الأخ الصديق القارئ محمد النوبي بعث لي برسالة فاكسية يعلق فيها على القرار الذي قضى بتنسم مدراء الجامعات مقاعدهم بالانتخاب لا التعيين، وجاء عنوان تعليقه هكذا: «تكأكأ عليّ الأعاجم» وهي مقولة منسوبة للبروف العلامة الراحل عبد الله الطيب يرجح انه قالها على سبيل الدعابة والطرفة حين ترشح لمقعد مدير جامعة الخرطوم ولم يظفر به، وانما ناله احد الاساتذة النوبيون بانحياز واضح له من كل استاذ نوبي، وتلك أيام مضت مرحاً قضيناها كما يقول خريجو الكليات العسكرية، فنحن الآن على ايام يتكأكأ فيها التنظيم على كل شئ وليس الجامعات وحدها، ولهذا فإن أنسب ما يقال في هذا الصدد مع بعض التحريف هو قول عيسى بن عمر حين سقط من حمار له فاجتمع عليه الناس «ما لكم تكأكأتم على الوطن كتكأكئكم على ذي جنة افرنقعوا عنه». لعناية الاستاذ/ حيدر المكاشفي من ضمن القرارات المهمة للسيد رئيس الجمهورية في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر التعليم الذي عقد بقاعة الصداقة في الفترة من 19- 21 فبراير القرار الخاص بانتخاب مدراء الجامعات السودانية من منظومة مجلس الاستاذة وليس بقرارات جمهورية وهذا الاسلوب كان متبعا في وقت من الاوقات باعتباره الاسلوب الامثل، وسوف نعرض لمثالية هذا الاسلوب في ختام المقال. لكن بمناسبة هذا القرار وتأكيدا على جدواه، تقول الرواية ولست متأكدا ان كانت الرواية تعبر عن موقف حقيقي ام مجرد طرفة. يقولون إن العلامة الراحل البروفيسور عبد الله الطيب ابدى رغبة شديدة في تولي منصب مدير جامعة الخرطوم، وكان ذلك ايام البروف الراحل عمر عثمان الذي كان مديرا للجامعة آنذاك وتقول الرواية ان ثلة من الاساتذة الكبار بالجامعة كانوا «رطانة» تربطهم عصبية القبيلة بالبروفيسور عمر عثمان، تكتل هؤلاء الرطانة في معسكر البروفيسور عمر، الذي تم ترشيحه لدورة ثانية في مواجهة البروف عبد الله الطيب المتطلع. وجاءت النتيجة في صالح البروف عمر. وقال البروف عبد الله عندما سأله احدهم عن النتيجة. قال تكأكأ عليّ الأعاجم، إلا انه رضي بالعملية الديمقراطية التي أتت بالبروف عمر عثمان مديرا للجامعة لدورة ثانية. في تقديري ان المؤسسات الجامعية يجب ان تبتعد عن الاستقطابات السياسية في اطارها الاداري، ويجب ان يكون الحياد هو ديدن العمل الاداري في هذه المؤسسات، وكل ذلك بالتأكيد يصب في مصلحة الامانة العلمية وحيادية معايير التقييم بين الطلاب حتى لا يشعر أحدهم انه مسنود من جهة عليا وان غلطاته مغفورة ويذكر الناس جيدا امتحانات المجاهدين الخاصة وموضوع ال 10 درجات التي كانت تعطي للعائدين من مناطق العمليات، فضلا عن ان الاصل هو استقلالية مؤسسات التعليم العالي التي يعول عليها في رفد المجتمع بعلماء وكوادر حقيقيين لم تسندهم الا مقدراتهم وكفاءاتهم، وهكذا تستقيم الامور في المجتمع من خلال تولي هؤلاء النوابغ المراكز والمناصب بقوة وحجية الكفاءة. وصلاح العملية التعليمية هو الجوهر وحجر الزاوية في مختلف مناحي الحياة، بل في ثقة المجتمع في مخرجات العملية التعليمية، ولعل لامر التعليم علاقة مباشرة بالخدمة المدنية التي ترتفع فيها الاصوات هذه الايام قاصدة الاصلاح وقضية الخدمة المدنية ليست الولاء فحسب بل تدني كفاءتها باعتبارها احدى مخرجات العملية التعليمية. وللقرار أيضا علاقة مباشرة بظاهرة العنف الطلابي التي تمددت في الجامعات السودانية من خلال احساس بعض المجموعات الطلابية انها فوق القانون والمحاسبة. ويبقى الوطن محمد النوبي