباروا في عرضها على خشبة مسرح العبث السياسي الذي كل ما إقترب موعد الاقتراع صار أكثر عبثية حتى داخل نصوص التمثيلية الواحدة حيث يتغير النص لا بل ينقلب رأساً على عقب مائة وثمانون درجة على رأس كل ساعة، مع الشيء قبل نصف ساعة، ثم مع ضده بعد نصف ساعة، مع المشاركة في الانتخابات اليوم، وضد المشاركة في اليوم التالي، ثم مع المشاركة والمقاطعة معاً في اليوم الثالث، وهكذا «دلاليك» كما يقول الساخرون... دعونا من المؤتمر الوطني وتمثيلياته المحلية والاقليمية والدولية التي خبرتموها طوال عشرين عاماً ويكفيه انه بدأ حياته السياسية بتمثيلية ولن تنسوا له بالطبع العرض الشيق الذي قدمه في تمثيلية القوات الدولية التي قسم وجزم واتحزم واتلزم بأن لا يسمح «لبوت» واحد أن يطأ أرض البلاد الطاهرة وها هم الآن يدنسونها بالآف «الابوات» ولهم مطار خاص داخل كل مطار، دعونا من الحزب الرائد فهو الآن على المستوى الداخلي أصبح مخرج محترف مستفيداً من خبرة عشرات التمثيليات التي بدأها بدور الكمبارس صعوداً إلى دور البطولة ثم أخيراً إلى كابينة الاخراج حيث أصبح مخرج الشباك الذي يتهافت عليه الممثلون لتحقيق أعلى الايرادات، ودعونا من التمثيلية سيئة السيناريو والاخراج التي عرضتها علينا الحركة الشعبية عند محاولاتها اليائسة لتبرير سحب مرشحها للرئاسة ياسر عرمان بغير السبب الحقيقي والاستراتيجي الذي سحبته بسببه، ودعونا من حزب مولانا الميرغني فذلك حزب حمدو في بطنو، ليس في بطن الحزب بل في بطن مولانا ولن يفهمه الا من كان من أهل الباطن، دعونا من كل هؤلاء وخليكم مع الامام الصادق المهدي الذي قال لنا الاول من أمس أنه تقدم بثمانية شروط رهن مشاركته في الانتخابات بالاستجابة لها، ثم قال أمس أن «09%» من شروطه هذه قد استُجيب لها، وعملياً واتوماتيكياً لا بد أنه قائل لنا اليوم أنه سيشارك، وأمر المشاركة سيبدو في ظاهره بسبب الاستجابة للشروط كما مهد لذلك الامام في اليوم السابق، ولكن للأسف حقيقة الامر ليست كذلك، فأهم أربعة من شروط الامام الثمانية المدعاة هي في الواقع ليست شروطه وإنما هي إستحقاقات إنتخابية منصوص عليها في قانون الانتخابات، لم يلتزم بها حزب المؤتمر الوطني ولم تستطع المفوضية حمله على الالتزام بها، ولكن دعونا نساير الامام في إدعائه ونفترض أنها شروطه رغم أن ذلك يخالف قوانين الملكية الفكرية، فما الذي يستفيده الامام بعد أن استخدم المؤتمر الوطني إمكانات الدولة واستأثر باعلامها وصرف على حملته الانتخابية صرف من لا يخشى الفقر، ثم بعد أن تبقت على نهاية الحملات الانتخابية ثلاثة أيام فقط وضعت المفوضية سقفاً للصرف على هذه الحملات وأصدرت رئاسة الجمهورية قراراً بتجميد العمل بالاحكام الأمنية.. الخ الشروط التي في حقيقتها خطوط للانسحاب من قرار الانسحاب وليست شروط، وهكذا كما ترون فإن أحداً من هؤلاء السياسيين لم يقل لنا الحقيقة، لا الذي إنسحب ولا الذي إنسحب من الانسحاب، فماذا هناك وما حقيقة ما جرى.