وصلتني دعوة رسمية من رئيس اللجنة العليا الأستاذ علي حسين اليوحة للمشاركة مع المدعوين العرب وبعض الاجانب لمؤتمر القرين الثامن عشر بدولة الكويت في الفترة من السادس والعشرين الى التاسع والعشرين من شهر فبراير 2012م. فبدأ الاستقبال في مطار الكويت الدولي، واستقبلنا وزميلي الموسيقي المعروف في الوسط الفني العربي المدعو الاستاذ حمادي بن عثمان من تونس. وتوجهنا إلى فندق المريدين للاستراحة في الليلة نفسها.. وكان من حظي دعوتنا في مساء اليوم التالي لمشاهدة الفرقة القومية الكويتية المعروفة بفرقة صالح الزايد للفنون الشعبية الكويتية. فكان من فعاليات مهرجان القرين الثقافي الثامن عشر حفل فرقة صالح الزايد للفنون الشعبية بدورها الناجح على ساحة المتحف البحري في الكويت، فقدمت في البداية رقصات حركية جماعية أداها بعض الشبان الكويتيين بطابعها الشعبي المعروف عندهم بالعرضات النجدية الكويتية التي قدمتها الفرقة بتناسق وروحية جيدة شديدة الانسجام متضمنة مراحلها بحقب تاريخية خالصة لتاريخ التراث الشعبي دولة الكويت، فغلبت على الحفل أجواء التفاعل والتجاوب مع غلبة الجمهور الذين احتشدوا والتفوا حول الساحة العريضة للمتابعة والتشجيع بالتصفيق والرقص الفردي والجماعي، وهم يرددون مع فرقة صالح زايد الكثير من الاغاني الشعبية الكويتية القديمة. وعند فترة الراحة تحدث نائب رئيس الفرقة السيد سليمان صالح الزايد، معبراً عن سعادته التامة بالمشاركة والحضور لمهرجان القرين الثامن، مستعرضاً برنامج الفرقة القادم بعد فترة الراحة. وقدمت فيه العرضات النجدية التي تشمل الأغاني الوطنية الحربية المشهود عليها بالحماسة والإنشاد بالغناء الجماعي من مطربي الفرقة التي يمثل شعارها اليقظة الشجاعة في ساحة الحرب، مستخدمين السيوف في الرقص الجماعي، وهم يؤدون عرضات ذات أغانٍ منسجمة مع ضروب الإيقاع وحركة الرقص الشعبي الجماعي الذي اشترك فيها خمسة وعشرون راقصاً شعبياً تكونت عناصرهم من أجيال مختلفة، باعتبار أن الشباب عنصر أساسي حريص على تعلم الرقصات وأغانيها الشعبية التراثية. ففرقة صالح الزايد الشعبية الكويتية أسسها الفنان صالح الزايد الحايلي في أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن الماضي من مجموعة طيبة من الشباب الكويتي الذين اعتمدوا على تنظيم أنفسهم بإعداد رقصة العرضة التراثية الكويتية التي اجتهد ابطالها بالنجاح التام في عروضها المسرحية في المواقع الشعبية. وبذلك تم ضمها رعايتها الى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ومن ثم الى جمعية الفنانين الكويتية، ومنها آلت رعايتها للمجلس الوطني للتربية والثقافة والفنون والآداب في دولة الكويت لمواصلة مسيرتها في احياء التراث الفني الشعبي الكويتي. فرقة الفنون الشعبية السودانية بمهرجان القرين بدولة الكويت كانت لفعاليات فرقة الفنون الشعبية السودانية مكانة عالية في مشاركة مهرجان القرين الثقافي الثمن عشر بدولة الكويت هذا العام علي ساحة المدرج الروماني بسوق شرق الكويتي، حيث قدمت تراثا منوعا لرقصات من الفنون الشعبية السودانية، تجاوب معها الجمهور الكويتي الذي احتشد حول الحلقة للمشاهدة والتشجيع والطرب الموسيقي الذي غلبت عليه اجواء التفاعل والتجاوب مع الذين تجاوبوا معه بالتصفيق والرقص الفردي والجماعي.. ويرجع ذلك إلى أثر تبادل الزيارات الفنية القديمة بين دولة الكويت والسودان، وخاصة عند زيارة أمير الكويت الاسبق سالم الصباح للسودان في عهد الرئيس الراحل جعفر محمد نميري عام 1974م، حيث كان الرئيس الاسبق جعفر محمد نميري مهتماً غاية الاهتمام بالفنون الشعبية في كل انحاء السودان، التي فتح عروضها على خشبة المسرح القومي بأم درمان لعرض فنونها الشعبية كل عام.. وكانت كل القبائل في السودان تشارك في ذلك، وكذلك الاهتمام بفرقة الاكروبات السودانية التي قدمت محافلها في الدول العربية. والموسيقى السودانية بعروض اوركسترا المعهد العالي للموسيقى والمسرح السودانية بكامل عدتها الاوركسترالية بأنواعها الخشبية والنحاسية والوترية والنبرية والايقاعية واصوات الكورال المشبع