متغيرات كثيرة شهدتها الساحة السياسية بُعيد اندلاع الحرب بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ،افضت الى حظر نشاط الحركة الشعبية قطاع الشمال من ممارسة العمل السياسي،وعملية تبعثر اوراق قطاع الشمال كان سببا لبروز ثلاثة احزاب قامت على انقاضه،وآخر هذه الاحزاب التي نالت موافقة مجلس الاحزاب هو الحركة القومية للسلام والتنمية الذي اختار مكتبه القيادي منتصف هذا الشهر في مؤتمر عقد بالدمازين حاضرة النيل الازرق،وهو الامر الذي فتح باب الاتهامات للتنظيم الجديد بالتبعية للمؤتمر الوطني والاستيلاء على رصيد قطاع الشمال ، لتأكيد او تفنيد هذه الاتهامات وغيرها جلست «الصحافة» الى نائب رئيس حزب الحركة القومية للسلام والتنمية مولانا عباس محمد عبد الرحمن، ونتابع في ما يلي اجاباته عن اسئلتنا ومايتردد في الشارع حول حزبه. *ماهي الأسباب التي تقف وراء قيام حزبكم؟ - كما هو معلوم ان الحزب كان معروفاً بالحركة الشعبية قطاع الشمال ،ولكن بعد احداث الفاتح من سبتمبر بولاية النيل الازرق والتي مازالت تداعياتها مستمرة حدثت متغيرات كثيرة ،ابرزها ان هناك قطاعاً واسعاً من عضوية الحزب بالنيل الازرق لم يكن ضالعا في الاحداث، واجتمعت قيادات الحزب بالاعضاء المتواجدين بالولاية وتفاكروا حول المستقبل ،وتقرر ان يكون هناك نهج وطرح جديدين يواكبان المرحلة ويؤكد اننا ننبذ الحرب ونؤيد السلام ، وهذه كانت حقيقة موقفنا الرافض لحسم الخلافات عبر فوهة البندقية التي لاتأتي بحل وذلك لأن سلاح التفاوض هو الذي يقود الى التقارب وحل كافة القضايا. * قبل الخوض في تفاصيل حزبكم الوليد ،ماهي اسباب تجدد الحرب بالولاية حسب تقديركم؟ - ولاية النيل الازرق عانت كثيرا من الحروب التي استمرت لاكثر من عشرين عاما ،ولكن بعد توقيع إتفاقية نيفاشا توقعنا الا يلجأ احد الى خيار البندقية، لجهة ان بروتوكول المنطقتين كان واضحا في بنوده وتنفيذه يعني استدامة السلام ،ولكن للأسف لم يتم تطبيق البروتوكول وقد تكون الاسباب خارجة عن يد المركز والحركة ،ولكن كما كان واضحاً فقد حدث تلكوء . نعم لانعرف ظروف المركز ولكن نعتقد ان دوره كان كبيرا في عدم تنفيذ الاتفاقية ،وهذا قاد الى احتقان ومن ثم انفجار الاوضاع بالولاية. *اذا هدفتم من انشاء الحزب التبرؤ من الحركة الشعبية ونفض اياديكم عنها ؟ -الامر لاينظر اليه هكذا ، نحن نرفض الحرب لاننا نعلم تأثيرها السالب على مجمل الاوضاع وعلى المواطنين ،عطفا على ذلك الحزب بوضعه القديم كان امتداداً لحزب في دولة اخرى وهذا لايتماشى مع الدستور والقوانين بالسودان،لذلك عملنا على توفيق اوضاعنا عبر جمع عضويتنا وتحديد اهدافنا ورؤيتنا وشرعنا في اعداد مسودة دستور وتقدمنا بها لمجلس الاحزاب. وعقدنا منتصف هذا الشهر المؤتمر التأسيسي الذي يعتبر ضربة البداية للانطلاق لبناء تنظيم قوي بمفاهيم جديدة تثمر لصالح الوطن والمواطن. *ولكن كل بنود دستور حزبكم لاتختلف عما جاء في منفستو الحركة الشعبية فكيف تكون هناك اطروحات جديدة كما تشير؟ - دستورنا يختلف عن منفستو الحركة الشعبية وذلك لأنه يقوم على ركيزتي السلام والتنمية ،ونحن ننبذ الحرب وخيارنا دوما السلام ،كما اننا ننشد من خلال دستورنا استدامة السلام والتوزيع العادل للسلطة والثروة ،وعدم التمييز على اساس العرق واللون والدين والثقافة ،وقد تكون هناك نقاط تشابه بين دستورنا ومنفستو الحركة ،ولكن اهم شئ اننا لن نلجأ للحرب في حالة الاختلاف ،بل سيكون سلاحنا هو التفاوض وليس البندقية ،كما اننا لن نرهن ارادتنا لدولة اخرى . *انتم ورثتم حزباً اصحابه أحياء واستفدتم من اسمه وجماهيريته ولم تبذلوا مجهوداتٍ في انشاء الحزب الجديد..! - قطعا كنا جزءً من الحركة الشعبية ولاننكر هذا الامر، وذلك لأننا اخترنا من قبل الانضمام للحزب عن قناعات راسخة ولكن عندما اختارت الحركة الشعبية اختلفنا معها وذلك لأنه خيار لايؤدي الى نتائج ايجابية ،اما فيما يتعلق برصيد الحركة ،نعم استفدنا منه وذلك لأننا جزء لايتجزأ منه وكل جماهير حزبنا فضلوا الانتماء عن قناعة وتركوا الحركة الشعبية التي لم نعد جزء منها. *حزبكم من صنع المؤتمر الوطني..