السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السكة حديد ... عفواً لا تضبط ساعتك الآن!
نشر في الانتباهة يوم 06 - 05 - 2012

عندما هممت بإجراء هذا التحقيق انتابتني الحيرة من أين أبدأ، فمنذ نعومة اظافرى لم استقل القطار، وعندما تجولت داخل هذه المساحة احسست بأنني عدت الى حقبة الستينيات وأنا اقرأ اللافتات التي تحمل مسميات قديمة، وشعرت بالألم يعتصر قلبي لتلك القطارات المتهالكة «الخردة» وهي قابعة في وسط الورش، وقد اطبق الصمت حول المكان، وكأن كل قاطرة من تلك القاطرات لها قصة دفنها الإهمال والنسيان، وتساءلت من هو المسؤول عما وصلت اليه السكة حديد؟ هل هي الأوضاع السياسة ام الاقتصادية وما هو مصير قروض السكة حديد؟ وأين اختفت فلنكاتها؟ الذين عاصروا زمن المستعمر أشاروا إلى دقة وصول قاطرات السكة حديد فى مواعيدها، حتى أنه من الممكن أن تضبط ساعتك عليها، ولهذا فإن الواقع الآن يتخطى هذا السؤال المترف الى ما هو أهم، وهو ما هو مستقبل السكة حديد الآن في ظل تلك الأوضاع؟
تاريخ السكة حديد
يبلغ طول خطوط سكك حديد السودان وهي واحدة من أطول الخطوط في أفريقيا «5000» كيلومتر تمتد من بورتسودان على البحر الأحمر إلى نيالا في الغرب، ومن وادي حلفا على الحدود المصرية إلى واو في جنوب السودان.
وحمولة قطاراتها الحالية أقل من «6%» من البضائع والركاب. وآخر قطار ركاب غادر محطة الخرطوم كان قبل ستة أشهر حسب قول شرطي كان يقوم بحراسة مبانٍ خالية. وشرطي الحراسة قال إن القطار من قبل كان يسير مرتين في الأسبوع ويغادر الخرطوم في الصباح الباكر ويصل وادي حلفا في مساء اليوم التالي مسافة تقدر بنحو «900» كيلومتر.
عقوبات اقتصادية

ازدهرت سكك حديد السودان في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، مدفوعة بازدهار القطاع الزراعي والاستثمار الأجنبي، وتدهورها يعكس ركود الاقتصاد السوداني، وأول خط سكة حديد انشئ في أواخر القرن التاسع عشر على يد البريطانيين لمساندة عملياتهم الحربية ضد الزعيم محمد أحمد المهدي الذي هزم القوات الاستعمارية قبل ذلك بنمو عشرة أعوام. ولاحقاً تم تمديد السكة الحديد لاستخدامها تجارياً لتصدير المواشي والسكر والقطن من ولاية الجزيرة قلب الزراعة في السودان وهي ولاية تقع جنوب الخرطوم بين النيلين الابيض والازرق، هكذا ابتدر مدير هيئة سكة حديد السودان مكاوى محمد عوض مكاوى. ومثل غيره من المسؤولين الحكوميين يلقى مدير الهيئة باللائمة على الحالة البائسة لنظام خط القضيب الضيق نتيجة للعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة عام 1991م، وتجددت تلك العقوبات في نوفمبر الماضي، والخطوط الموجودة حالياً قديمة جداً. وقد شيدت «73%» من خطوط السكة الحديد قبل عام 1930م، وفي غضون نصف قرن لم تنشئ الهيئة سوى «50» كيلومتراً لبناء خط فرعي يربط المجلد بحقل نفط أبو جابرة. ويقول إن أول خط سكة حديد أنشئ في أواخر القرن التاسع عشر، ويقول مدير هيئة سكك حديد السودان مكاوي عوض مكاوي إن هناك قطارات ركاب مازالت تعمل، ولكنه أقر بأن ذلك نادر الحصول وإن غالبية قاطراتها امريكية الصنع وغالبيتها معطلة بسبب العقوبات، ولا يستطيع الحصول على قطع الغيار.. فتحاول الهيئة التمويل اللازم لإضافة خط آخر حتى تتمكن من نقل معدات وبضائع وركاب أكثر. وتمكنت الحكومة من شراء قاطرات صينية في السنوات الأخيرة، إلا أن خططها لإنشاء خط جديد من بورتسودان إلى الخرطوم وهو أكثر الخطوط حركة وقد تكلف أكثر من مليار دولار امريكي، وهو مبلغ لا تملكه الحكومة. ويمضى مدير الهيئة قائلاً: والخطوط الموجودة حالياً قديمة جداً، وقد شيدت «73%» من خطوط السكة الحديد قبل عام 1930م، وفي غضون نصف قرن لم تنشئ الهيئة سوى «50» كيلومتراً لبناء خط فرعي يربط المجلد بحقل نفط أبو جابرة.
