محمد حامد الأمين [email protected] كان خريف عام 1988م خريفاً رهيباً بمعنى حيث لم أشهد في حياتي في ذلك الوقت مثله من حيث كمية الأمطار التي هطلت وعمومها على جميع أنحاء السودان في آن واحد حتى المناطق التي كانت فيها الأمطار قليلة أو نادرة في بعض الأحيان، وكانت النتيجة أن صارت كل أراضي السودان خضراء حتى أسقف المنازل الطينية وحيطانها ونبت ما لم يكن ينبت من قبل، ولكن كانت النظرة إلى تلك الأمطار بأنها كارثة بعد سقوط المنازل وجرف السيول للكثير من الممتلكات،ولم تكن الأمطار في يوم من الأيام كارثة أو غضب بل إنها خير عميم لو استغلت الاستقلال الصحيح، لكننا دائماً نتحدث عن الكارثة وننسى أننا السبب، وذلك ما يجلب الغضب ويحل الجفاف علينا ثم نستجدي العالم ليعطف علينا. وما يحدث اليوم بعد كل هذه السنين هو تكرار لما حدث ويحدث عاماً بعد عام قلت الأمطار أم كثرت، لماذا لا نخصص ميزانية لتلافي هذه الظروف والاستعداد لمقبل الأيام خصوصاً بعد وقوع الفأس في الرأس، لماذا لا يكون هناك نظام لتصريف مياه الأمطار؟ ولماذا لا نعمل حساب لمجاري السيول؟ وأهلنا في السودان يعرفون جيداً أن السيل لا يترك مجراه طال الزمن أو قصر، ويمكننا أن لا نمنع الناس من البناء في المناطق التي بها مجاري سيول، ولكن يمكننا تنظيمها بحيث يترك للسيل مجراه كما حاصل في كثير من البلدان، وبخصوص الميزانية، أين تذهب الأموال التي تدفع للمجالس والمحليات، ولماذا لا تتحمل الدولة رواتب هؤلاء العاملين ويخصص المال للصرف على كل محلية في مجال خدماتها. نرجو أن يلتفت المسؤولون إلى أمر الاستفادة من الأمطار وجعلها نعمة لا نقمة وحتى لا يرفع أهل السودان أكفهم بالدعاء حوالينا ولا علينا.