يبدو ان درجات الحرارة المرتفعة التي تشهدها البلاد هذه الايام قد القت بظلالها علي علاقة حزب الأمة القومي وتحالف قوى الاجماع الوطني بعد سيل الاتهامات التي تبادلها الطرفان ما يعني ان ساحة المعارضة في انتظار صيف ساخن حسب تكهنات مراقبين، فحرب التصريحات المشتعلة بين الأمة وقوى الاجماع وصلت مرحلة اللاعودة او هكذا يبدو فقد اعتبر الحزب ان التصريحات التي تصدر من بعض قيادات المعارضة نابعة من مكنونات غيرة وحسد دفين تجاه الحزب وبالمقابل وضع التحالف انتقادات حزب الأمة في خانة الاستهداف الشخصي لفاروق أبو عيسى لازاحته من رئاسة الاجماع الوطني والتربع علي عرشه. واللافت للانتباه في الأزمة القديمة المتجددة في علاقة الأمة والتجمع الانتقاد العنيف الذي تعرض له ابوعيسى من قبل الحزب حيث اعتبر الاخير متورطا في التنكيل بالانصار خلال عهد مايو، وقال البيان الصادر عن الحزب «ان براعة الذين اصبحت لديهم رشاقة العصافير في التنقل بين المواقف لن تمحو من ذاكرة الشعب ماضيهم في تدبير الانقلابات ودعم الشموليات بالمشاركة فيها والتنظير لها وقهر الشعب السوداني في العهد الحالي وعهد مايو وانخراطهم في انظمة نكلت بالانصار» ، الا ان المحلل السياسي محمد الحسن التعايشي اكد عدم وجود اي مسوغ سياسي يستدعي الهجوم علي ابوعيسى باعتباره كان جزءا من نظام نميري ومتورطا في احداث الحزيرة ابا واضاف «ليس هناك لأزمة سياسية» لان رئيس الحزب نفسه وضع يده في يد ذلك النظام بعد 6 سنوات من مجزرة الجزيرة أبا. ويرى الامين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر ان انتقادات حزب الأمة خطوة لترتيب حقائبه لمغادرة التحالف ، وقال جري الاتفاق بين مكونات التحالف علي معالجة كل الخلافات داخل المنظومة الا ان حزب الأمة «شايل حس التحالف في الجرايد» واعتبر كمال ان حزب الأمة درج في مناسبات مختلفة علي مهاجمة التحالف بدون اي حيثيات او مبررات بحجة انه حزب كبير ، وتابع «حزب الأمة يدعي انه حزب كبير « لكن عمر طالب باعادة النظر في ذلك الادعاء لجهة سقوط كثير من الاحزاب لعشرات المرات في نظر قواعدها بحكم علاقتها مع الحكومة» ، واكد عمر ان هجوم الأمة علي التحالف ينطلق من رغباته في رئاسة التحالف ، واردف هذا حق مشروع لكننا نري بالمقابل ان ابوعيسى هو الانسب لاستقلاليته ومواقفه الوطنية المشهودة. والشاهد ان الخلاف الاخير بين التحالف والأمة لم يكن الاول من نوعه فقد نشب خلاف مماثل في جسد الكيان المعارض بعد مارشح من انباء عن نية التحالف عزل حزب الأمة القومي من قوى الاجماع الوطني او اللجوء لتأسيس تحالف جديد بعيدا عنه على خلفية ما تسرب من معلومات وصفت بالمؤكدة حول تسلم حزب الأمة مقترحات من حزب المؤتمر الوطني تنص على قبول مشاركته في السلطة مناصفة، الامر الذي اشاع اجواء خلافية حادة وتذمراً وسط قادة التحالف سيما مع عدم التزام حزب الأمة بابلاغها بتفاصيل خطوات التحاور الشفاهي والكتابي بينه والوطني، تلته أزمة اخري بسبب النقد