تتميز ولاية النيل الأبيض بخريف نشط، حيث تعتبر معدلات هطول الأمطار بها عالية مقارنة مع الولايات الأخرى، إذ تتراوح ما بين 300 ملم فى الشمال وأكثر من 600ملم فى جنوبها، وأحيانا تتسبب فى حدوث سيول جارفة تؤدى لانهيار للمنازل وقفل الطرق، وهذا مما يتطلب استعدادات مكثفة وتحوطات قبل فترة كافية من بداية فصل الخريف حتى لا تحدث كوارث كالتى شهدتها بعض المدن والقرى فى السنوات الماضية، حيث تعرضت محليات الجبلين والسلام وربك وكوستى لسيول أدت إلى هدم المئات من البيوت وتشريد عشرات الآلاف من الأسر، مما استدعى تدخل المركز لإنقاذ الموقف. الأمطار الغزيرة التى شهدتها الولاية خلال الأسبوع الماضى تبشر بخريف ناجح، وهى كانت بمثابة إنذار للسلطات والمواطنين بأن القادم سيكون أشد وأقوى، فهل استعدت حكومة الولاية والمحليات بالصورة التى تتناسب مع ما هو متوقع خلال الفترة المقبلة من ازدياد كبير فى معدل هطول الأمطار؟ الشواهد الآن تقول إن الاستعدادت لفصل الخريف الحالى كانت ضعيفة وبمثابة أداء للواجب فى بعض المحليات، بدليل فشل كل ما تم من حفريات وتنظيف للمجارى لتصريف مياه أول أمطار تهطل بالولاية يوم الاثنين الماضى، حيث عانت أجزاء واسعة بما فيها مدن ربك وكوستى والدويم كثيراً بسبب تراكم المياه فى بعض الشوارع الرئيسة والشوارع الداخلية لسوء التصريف، مما أعاق حركة المواطنين خصوصاً تلاميذالمدارس، وأجبرت بعض المدارس على إغلاق أبوابها حفاظاً على سلامة التلاميذ. وبعض المواطنين عزوا ضعف التصريف لطريقة الحفر التى يقوم بها عمال المحليات، مشيرين إلى أنها تتم بشكل عشوائى وتكرر ذات الأخطاء، حيث تترك أكوام التراب على جنبات المجارى مما يؤدى إلى دفنها مرة أخرى، وذكروا أن تنظيف المجارى أحياناً لا يتم حسب تضاريس الشوارع، وأن ذلك يؤدى إلى عودة المياه إلى داخل الأحياء بدلاً من تصريفها إلى خارجها. إلا أن هناك من يرى أن سلوكيات بعض المواطنين الخاطئة ولامبالاتهم تعيق عملية التصريف، وذلك لتركهم مخلفات المبانى على المجارى أو رميها فى الشوارع وبطريقة تؤدى إلى إعاقة انسياب المياه إلى المجارى الرئيسة، هذا إضافة لرمى الأوساخ والنفايات على المجارى، مؤكدين أن ذلك يبدد كل الجهود التى تبذل من أجل معالجة آثار الخريف، ويدفع المواطن ثمنه بتوفير بيئة صالحة لتوالد البعوض والحشرات الناقلة للعديد من الأمراض الفتاكة. الكثيرون أمنوا على أن عملية تصريف مياه الأمطار تقع مسؤوليتها على الجهات الحكومية فى المقام الأول ثم المواطن، وذلك بأن تقوم المحليات بدورها بالصورة المطلوبة من حفر وتنظيف المجاري بصورة جيدة، ورمي التراب والمخلفات الناتجة عن هذه العملية بعيداً عن المجاري حتى لا تعود إليها، وأن تتم الاستعانة بالخرائط القديمة التي تبين الأماكن المرتفعة من المنخفضة واتجاه انسياب المياه، وبالنسبة للمواطن يرون أنه يجب عليه أن يتعامل بوعى وعدم ترك مخلفات المباني والنفايات على المجاري، وأن يتعاون مع السلطات في تصريف المياه من الأحياء وإزالة أي عائق يقف أمامها.