نهضة اقتصادية ولكن؟
أما حمد عثمان فقد ذكر أن مد السكة حديد عبر الأراضي السودانية هو الهدف الاساسي لاحتلال السودان من قبل الانجليز، حيث بدأت خطوط السكة حديد من مدينة حلفا في شمال السودان في العقد الاول من القرن التاسع عشر إبان حملة عسكرية بقيادة غردون باشا، وكانت تدار بلوائح دقيقة يحفظها كل من كان يعمل في السكة حديد، أهمها الاهتمام بالوقت والمظهر العام، الأمر الذي ساعد على ازدهار الاقتصاد، حيث كانت السكة حديد سبباً في قيام مشروعات عظيمة، مثل مشروع الجزيرة وقيام خزان مكوار وخزان سنار. وبسبب السكة حديد وصل القطن السوداني الى مصانع مدينة مانشيستر البريطانية، كما اننا كنا نملك مدارس صناعية بنفس مناهج الانجليز، فاستطعنا تخريج دفعات من الطلاب الصناعيين والفنيين بنفس الخبرة البريطانية، ومن المدارس الرائدة مدرسة جبيت الصناعية.
تقاطعات السياسة
أما أحمد سيكا نبقا بروفيسور بجامعة ولاية أوهايو الامريكية، فيشير إلى عامل آخر لتدهور السكة الحديد، وهو تصميم الحكومات المتعاقبة في السودان على قمع نقابة عمال السكة الحديد التي كانت تعتبر جوهر الحركة العمالية القومية في السودان. وواصلت السكة الحديد ازدهارها حتى أوائل الثمانينيات، ولكنها تدهورت نتيجة عوامل اقتصادية وسياسية. ويضيف سيكا نبقا قوله: «ان الحكومة الحالية تتحمل مسؤولية كبيرة، إذ انها فككت ما تبقى من السكة الحديد، ففي عام 1991م طردت الحكومة الآلاف من عمال السكة الحديد ونشطاء نقابيين. فلذلك أعتقد أن هذا لا يمت بصلة للعقوبات الاقتصادية، ومرتبات عمال السكة الحديد ضعيفة والهيئة تعاني مشكلات ادارية مزمنة، والقطارات والخطوط تتطلب صيانة شاملة. ويحكي ابراهيم علي عن تجربة قاسية مرت به العام الماضي، فالمهندس البالغ من العمر «28» عاماً يعمل فى وظيفة في صندوق التنمية الريفية في نيالا جنوب دارفور، وتمكن من الحصول على «5» تراكتورات من الخرطوم، ولذلك قرر أن يشحنها في القطار، ويقول غادرت الخرطوم في 31 مايو ووصلت نيالا يوم 13 يونيو.. وتوقف بنا القطار يوماً كاملاً في سنار لأسباب فنية، ومرة أخرى في كوستي لثلاثة أيام، وبعد ذلك توقف القطار في الرهد «12» يوماً لاصلاحات فنية.. وتأخرنا أيضاً بسبب القتال في دارفور.
تشريد العمالة
وعن حال معاشيي السكة حديد يقول جبريل علي جبريل «ناظر محطة بالمعاش»: ماذا اقول عن حال المعاشيين، فنحن نعيش مآسي حقيقية، ولكن يكفي أن أحدثك عن السكن، فعندما أغلق قسم السكة حديد بمدينة كسلا عام 1996م، منحنا السكن بنفس المنازل التي نشغلها اثناء الخدمة، وكان ذلك تقديراً لخدمتنا الطويلة، ثم بعد هذا التاريخ تعاقب على هيئة السكة حديد أربعة مديرين، وكل مدير يأتي الينا وفي اولياته زيادة الايجار حتي تجاوز سقفها مقدار المعاش الذي نصرفه، واكثر ما نعانيه الآن وفي عهد الادارة الحالية هو قرار زيادة الايجارات بنسبة 100%، دون مراعاة لظروف المعاشيين والغلاء، وهذا طبعا قصد به تشريدنا، إذا أننا اذا لم ندفع الايجار علينا مغادرة البيوت والتشرد، وهذا «طرد بالبارد»، وبالفعل عجز بعضنا عن دفعه، وبالتالي تراكمت عليهم مبالغ خرافية، فاصبحوا بين امرين احلاهما مر، إما مغادرة البيت والتشرد بالشوارع او الذهاب للسجن نتيجة المتأخرات، وفي الحالين تتم مغادرة البيت.