هكذا يردد الشارع؟ - هذا الاتهام مردود على الذين يرددونه ويطلقونه ،فهو لا اساس له من الصحة ،ونقول اذا كنا من صناعة المؤتمر الوطني سترون من يكون اللاعب الاساسي في المرحلة المقبلة ،وغدا ستأتي الانتخابات ويتعرف الجميع على حجم حزبنا ،ولا اريد ان ادخل الخوف في قلوب انصار الحزب الحاكم، ولكن اؤكد باننا إن لم نكن الحزب الاول سنكون المنافس الابرز في الانتخابات القادمة ،ورغم اننا لسنا من صناعة اي جهه ولكن هذا لايمنع ان نؤكد اتفاقنا مع المؤتمر الوطني على الاهداف العليا للوطن ،كما اننا نمد ايادينا بيضاء لكل الاحزاب . *الدولة منحتكم منصب وزير دولة قبل قيام مؤتمركم الاخير ،فماذا يعني ذلك؟ - هذه الخطوة الاستباقية اكدت لنا صدق الدولة معنا وهي لاتعني بالضرورة اننا نتبع للمؤتمر الوطني، ومشاركتنا في الحكومة نهدف من ورائها الى المساهمة في حل قضايا الوطن المختلفة. *تأخير التشكيل الوزاري لحكومة النيل الأزرق سببه انتظار حزبكم لاكمال اجراءاته، فهل هذا يعني مشاركتم ايضا؟ - لم نتلقَ حتى هذه اللحظة من الوالي مايفيد بمشاركتنا في الحكومة ،وليس لدينا ادنى فكرة عن الحكومة القادمة ،وفي تقديري ان التأخير يعود الى سعي الوالي لتكوين حكومة ذات قاعدة عريضة ،و ليس بسببنا بكل تأكيد . وحتى اذا كان كذلك ، رغم ان الحقيقة تقول بخلاف هذا الامر،فهو ايضا يؤكد وزن حزبنا ونأمل المساهمة في النهوض بالولاية اذا كتبت لنا المشاركة. *هناك من يردد ان هدفكم من انشاء الحزب الجديد حماية انفسكم من السلطات والحفاظ على جماهير الحركة الشعبية؟ -كما ذكرت لك آنفا أننا لسنا امتداداً للحركة الشعبية قطاع الشمال ،ونحن الحركة القومية للسلام والتنمية ،نعم جماهيرنا هي جماهير الحركة ولكنها اختارت السلام واكدت نبذها للحرب ،وحزبنا لن يكون محصوراً في النيل الازرق او ولايات محددة بل سيكون حزباً قومياً يمتلك عضوية في كل انحاء السودان ،اما حماية انفسنا من المعتقلات التي نعرفها وتعودنا عليها فهو حديث غير موضوعي وذلك لأن العمل السياسي تصاحبه دائما مثل هذه الاشياء . وهنا لابد من الاشادة بتعامل السلطات معنا خلال فترة اعتقالنا الاخير ،وعندما تأكدت ان لا علاقة تربطنا باحداث الفاتح من سبتمبر اخلت سبيلنا وكان هذا الامر بمثابة محفز لنا لانشاء الحزب والحفاظ على جماهيرنا الوفية وفضلنا عدم الانضمام لحزب آخر. *هل يعني حديثك هذا تلاشي قطاع الشمال ؟ -الواقع يشير الى ان الحركة الشعبية قطاع الشمال بصورتها القديمة تبعثرت ولم يعد لها وجود ،وذلك لأنها تواجه اشكاليات قانونية وعمليه لاتسمح لها العمل بالسودان وذلك لان الحزب بات يتبع لدولة اخرى ،وترددت انباء عن تغييرهم الاسم الى الحركة الشعبية لتحرير الشمال ،ولكن لاوجود لهم الآن وهم من يحملون السلاح. *وهل يعني هذا تباعد خطوط التلاقي بين حزبكم والحركة الشعبية وخاصة مالك عقار؟ - تأسيسنا لحزب لايمنع ان تكون هناك نقاط تلاقي تجمعنا بمالك عقار ،وذلك لأن من اهم اهدافنا فتح ابواب الحوار لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء من ابناء الوطن ،خاصة بين المركز ومالك عقار الذي كانت تجمعه علاقة ثقة بالخرطوم ،والمركز يعلم ان مالك عقار دفع دفعا للحرب من جانب الرافضين للسلام بالحركة الشعبية وهذا الامر كان ضد قناعاته ،وعندما اكد رفضه للحرب كان حديثه صحيحاً ولكن انتصر للاسف دعاة الحرب ،ولذلك سنعمل من اجل اشاعة ثقافة الحوار لتعلو على صوت البندقية. *ماهو المطلوب للخروج من مربع الحروبات حسب رؤيتكم كحزب؟ - يجب قبل كل شئ الاعتراف بالآخر وعدم مصادرة حقوقه في المواطنة وذلك لأن الوطن ملك للجميع ،ومشاكل السودان ليست في الاطراف او الوسط بل تتمثل في عدم اعترافنا بالتفاوض كمنهج لحل كافة القضايا ونقاط الاختلاف بيننا ،وحتى الآن لانعرف ثقافة الاعتذار عن الاخطاء والتنازل للآخر من اجل المصلحة العليا للبلد ،كما علينا ان نحترم التعدد الذي يذخر به السودان والذي ان تم توجيهه بصورة صحيحة لتحول الى احدى نقاط تقدمنا وقوتنا ،كما يجب احترام الدستور الذي يتوافق عليه الجميع وان تكون المواطنة أساس الحقوق والواجبات .