اللاذع الذي صوبه المهدي لتجربة تحالف قوى الاجماع بعد مرحلة من التجاذب علي خلفية الانتقادات التي وجهها المهدي في ليلة الاحتفاء بعيد ميلاده السادس والسبعين، للتكوين السياسي المشترك لأحزاب المعارضة ووصفه بالهلامي و تحركات بعض عناصره بالذاتية الامر الذي استنكره تحالف المعارضة وجعل الهيئة العامة للتحالف تدعو لاجتماع طارئ «لم توجه فيه الدعوة لحزب الأمة» للخروج بقرارات حاسمة تكون بمثابة رد علي انتقادات المهدي. وبرغم ان الأزمة الاخيرة تنذر ببوادر مفاصلة وشيكة الا ان حزب الأمة حذر من ان اي مشروع سياسي يتجاوز وزنه وعمق تأثيره واتساع قاعدته سيكون خاسرا ، وقال مساعد الامين العام ورئيس دائرة الاعلام بحزب الأمة ياسر جلال ان أي مشروع يتجاوز حزب الأمة لن يكتب له النجاح، وقدم جلال مرافعة عن الحزب، واكد انه لن يهاجم قوى التحالف وانما يرد علي الاتهامات التي ظل يكيلها بعض من قياداته بين الحين والاخر في وسائل الاعلام خاصة الصحافة وليس داخل الاطر المؤسسية لكيان التحالف، واضاف كان لابد لحزب الأمة من الرد لتدارك محاولة تثبيت التهم التي ساقها ابوعيسى في احدي الصحف التي تقول بعلم الحزب وقياداته بانقلاب 1989م الامر الذي يستدعي محاسبته. ووصف جلال رغبة الصادق في تولي رئاسة التحالف بان لا غضاضة فيها الا انه اكد ان رد الحزب لم يكن في ذلك المنحي وانما كان ردا علي ما كيل من اتهام من قيادات ما يسمي قوى الاجماع، واضاف ان طرح الميثاق ومشروع هيكلة التحالف واعادة التسمية تقتضيها مرحلة مابعد انفصال الجنوب وتقييم العمل المعارض . بينما يعتبر التعايشي ان خلاف حزب الأمة مع القوى المعارضة ليس بخلاف جديد فمنذ منتصف التسعينات ظل المهدي يعبر عن مواقف تختلف عن المعارضة التي هو جزء منها، ووصف التعايشي لغة المهدي بغير المنسجمة مع مواقف حلفائه، واكد ان مواقف المهدي غالبا ما يسبقها بهجوم يبرر تلك المواقف مستقبلا مستشهدا بموقفه تجاه الشريف حسين الهندي وخروجه علي الجبهة الوطنية وقبوله بمصالحة نميري في العام 1977م وما اعقبه من مغادرة التجمع الوطني الديمقراطي وابرامه لاتفاق جيبوتي، واعتبر التعايشي ان المواقف السابقة تعبر عن وجود مشكلة في التكوين السياسي لشخصية المهدي، وعدد التعايشي جملة نقاط رأى بانها السبب وراء خلافات الحزب والكيان المعارض في عدم الثقة من قوى الاجماع تجاه الخطوات التي يخطوها حزب الأمة وقيادته تجاه المؤتمر الوطني ثم عد الاتفاق علي مبادئ حول الهدف النهائي من التحالف وعلاقته مع الحكومة، وقال التعايشي ان الصادق يتحدث عن تفكيك النظام بأسس تتفادي الثورات والعمل المسلح بينما الطرف الثاني يدعو الي اسقاط النظام برغم ان الاخير يعلم ان الصادق اقرب للكفر منه للايمان في علاقته بالحكومة ، وقال التعايشي ان من حق الصادق التطلع الي زعامة التحالف لانه رهن ذلك باستحقاق ادبي علي المهدي ان يدفع به وهو اعلانه صراحة عن اسقاط النظام ، واضاف ما لم يقل ذلك فليس من حقه التطلع لوراثة ابو عيسى .