بالاصوات التوافقية «الهارمونية» والمضادة «الكاوتربونطية» في الغناء الوطني والدنيوي ذي القوالب السودانية العربية في غناء المنولوجات الهادفة.. والقصائد والاهازيج النغمية الراقصة. وتحدث في هذا الجانب الدكتور عثمان عبده في مقدمة تعريفية عن المشاركة في مهرجان القرين، بانتهاز الفرقة للمشاركة بالرغم ان وجودها في دولة الكويت كان للاحتفال باستقلال السودان في السفارة السودانية، وجاءت مشاركتهم لمؤتمر القرين حباً في مشاركة الاصدقاء الكويتيين وزيادة لتعمق المعرفة بالجمهور الكويتي ومحبته للفنون الشعبية التي تعودوا على مشاهدتها والاستمتاع بها.. ولكن ما كنت أتوقعه بحضوري ضيفاً مع المدعوين لهذا المهرجان أن تعتمد الفرقة دائماً على موسيقاها الشعبية بآلاتها الشعبية السودانية.. وليست بالآلات الغربية المسجلة والمسيطرة عليها الأنغام الراقصة التي تؤثر بالفعل على مستواها الفني.. فأرجو أن يوضع ذلك في دائماً في الاعتبار، خاصة أن الدكتور عثمان عبده كان رأيه في غاية الوضوح. والشكر لما قدمه في مقدمته المقتصرة من إمكانات واضحة في برنامج الحفل باسم السودان. فرق الرقص الشعبي في ساحة المتحف البحري ضمن فعاليات المهرجان قدمت في بداية العروض الشعبية فرقة وزارة الثقافة والاعلام للفنون الشعبية السعودية إعادة تاريخية امتعت الحضور.. فكان موقع إقامتها في المتحف البحري بساحة السفن في حفل اقيم على الهواء الطلق الذي اعدته وزارته الثقافة والاعلام للفنون الشعبية في المملكة العربية السعودية ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي لدورته الثامنة عشرة بدولة الكويت. وتتكون فرقة الإعلام للفنون الشعبية السعودية في موقعها بالسعودية من ثلاثين عضوا لفنونها بألوان متعددة من الرقصات الشعبية العربية السعودية، ومن أهمها رقصة العرضة الشعبية السعودية، ورقصة الخبيتي، ورقصة المزمار، ورقصة السمسمية، ورقصة السيف والعزاوي. وهي رقصات تؤدي بزيها الشعبي الخاص، ويؤديها الرجال والشبان فقط. وبدأ الحفل الشعبي برقصة «الدوسية» الشعبية التي اشتهرت بها المملكة العربية السعودية، وصاحبتها الموسيقى بآلة الربابة الوترية الشعبية، ثم في رقصة «السمسمية»، وهي من الرقصات الشعبية التي اشتهرت بها قبائل الساحل الغربي في المملكة العربية السعودية.. ثم قالب غنائي راقص آخر مصاحب بموسيقى آلة الربابة عرف عندهم برقصة «السيف العزاوي» التي اشتهرت بها منطقة جيزان بالمملكة العربية السعودية، وهي شبيهة كل الشبه غناءً وحركة برقصات قبائل الجعليين في وسط السودان التي ظهرت عندهم بحكم النزوح القبلي الأول من الجزيرة العربية في عصور الخلافات الاسلامية العربية إلى وسط السودان. وتميزت تلك الرقصة الشعبية عند فرقة الفنون الشعبية السعودية بإيقاعاتها ذات الضروب السريعة وزي الراقصين ذي الألوان الزاهية التي عرفت باستخدامها في حفلات الزفاف والمناسبات الشعبية العربية السعودية.. ثم كان الحضور على موعد مع وصلة موسيقية من عازف متمكن محترف على آلة الربابة الوترية، وختمت الفرقة السعودية الحفل برقصة العرضة الشعبية المشهورة في المملكة العربية السعودية وسط حماس وانفعال المشاهدين، وشارك فيها بانفعال تام المهندس علي اليوحة الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت، فطغت على الحفل الراقص أجواء عالية من الحماسة، وحرص الكثيرون من أصحاب الإعلام على التقاط الصور وتسجيل الرقص الحركي من تلك اللوحات الفنية التي قدمتها الفرقة الشعبية السعودية على ساحة المتحف البحري المعد عند مرسى السفن القديمة بالمتحف البحري الذي تم فيه الحفل بأجواء من الخصوصية. هذا وقد عبر السيد عبد الرحمن الحميد المستشار الثقافي في وزارة الثقافة والإعلام الكويتية، عن سعادته الكاملة بعروض الفرقة الشعبية السعودية للمرة الأولى في مهرجان القرين الثقافي في دورته الثامنة عشرة بدولة الكويت وسعادته بتفاعل الجمهور مع فرقة الفنون الشعبية الكويتية، لما قدمته من عروض فنية راقصة ناجحة على ساحة مسرح المتحف البحري بدولة الكويت العظيمة. نواصل والله من وراد القصد وهو يهدي السبيل.