* محطة بابنوسة كبري المحطات الرئيسية في إقليم السكة الحديد الغربي تقع عند الكيلو «983» من الخرطوم وتتوسط المسافة بين محطة الرهد الكيلو «620» ونيالا نهاية السكة الحديد غرباً عند الكيلو «1318» وبابنوسة محطة تقاطع إذ يبدأ منها خط السكة الحديد المتجه جنوباً إلي واو التي تقع نهاية خط السكة الحديد فيها عند الكيلو «444» من بابنوسة.. وأشهر المحطات بين بابنوسة واو بعد محطة المجلد هي الفوده .. وبحر العرب.. وودويل.. أويل.. واو . وأشهر المحطات بين الرهدبابنوسة هي البركة.. الدبيبات.. أبوزبد.. رجل الفولة.. وبين بابنوسةونيالا تقع التبون.. وعديلة.. الضعين.. صليعة.. كاسب.. أم كردوس. وكانت قطارات الركاب أو «المشترك» النازلة من الخرطوم تحمل الرقم «27م» إلي نيالا حيث تحمل الرقم «28م» للطالعة للخرطوم بينما تحمل مشتركات الخرطوم واو الرقم «29م» و ؛30م» للنازلة والطالعة على التوالي.. إذن كانت السكة الحديد هي صرخة الميلاد لمدينة بابنوسة في ما بعد إذ كان فيها «رأس السكة» وما يتبع عملية مد الخطوط من عمالة ضخمة في الدريسة والورش والوابورات وصهاريج المياه والآبار والمباني والإشارات وأعداد من المهندسين والفنيين والأفندية.. ومفردات جديدة.. ووسائل جديدة للسفر .. وكسب العيش.. والفن والثقافة والأدب.. وزاد من ألق المدينة الوليدة قيام مصنع منتجات الألبان السوفياتي الصنع والخبرة والذي أنتج أجود ما تذوقته من لبن مجفف كانت ماركته التجارية «لبنوسة».. وكانت عربات المصنع المخصصة لجمع الألبان تطارد المسيرية في حلهم وترحالهم تشتري منهم اللبن الذي غالباً ما يصل «رايب» في أوضح صوره لسوء التخطيط إذ لم يكن للمصنع مزرعة أبقار ليغطي إنتاجها طاقة المصنع فتحول في ما بعد ذلك بكثير إلي تجفيف الكركدي والصمغ والعرديب قبل أن يتحول إلي كومة من الخردة.. وكانت مدينة بابنوسة تزدهي بكثير من الأنشطة الثقافية والرياضية التي يقيمها نادي السكة الحديد ونادي المصنع وكان جامع السوق من القش ويؤم المصلين فيه «شيخ العدوي» وجامع السكة الحديد الواسع وبدون أي أعمدة ويؤم المصلين فيه «شيخ أحميدي» وكان هناك إجزخانة السكة الحديد وفيها دكتور سيف.. والشفخانة وفيها المساعد الطبي شميله.. وكانت الحالات المحولة تسافر إلي مستشفي رجل الفولة الذي يبعد مسافة «73كلم» بسكة القطار من بابنوسة والذي يقطعه في افضل الحالات في ساعتين أما «الأتومبيل».. أو الشيطان قطع حبلو.. كما كان يطلق عليه السكان المحليين لسرعته «60كلم الساعة»!! فكان يصل في أكثر من ساعة بقليل.. وهذا يستخدم فقط في حالات ال «VIP».. وكانت الخضروات تصل بالقطار من نيالا.. والصحف والمجلات تصل بالقطار من الخرطوم مع وكيل البوستة السفري . * كانت بابنوسة معقلاً لنشاط اليساريين الذين كانت تبعدهم السكة الحديد من عطبرةوالخرطوم «وتنفيهم» إلي بابنوسة وزاد من نشاطهم وجود قاعدة من الخبراء والفنيين الروس في مصنع الألبان ولديهم نادي وسينما للأفلام السوفيتية ومكتبة ومعهد لتدريس اللغة الروسية.. ولعل بابنوسة هي المدينة السودانية الوحيدة التي احتفلت بالعيد المئوي لميلاد الرفيق «فلاديمير إليتش لينين» وعند وقوع انقلاب هاشم العطا كانت الاعتقالات قد شملت الكثيرين في بابنوسة ومنهم «الرفيق» المهندس هاشم محمد أحمد مدير قسم الهندسة المدنية بالسكة الحديد ببابنوسة.. ولم تكن الأحياء المحيطة بالمدينة.. خارج نطاق منازل السكة الحديد للعمال وكبار الموظفين ومنازل مصنع الألبان.. سوي منازل من القش أوالجالوص المطلي بالزيت الراجع أو بيوت الفلنكة الخشبية مثل حي الغُبِّيش.. أو فريق زغاوة.. أو القبة .. قبة الشيخ علي أبو قرون.. وحتي دار الرياضة كانت مُسوَّرة بالفلنكة . إذ لم تكن الفلنكات الخرصانية قد برزت للوجود وقد افتتح السيد الرئيس أول مصنع لها ببحري قبل بضعه أيام وسنفرد لذلك مقالاً خاصاً حيَّا الله الباشمهندس مكاوي وأبناء السكة الحديد وقد كان يُطلق عليهم في بابنوسة بادئ الأمر «السكَّاكة». وكان بسوق بابنوسة من التجار حمد ود العيلة.. ومحمد ود الرهد.. وعبد الرحمن البقاري.. وعبد اللطيف عبد القادر .. وأستوديو التضامن.. ومكتبة حامد.. وحليمة الداية.. وزاويه شيخ أحمد الختمي.. * ثم دار الزمان دورته فأصبحت بابنوسة مدينة وعاصمة محلية يُشار إليها بالبنان.. وتناهي إلي سمعنا أخبار مسيرات غاضبة تطالب بالخدمات.. وبابنوسة تستاهل كل خير ففيها بدأت أنشطة شيفرون.. وشركاتها المساعدة.. شركة جيوتهنكا اليوغسلافية للمياه الجوفية ومنها بدأت حملة محاربة العطش إبَّان عهد النميري.. بابنوسة احدي أهم مدن غرب كردفان التي راحت ولايتها مهراً للسلام.. وكانت حلقة الوصل الأقوي بين الشمال والجنوب أكثر من النقل النهري في كوستي أو النقل الجوي من مطار الخرطوم إلي جوبا.. وستشهد بابنوسة إنطلاقة خط السكة الحديد الموازي حتي الفاشر .. وشبابها يحتج على تردي الخدمات الصحية والتعليمية والتنموية ويطالب بتنفيذ طريق المجلد بابنوسه «34كلم» وتوظيف الخريجين وكلها مطالب مشروعة وعدت قيادة الولاية بحلها.. لكنها لم تفعل حتي بلغت الاحتجاجات «أربعة»!! فهل نحتاج للخامسة حتى نتحرك.. التحية لشباب بابنوسة الكانت كتيره فلوسها. وهذا هو المفروض