٭ لن أنسى عام 9791.. فسعدت وفرحت في مناسبتين وحزنت في واحدة. فرحت لنجاحي في الشهادة السودانية واجتزت القبول في الجامعة الإسلامية، وسعدت بزواج شقيقتي الكبيرة أم وليد.. أما ما أحزنني في ذلك العام أن السيول جرفت مدينة مروي التي ترقد بارتياح على ضفة النيل الغربية. كانت في ذلك اليوم الأسود من تاريخ مروي إحدى الطائرات تتجه إلى مروي.. وفي المطار تحدث كابتن الطائرة عن رؤيته لسيل جارف يتجه إلى مروي وفي المساء.. كان الخبر الكارثة ان خور جاد امتلأ وفاض وانفرد بمروي وصرعها واغرقها في النيل الذي تحول إلى أمواج عالية ، كل موجة تتحدث عن عمق الكارثة وكيف اصبحت مروي في مأساة إلى حين.. بدأت الحياة تدب فيها من جديد ونهضت مروي الجديدة.. وكأنما ردد عبد الكريم الكابلي الموسيقار والشاعر والمطرب ردد ذلك الأوبريت الخالد (مروي شفت فيك كل جميل). وفي عام 8891 تكررت المأساة العامة هنا في العاصمة حين هطلت أمطار بغزارة لساعات لتعم المياه التي تحولت لسيول محلية لسوء تصريف المياه وعدم استعداد المجاري، فقد فاضت المياه عن السعة المعروفة لمجارينا المدفونة والتي لا نتذكرها إلا بعد وقوع كارثة.. وأيضاً سيول تعرف مجاريها واتجاهاتها تأتي من الجبال.. في الغرب لتسوق أمامها بعض القرى التي سكنت في مجرى السيل ويقولون ان السيل لن يترك دربه أو مجراه.. في ذلك العام لم تسلم كل المدن والقرى والارياف من حكاية السيول.. وأمطار تنهمر بعنف. هذه دردشة في أجواء الأمطار البعض يعتبرونه فرصة للفرح من أصحاب البيوت العالية.. والآخرون يشيلون الهم ولا يذوقون للنوم طعماً من لحظة رؤيتهم للبرق وسماعهم للرعد.. إنها مشيئة الله سبحانه وتعالى يأمر الريح ان تقود السحاب إلى ما يريد .. كل ذلك انه خير وفير ان احسنا تجميع المياه وخزناها.. لنزرع بها وترعى عليها بهائمنا من خير الارض الخضراء.. ولكن كم وكم.. اقمنا نقاط المياه في منطقة تحتاج لكل المياه لينبت الزرع ويخضر الضرع. ٭ عشرات الحفائر تحتاج إلى رعاية لتجميع المياه وعشرات القرى تحتاج ان يتم ترحيلها إلى مناطق آمنة وعشرات مجاري تصريف الأمطار تحتاج.. لإصلاح جذري بإعادة شاملة لها وبطريقة ثابتة، وهندسية، صاح بدلاً عن الطريقة العشوائية التي تقوم بها سلطات ولاية الخرطوم في المحليات التي يدفنها التراب الموضوع على جانبي المصرف لتتكرر نفس العملية العام القادم. ٭ وليس بعيداً أن تكرر النداء الذي سبق من قبل بأن الأمطار فاقت المعدل وجرفت السيول بعض القرى والارياف وتحتاج لمأوى وسترة حال.. والمعروف مهما قلنا ان امكانيات فرق الطواريء تحتاج لدعم واولوية في الدعم ليس خوفاً بل تحسباً لأي طاريء وسريع ان نراجع موقفنا في محولات الكهرباء والوقود والدقيق والخبز وتصريف المياه وفتح الطرق وصيانة الطرق الاسفلتية والشوارع الرئيسية فبعضها تحتاج لمراجعة.. وحينما أقول هذا لا أعني ولاية الخرطوم فهى تحتاج للكثير بل أعني أيضاً مدناً أخرى في غربنا الحبيب والنيل الابيض والازرق والوسط والشرق والشمال ، كل السودان يحتاج إلى تأهيل وإصلاح في بيئاته الاساسية لمواجهة أية كارثة.. فالعالم يشهد تغييرات مناخية يتوقع فيها الكثير المثير الخطر لذلك ليس عيباً أن تكون برامج اعلامية، كيف تعدي فترة الخريف وربنا يزيد في خير المطر. المواطن السوداني ومنذ 8991 أصبح يتابع أخبار النشرة الجوية التي يعدها الارصاد.. ونحن الآن في أمس الحاجة لنعرف من أين تأتي الرياح..!! وأخشى ان لا تستقر هل هى شمالية أم جنوبية والبعض يقول انها شرقية والبرق عبادي.. وهذا ينذر بمطر غزير. ٭ كل الدول الواقعة في حدود المطر تعرف كيف تستفيد من نقطة المطر إلا نحن ويللا نغني (يا مطيرة كبي لينا).. لنزرع ونرعى ونروي حدائقنا وكل هذا وبيوتنا سليمة.. وسالمة.