* تبدو المقولة أعلاه هي أنسب مثل ومثال يمكن ان ينطبق هذه الأيام على جناحي جماعة أنصار السنة المحمدية: (الاصلاح بزعامة الشيخ أبو زيد محمد حمزة، والمركز العام بقيادة الدكتور اسماعيل عثمان). فمنذ حادثة حرق أضرحة (العيلفون) مروراً بحرق خيمة أنصار السنة بميدان المولد بأم درمان، والتيار السلفي يعيش في مأزق وورطة حقيقية أربكت ساحة السلفيين الى حد إعلان انصار السنة انسحابهم من احتفال ليالي المولد الاخيرة، وهو موقف قد يسجل لأول مرة كهزيمة تعرضت لها الجماعة في مواجهة التصوف.. * لكن رب ضارة نافعة، فقد اتفقت الجماعتان على موقف موحد تجاه نفسيهما وتبرئة ساحتهما مما نسب اليهما من اتهامات تتعلق بإقدامهما على الاعتداء على القباب وحرق الأضرحة، وهي تهمة أو قل فرية تحاول أجنحة الجماعة الرد عليها في كل مناسبة ومتى ما اتيحت لها فرصة للتعبير عن رفضهما لأسلوب وطريقة من أقدموا على الاعتداء واضرام النار في مقابر شيوخ العيلفون ادريس القابل ود الارباب. ففي حين نسب للزعيم التاريخي للسلفيين الشيخ ابو زيد ولأول وهلة عند وقوع الاعتداء على خيمة جماعة أنصار السنة (المركز العام) قوله انه ليس المعني بهذا الهجوم؛ لأن لهم مخيما منصوبا بساحة المولد بميدان المزاد بالخرطوم بحري، ولا علاقة لهم بخيمتي ام درمان وميدان المولد بالسجانة التابعتين للمركز العام. راجع الرجل السلفي لاحقا مواقفه وقاد وفده معلناً تضامنه ومؤازرته لاخوانه جناح المركز العام، واعتصم معهم في الحشد الجماهيري الكبير بمسجد الملك فيصل بحي العرضة أم درمان، وأكد وقوفه مع اخوانه (جماعة السجانة). وربما يكون العدو والخصم هو من جعل أنصار السنة يوحدون مواقفهم، لكن هل سيكون توحيد المواقف خطوة ومقدمة لتوحيد الصفوف والتنظيم والانخراط في كيان سلفي واحد مثلما كان الحال سابقاً، أم أن كراهية الطرفين وبغضهما للتصوف هو الدافع لتوحيد جبهة السلفيين التي اتسعت لتشمل حتى دعاة الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة، رغم ان الأخيرة ليست معنية بشكل مباشر بأحداث المولد الا ان رئيسها الشيخ الامين الحاج محمد احمد رد ببيان صحفي (مدفوع القيمة) على بيانات (تسجيلية) أصدرتها مجموعة تابعة للمجلس الأعلى للتصوف.. الكيان الجديد الذي ينسق بين جماعات الطرق الصوفية بعد المجلس الأعلى للذكر والذاكرين!!!. * ما يهمنا في هذا الشأن هو ظهور الشيخ أبو زيد محمد حمزة في مسجد المعهد العالي للدراسات الاسلامية بالكلاكلة والذي يتبع لجماعة أنصار السنة المركز العام، وهو ذات الجناح الذي اقصى الشيخ أبو زيد من موقعه التنظيمي حيث كان يشغل منصب الرجل الثاني في الجماعة بعد الشيخ الهدية رحمه الله وتم فصله من جماعة أنصار السنة الأمر الذي جعل الشيخ ابو زيد يقوم بتكوين جماعة موازية لجماعة المركز العام، بل ويدعو انصاره وتلاميذه لحشد جماهيري وشعبي بالثورة الحارة الأولى لعقد مؤتمر تأسيسي لجماعته معلناً انه هو الأصل وما عداه هو الفرع!!. * لكن.. اليوم يجتمع الأصل والفرع في شجرة واحدة وكأنه لم يعد هناك جناح وجناح آخر بل جناحان تطير بهما الطائرة السلفية في الاجواء الدعوية.. وربما يكون مجيء الشيخ أبو زيد لمسجد المركز العام بالكلاكلة معقل المعهد العالي لتخريج وتأهيل دعاة وكوادر انصار السنة الخطابية دليلا على أن مشروع الوحدة اصبح قاب قوسين أو أدنى.. وهو ما أكده الرجل خلال خطبته العصماء موضحاً أنه جاهز ومستعد لوضع يده مع يد أبنائه بالمركز العام، بل سيدعو قائد الجناح الثاني الدكتور اسماعيل عثمان لإلقاء خطبة جمعة في مسجده بالثورة الحارة الاولى مثلما خطب هو في معهد المركز العام!! وقال الشيخ أبو زيد إن الظرف أصبح مواتياً لوحدة الصف وانه ظل يدعو ليل ونهار لكي يجمع الله الشمل ويلم الصف ويوحد القلوب على كلمة التوحيد، وامعاناً في ارسال رسالة واضحة لجماعة المركز