خيبة الأمل
ويواصل جبريل قائلاً: طبعاً لم نسكت، وخاطبنا المدير العام بفاكس كتبنا فيه بتاريخ 25/12/2011م «سيدي المدير العام.... قراركم بزيادة الأجور بنسبة 100% قرار على العين والرأس.. ولكن نرجو اللطف»، ولم يصلنا رد، فقمنا بأرسال ثلاثة رجال من بينهم شخصي الضعيف بطلب استرحام، وعندما وصلنا مكتب المدير العام وجلسنا جاء داخلا مكتبه دون القاء السلام علينا، بل سأل السكرتيرة بلهجة زاجرة «من هؤلاء الشيوخ»، ثم خرجنا من مكتبه وبعد عدة محاولات للقائه حولنا لعدة جهات، ليأتي قرارها مخيباً للآمال ومحبطاً، وأمرنا أن يتقدم كل فرد بمظلمته منفرداً حتى ينظر في أمره.
حجر زاوية
وعن الأهمية الاقتصادية للنقل والسكة حديد يقول عثمان حيدر عبد الهادي اختصاصي التخطيط وهندسة المرور: تعد صناعة النقل من أهم الصناعات التي حدث في محيطها تطور كبير، كما كانت لوسائل النقل إسهامات ضخمة وآثار ملموسة في التطور الاقتصادي بصورة عامة، حيث يمثل النقل حجر الزاوية للتنمية الاقتصادية والحضارة لأي بلد. واهتمت الكثير من الدراسات ببحث الآثار الاقتصادية والتنموية لمشروعات النقل، وتوصلت إلى حقائق مهمة، وهي أن مشروعات النقل التي تمس عدداً كبيراً من المستخدمين تؤدي إلى آثار جوهرية على بعض القطاعات والأنشطة الأخرى في المجتمع، مثل توفير فرص عمل جديدة، وزيادة إنتاجية العمالة القائمة، وتوليد قدر من الدخول للأنشطة الاقتصادية والتجارية التي يقع بها المشروع، وأردف قائلاً: مشروعات النقل العام بالمترو والسكك الحديدية التي يترتب عليها تحويل قدر من مستخدمي النقل الخاص إلى استخدام النقل العام، تؤدي منافع إقليمية هائلة من خلال الإنفاق على وسائل النقل العام سواء في الاستثمارات أو التشغيل، وتعمل على توليد منافع اقتصادية في صورة فرص عمالة جديدة ودخول للأنشطة الاقتصادية أكثر من تلك المتولدة من الإنفاق على وسائل النقل الخاص، بالإضافة للتوسع الرأسي في استخدامات الأراضي وارتفاع قيمة الأراضي المستفيدة من مشروع النقل. وفي دراسة امريكية اجريت بولاية Texa توصلت إلى أن مشروع النقل الذي يؤدي إلى انتقال 1% «53 مليون مركبة ميل» من السيارات الخاصة إذا استخدمت النقل العام سوف يؤدي إلى خلق حوالى 226 وظيفة جديدة ويولد دخولاً للأنشطة الأخرى في الإقليم تعادل 2.9 مليون دولار. كما أيضا توصلت إلى أن كل مليون دولار ينتقل من الإنفاق على النقل الخاص «السيارة الخاصة» إلى الإنفاق على النقل العام سوف يولد 900 ألف دولار دخولاً للأنشطة الأخرى بالإقليم ويولد 53.8 فرصة عمل.
