وفي حكاية (أسماء واسماعيل)، المعروفة شعراً والمتداولة بين الناس حكمة، قال اسماعيل: طرقت البابَ حتى كلَّ متني فلمّا كلَّ متْني كلمتني فقلت أيا (أسماء) عيل صبري فقالت أيا (اسماعيل) صبرا ومن الواضح أن اسماعيل كان يعدو إليها خريفاً، يسافر في الغيم خلف الصدى، حتى بحّ صوته على شرفات القصائد ونفد صبره. ٭ ومن الواضح أن أسماء كان بالها طويلاً وفي القلب متسع وقدرتها على الإحتمال والصبر "وربما المراوغة" أكبر. ٭ ومثل هذه الحالات عادة ما تضرم التجربة من جذوة الروح حقل الهشيم، النزيف يعتري صهوة القلب والتوتر يسافر عبر تخوم السواد. ٭ والمغني يغني: مجنون شباكي بعصافير الصبح.. لكن عصافير الصبح تجن بشبابيك أخرى. ٭ وأسلاك التيلفونات تجن أيضاً، وشبكة الهاتف الجوال تجن و"الفيسبوك" يجن. ودندنات الشعر المموسق والأغنيات. ٭ وليس هناك أغور جرحاً من (خلف الوعد). ٭ ثمة جرح غائر في الأغنية السودانية. ومسحة حزن دفينة في موسيقاها وكلماتها. يطلبها حثيثاً كما تطلب الشمس القمر، حتى يهيأ لك أن كراسة الغناء السوداني حزن يمشي على قدمين. ٭ يبدو هذا جلياً في أغنية الحقيبة، ذات العلاقة الخاصة بالمرأة، علاقة أكبر من أن هذا الغناء قد قيل فيها أصلاً. ٭ وفي ما يسمى بالأغنية الحديثة وكذا الشبابية خيط من الحزن كخيط العنكبوت، يبدو واهياً لكنه قوي ومتين، يغطي المسافة من شريط الأغنية وحتى طرف الأذن، ويلتف حول القلب والأنسجة بلا فكاك. ٭ ثمة جرح غائر في العلاقة بين الشاعر والمرأة، يتضح في كراسة الشعر وفي مشوار الحياة "اليوماتي" كأن ليس في الياسمينة غير البكاء وليس في الكوب سوى النصف الفارغ. ٭ وكل هذا الحزن الذي يعتري جسد الأغنية، تنسفه كلمة آخر المساء.. كلمة تفتح نافذة للأمل وتترك الباب موارباً وتجعل القلب يقفز كالدرويش في حلقة الذكر. ٭ ويغني المغني: ما بنختلف.. درّسني بس قانون هواك.. بحفظ حروفه حرف.. حرف.