العام هاجم الشيخ ابو زيد من قاموا بالاعتداء على خيمة انصار السنة بميدان الخليفة بأم درمان حينما حرقوا الصيوان وحطموا الكراسي وجهاز مكبر الصوت (الساوند سيستم)، وانتقد مواقف الحكومة وتعاملها مع الحدث وكيف انها حولت المجرمين الى أبرياء، احرار وجعلت المعتدى عليهم محل اتهام سيقوا الى المستشفى للعلاج، ثم الى السجن باعتبارهم مجرمين. وقال ان الدولة حاولت محاباة ومجاملة الصوفية على حساب أنصار السنة وخصماً على وضعيتهم في الساحة الدعوية. * وحينما سألت الشيخ أبو زيد عن الجديد في امر وحدة جماعة انصار السنة وكيفية قراءة زيارته الى مسجد المركز العام، قال لي ان الزيارة جاءت تلبية لدعوة تلقاها من اناس (في المركز العام لم يسمهم في المركز العام في ناس بيحبونا وهم معانا بقلوبهم.. وما عاجبهم الحال الذي وصلت اليه الجماعة)!!! وأكد الشيخ أبو زيد انه يمد يده بيضاء من غير سوء لجماعة المركز العام ويدعوهم للعمل من اجل خير الجماعة.. وقال انه يكره الطائفية والحزبية ولا يعجبه الخلاف الذي حصل داخل جماعة انصار السنة، ومنذ وقت طويل يمد يده للطرف الثاني فلا يجد غير الرفض!! معرباً عن أمله في وحدة الجماعة ولم الشمل!! هذا ما كان من أمر الصوفية الذي وحد مواقف جناحي انصار السنة، فما هو العدو الخفي الآخر الذي جعل مشروع التقارب يصل لمراحل متقدمة لهذه الدرجة؟!. ما يتردد هذه الايام ان هناك من قصد تدبير الفتنة الدينية كما قال شيخ ابو زيد ان هناك من دبروا حادثة حرق الأضرحة وعمدوا الى اثارة الأزمة وتعميقها مع الطرق الصوفية.. بل وتتحدث بعض مجالس المدينة بأن الشيعة ورغم عدم وجود بينة واضحة ضدهم، الا انهم المتهم رقم واحد في قفص الاتهام، وذلك لسبب بسيط وهو أنهم لا يريدون وحدة انصار السنة او السلفيين عموماً، واستمرار الصراع بين السلفيين من جهة والتصوف من جهة أخرى. * ربما.. ذلك ان التيار السلفي ومنذ العام 2006م اظهر عداءً صارخا وقاد هجوما عنيفا ضد الشيعة، بل وطالبوا من قبل بحرق الكتب ومعرض الجناح الشيعي في معرض الخرطوم الدولي ومساءلة من سمحوا بإدخال هذه الكتب للسودان، ثم طالبوا بإغلاق المركز الثقافي الايراني، والحد من نشاط التشيع في البلاد.. ثم افردت صحيفة (المحرر) التابعة للتيار السروري السلفي صفحاتها وفتحتها للهجوم على الشيعة وايران وحزب الله اللبناني للدرجة التي قيل ان ايران الدولة احتجت رسميا لدى سفارة السودان بطهران.. وقامت الخارجية السودانية باستدعاء مجلس ادارة (المحرر) ومساءلته عن هذا الملف وقضايا اخرى متصلة بهذا الشأن، وهي ايراد عدد من اسماء الصحفيين بأنهم استلموا مبالغ من ايران واخرىن سافروا الى طهران، ثم ألف الدكتور مدثر احمد اسماعيل، الامين العام للرابطة الشرعية للدعاة والعلماء، كتابا يحذر فيه من الشيعة والتشيع وخطورته وتناميه بالبلاد!! وربما يكون الشيعة وجدوا فرصتهم وعبر اختراق الصوفية ليكونوا في مواجهة مباشرة مع السلفيين، وبالتالي حدث ما حدث مما قد يظهر ان الوجود والمخاطر الشيعية بالسودان هي ايضا كانت مبرراً وسببا كافيا لوحدة الجماعات السلفية!!! * ويتردد حالياً وسط انصار السنة ان هناك مبادرة صلح او وفاق مقدمة عن طريق عدد من الوسطاء من بينهم علماء ورأسمالية ودعاة كبار للاصلاح بين الشيخ ابو زيد وجماعة المركز العام، وتهدف المبادرة في أقل درجاتها ومطالبها حسب مصادر الى تنسيق المواقف والبرامج والمشروعات المشتركة في هذه المرحلة، على أن يتم ترحيل أية نقاط خلاف بين الطرفين للجان مشتركة بغية طرحها للتداول والنقاش والتفاكر، ووضع صياغة نهائية لمسودة يتم التوقيع عليها من الجانبين لتكون برنامج عمل في المرحلة المقبلة، تعقبها اجتماعات ولقاءات تنتهي بوحدة اندماجية شاملة للتنظيمين ليكونا في وعاء تنظيمي واحد بدلا من وجود اسمين ورئيسين وجماعتين يحملان نفس التوجهات والمبادئ والأهداف..