في تقديري أن كثيراً من الذين يملأون الدنيا ضجيجاً ويهاجمون قانون 2005م لم يطلعوا على القانون، وكثير من القلة التي اطلعت على القانون لم يدققوا في تفاصيله، وكثير من القلة التي وقفت عند تفاصيل بنود القانون لم يفطنوا إلى ما رمت إليه الكلمات التي انتقاها المشروع بكل عناية، بل كثير من أولئك لم يتمعن في حكم مشروعية كل نص. القانون وضع مسودته فريق الإصلاح المؤسسي برئاسة العالم الجليل والإداري المقتدر السياسي المحنك بروفيسور عبد الله أحمد عبد الله، وبذل ذلك الفريق بتلك القيادة المتفردة، بذل جهداً كبيراً فيه إعمال للفكر، واستفاد من الخبرة الثرة التي توفرت لقائده، وأخرجت لنا مسودة القانون الذي لو تم تنفيذه كما صممه الفريق لكان الحل الناجح لمشكلات مشروع الجزيرة، لذلك فقد كنت ومازلت أكرر وبالصوت العالي «المشكلة ليست في القانون بل المشكلة في التنفيذ». وهدف منفذو القانون لإضعاف دور الدولة وكذلك إضعاف دور الروابط وإزاحة ملاك الأراضي من ساحة المشروع، وإضعاف دور الدولة ظهر جلياً في معارضة مجلس الإدارة وإسناد مسؤولية صيانة وتشغيل قنوات الري «الترع الرئيسية والفروع والمواجر» لوزارة الري والموارد المائية، ونجحوا في إصدار قرار من النهضة الزراعية بأيلولة قنوات الري لإدارة المشروع، مخالفين بذلك النص الواضح في المادة «18/1» للقانون. وتنوي وزارة الري والموارد المائية تشغيل وصيانة قنوات الري، وبما أن القانون يتركز على دور روابط مستخدمي المياه فإنه يعتبر تلك الروابط أعمدة المشروع، فقد صوب مجلس الإدارة مدافعة عن تلك الروابط بإبقائها فقط على مستوى القنوات، بينما ينص القانون على أن «تنشأ روابط لمستخدمي المياه على مستوى المشروع»، ويعني ذلك التكوين الهرمي للروابط وأن تكون الوحدة الأساسية رابطة التفتيش او منطقة الري كما سماها مجلس الإدارة. ونص القانون أيضا على «أن تسند لها مهام في تشغيل وصيانة وإدارة قنوات الحقل». وتجاهل مجلس الإدارة كلمة إدارة التي قصد منها المشروع أن تتولى الروابط مهام التمويل وتحضير الارض وتوفير كل المدخلات من بذور وسماد ومبيدات حشائش، وتجاهل مجلس الإدارة ذلك ليخلف. وكانت الروابط «شركات الخدمات التكاملة» التي ظهرت على السطح هذا الموسم. وأتوقع أن تسمح ل «شركة الإمداد المائي» لتحل محل وزارة الري والموارد المائية في تشغيل وصيانة قنوات الري. أكرر قولي بأن المشكلة ليست في القانون وإنما المشكلة في التنفيذ الذي لا صلة له ولا علاقة بنصوص القانون لا من قريب ولا من بعيد. كما أشير إلى أن الإطماء مهدد خطير جداً لشبكة الري بمشروع الجزيرة.