إهدار للمال
ويمضي حيدر قائلاً: أيضاً قامت الجمعية الأمريكية للنقل العام بدراسة خلصت إلى انه اذا تم إنفاق مليون دولار في مشروعات النقل العام فإن ذلك سيؤدى الى عدة ايجابيات مثل توليد 31.4 فرصة عمل جديدة إذا تم إنفاقه في صورة استثمارات، ويولد 57 فرصة عمل إذا تم إنفاقه على عمليات التشغيل. وزيادة مبيعات الأنشطة التجارية والصناعية وغيرها بحوالى 3 ملايين دولار، بالاضافة إلى توفير ما قيمته 1.5 مليون دولار في الوقت وتكاليف تشغيل المركبات لمستخدمي النقل العام. وتوليد منافع طويلة الأجل للأنشطة التجارية والصناعية وغيرها بما يعادل 3.1 مليون دولار. وزيادة الدخل الشخصي للأفراد بما يعادل 1.8 مليون دولار، بخلاف المنافع الأخرى الخاصة بتحسن جودة الحياة في المنطقة مثل المنافع البيئية وزيادة الرفاهية الاجتماعية. اما الانعكاسات الإيجابية لمشروعات النقل على التنمية الاقتصادية، فنجد أن السكة الحديدية تشغل مساحات شاسعة من قلب الخرطوم، بل شكلت بوجودها المعقد فنياً حصاراً على مركز المدينة، ومحدودية التوسع الأفقي للمركز، وتهدر الخرطوم أكثر من مليون جنيه يومياً في الاختناقات المرورية ومشكلات النقل بسبب الموقع الجغرافي لها وفي وجود مرافق السكة حديد السطحية، بجانب احتفاظ السكة حديد بحقها في إغلاق المحاور الرئيسة المتقاطعة على طول مساراتها وفق قاعدة قديمة تمنحها الحق في ذلك، وهو ما يعد مغايراً للقانون الذي يمنح الأولوية للمنفعة العامة، ومخالفاً لمبادئ علم الاقتصاد الذي يقوم على حسابات التكلفة والإيراد مقارنة بوحدة الزمن لحساب الأرباح المباشرة وغير المباشرة، ويعد فتح التقاطعات الرئيسية لمركز الخرطوم مع السكة حديد من أولى الأولويات من حيث الاقتصاد القومي، حيث أن مركز الخرطوم يشمل مقار الحكم القومي، كما أن الوقود المهدر بالتقاطعات والاختناقات تقوم الحكومة القومية بدعمه بنسبة 50% من جملة الإيرادات، عليه فإن الحكومة القومية تخسر زهاء نصف مليون جنيه في تلك الاختناقات، أي ما يفوق 150 مليون جنيه سنوياً فقط في الوقود، بخلاف إهدار ساعات العمل والتلوث البيئي والصحة العامة جراء الاختناقات المرورية، ويعد استثمار مساحات السكة حديد ونقل مرافقها وخدماتها إلى خارج مركز المدينة من الأهمية بمكان لجذب الاستثمارات وحلّ الضائقات المرورية، وشمول خطوط السكة حديد بمعالجات جذرية مستقبلاً مع تقاطعات محاور مركز المدينة إما بنفق عميق أو كوبري علوي، وهو أوفر من ناحية التكاليف بدلاً من إنشاء كبارٍ أو أنفاق لكل المحاور المرورية المتقاطعة مع السكة حديد وعددها «13» محوراً، وذلك لأن المقارنة تعقد بالتكلفة الكلية التي تشمل عروض الكباري وأطوالها وأطوال منحدراتها «المطالع والنازل» والمعالجات المرورية التي يجب أن تقام عند نهاياتها. وبتقييم الوضع الراهن للسكك الحديدية فإن أنظمة خصخصة المرافق وإدخال القطاع الخاص في إدارتها من أميز الأنظمة، شريطة إلزام تلك الشركات بتقديم الخدمات المناطة بها، واحتفاظ الدولة بحصة في رأس المال لضمان جودة الأداء والتشغيل، باعتباره أحد أنظمة عقود حق الانتفاع بإدارة المرافق وتقديم الخدمات التي يجب أن تطرح في منافسات وعطاءات عامة ودولية مفتوحة لجلب مزيد من الاستثمارات للبلاد، وللسودان سابق تجربة ناجحة في مجال خصخصة المرافق كمثيلاتها في وزارة الكهرباء والسدود التي تبلورت في عدد من الشركات المتخصصة والمتكاملة من حيث الأدوار، كذلك هناك تجارب لقطاع النقل الجوي والمطارات في دول عربية وإقليمية عدة التي حققت نجاحاً في تحويل مرافق ووسائل النقل من القطاع العام إلى القطاع الخاص التساهمي، وحققت إنجازات بإدخال المكونات الأجنبية جنباً إلى جنب مع المكونات المحلية الوطنية للاستفادة من الخبرات الفنية والإدارية والمالية. كما أن السكك الحديدية لا يجب أن ينظر إليها باعتبارها خدمة نقل وطنية فقط، وإنما يجب أن تتعدى آفاقها لتصبح ناقلاً إستراتيجياً لدول العمق الإفريقي مستفيدة من موقع السودان الشرقي الوسطي للقارة الإفريقية واستواء تضاريسه، وقد بدأت السكك الحديدية في نظرتها الإستراتيجية بوصفها ناقلاً إقليمياً وقارياً من خلال مشروع الخط الحديدي بورتسودان داكار، وهو ما سينعش الأسواق الإفريقية إنتاجاً واستهلاكاً، خاصة أن الأنظار معقودة الآن على تلك القارة في أعقاب الانهيار الاقتصادي العالمي واستنفاد ثروات الدول المتقدمة.
العقدة في المنشار
ويرى حيدر أن مستقبل السكة حديد مرهون برؤى وخبرات وعقول القائمين على أمرها، ويجب أن يحدث هناك مزيد من التطوير سواء على الصعيد الإداري أو الفني للكوادر العاملة، ويجب أن تنفتح على اقتصاديات العالم وتستغل ما لها من امتيازات وتنظر نظرة إستراتيجية شمولية، وتتخلص من النظرة الضيقة لاستغلال المتاح، وتترك المبادرة لاستخراج ثرواتها التي يتوقع الخبراء الاقتصاديون أن تحتل درجة متقدمة من حيث الدخل القومي للبلاد، فقط لو نظرت إلى إمكاناتها باعتبارها صناعة نقل وليست خدمات نقل فقط من وجهة نظر الاقتصاد الحر.
سوق الفلنكات:
بعد طول بحث وجدناها بمنطقة الجرافة بسوق خصص لبيعها، ولكن بطريقة غير معلنة، حيث قال التاجر إن هذه الفلنكات تأتي مهربة من منطقة أبو حمد، أما عن فلنكات الخرطوم فقال «دي انتهت زمان» أما عن سعرها فقد قال: نحن نبيعها بالقنطار، حيث نبيع الفلنكات كاملة والقنطار منها بمبلغ 20 جنيهاً، اما التي يتم قطعها فنقيمها بواسطة المنشار، فنبيع الجوز منها مبلغ 20 جنيهاً ايضا والحديث للتاجر - ولكن غالباً هذه الفلنكات تجلب من خارج ولاية الخرطوم، لأن فلنكات السكة حديد الخرطوم انتهت، لذا فأغلبها نجلبه من منطقة أبو حمد، وطبعاً الاقبال كبير عليها لأنها تستخدم في عرش الحمامات البلدية نظراً لقوتها ومتانتها.
النقل تترافع:
السيد صلاح عبد الدافع الناطق الرسمي باسم وزارة النقل والطرق والجسور قال: هناك برنامج ثلاثي لخطة مستقبلية لتطوير السكة حديد يبدأ من عام 2011م ويستمر إلى عام 2013م، ويتمثل في إعادة هيكلة السكة حديد وفق هيكل تنظيمي ووظيفي، وأيضاً خفض تكلفة تشغيل السكة حديد، وتطبيق قرار مجلس الوزراء القاضي بخروج السكة حديد من عمليات التشغيل، والبدء تنفيذ خط الخرطوم بورتسودان بالاتساع القياسي، وتكملة تأهيل خط الخرطوم عطبرة، والشروع في تأهيل خط عطبرة بورتسودان، وتكملة تشييد خط بابنوسة نيالا، وتكلمة الوحدات التي تربط السكة حديد بمشروعات التنمية القومية، وتأهيل خط الخرطوم مدني سنار، وتأهيل الأسطول الناقل، ولا توجد قروض في الوقت الراهن، إلا أن هناك مشروعات ممولة عبر وزارة المالية، وأيضاً توجد خصخصة، بل هناك مشروعات فعَّالة عبر شركات خاصة بامتلاكها لأسطول ناقل وساحب أتاحت فرص عمل جديدية للعمال، أما بالنسبة لسوق الفلنكات فيتم التخلص من غير الصالحة عبر بيعها عبر لجان، أما عن منازل السكة حديد فكلها مشغولة بسكانها، وتوزع حسب الضوابط التي تحكمها لائحة إسكان العاملين لسنة 1998م.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.