تحدثت أمس مع صحفيين سودانيين يقيمون في قطر في شؤون المهنة وشجونها،ولكن تجاوزنا الخاص الى العام فتحدث الزملاء هناك بألم وحزن وأسى عن "مرمطة" السودان والإساءة اليه من قبل بعض المؤسسات الرسمية في بلادنا التي كان من المأمول بحسب تخصصها ومسؤوليتها أن تمثل السودان وتقدم وجهه الحقيقي وتعكس موارده وامكاناته وفرصه المتاحة للاستثمار، ولكن ..آه يا ويح وطن يعجز بعض مسؤوليه أن يقدموه للآخرين ويعتبرون كل كبوة مؤامرة صهيونية وكل خطأ وتقصير من تلقائهم مخططاً أجنبياً وراءه اسرائيل والموساد وال« سي آي ايه»، ولكنهم أعداء أنفسهم ووطنهم بممارساتهم. سأروي بلسان الزملاء من قطر مناسبتين شهدتهما الدوحة كان ينبغي أن يكون حضور السودان فيهما بارزاً ومشهوداً : نظمت قطر خلال الفترة من 13 الى 16 مارس الجاري،المعرض الزراعي الدولي الثالث بمشاركة 154 شركة ومؤسسة وهيئة خاصة وحكومية كما شارك وزراء للزراعة والثروة الحيوانية وخبراء ومختصون في عدد من الدول العربية والأفريقية والأوربية، ويهدف المؤتمر الى عكس فرص الاستثمار والامكانات وتشجيع القطاعين العام والخاص على الاهتمام بالزراعة والتعرف على التقنيات الحديثة في المجالات الزراعية والحيوانية. وجهت دعوة الى السودان للمشاركة في المعرض باعتباره من الدول التي تحظى بموارد زراعية وثروة حيوانية ضخمة بجانب علاقاته المتميزة مع الدولة المنظمة للمعرض،ولذا خصصت له ثماني أجنحة مجانية على الرغم من أن المشاركين الآخرين يدفعون نحو 300 دولار للمتر الواحد،وليس الجناح.،ولكن...!! حمل صحفيون سودانيون في الدوحة كاميراتهم وتوجهوا الى مقر المعرض ليتجولوا في الأجنحة الثمانية المخصصة للسودان ليشاهدوا منتجات سلة غذاء العالم وموطن النيلين و120 مليون رأس من الماشية ،غير أنهم فوجئوا بالأجنحة خاوية على عروشها، عدا جناح واحد لوزارة الزراعة بولاية نهر النيل به بطيختان وخمسة أصابع من الموز ومثلها من الشمام،وقطع من الجوافة، هذا ما يمثل السودان في هذا المعرض الدولي..نعم انها الحقيقة العارية... وفي الدوحة أيضا مثال آخر، فقد افتتح الخميس الماضي السوق الدبلوماسي الخيري بالحي الثقافي في "كتارا" ويهدف الى تعزيز التواصل الانساني والثقافي والاجتماعي، وكان بالسوق 25 جناحاً غالبيتها كان عامراً ،يعكس تراث وتقاليد البلدان المشاركة،عدا جناح السودان فقد كان بائساً وكسيحاً كان به تاجر أناتيك من أم درمان لديه محل في واحد من أسواق الدوحة،ووجود السفارة والجالية السودانية وسيداتها يبدو بلا أثر،فالسودان ليس مجرد أناتيك،وقد كانت مشاركاته في السنوات الماضية ثرة وأبرزت وجه البلاد النضر وسط الأمم والشعوب.. صحي الموت سلام زادت أحزان البلاد ومواجعها أمس بوداع أحد مبدعيها من ناظمي الكلم ومناصري الفقراء ومحبي السلام الشاعر القومي الكبير محمد الحسن سالم حميد، الذي كان يلقب بشاعر الفقراء والمساكين، وشاعر الوطن والنضال والسلام،فقد كان شعره يحكي وصفاً ينطق جزلاً ويعكس الواقع بلا رتوش. وقد عُرف الراحل، بانحيازه لقضايا وهموم الناس ومعالجتها في قوالب شعرية، تغني بها الكثير من الفنانين، كما تميز ببساطة الأسلوب وسلاسة المعاني، وكان من أكثر المتحمسين لاتفاق نيفاشا للسلام ،وأفرد حيزًا من قصائده وحواراته للتبشير بأهمية الاتفاق، وأطلق على ديوانه الأخير الذي دشنه نهاية العام الماضي "أرضاً سلاح" الذي تغمره الوطنية والتحذير من الحرب،كما له قصائد رمزية مصادمة في الحكم والسياسة. يقول حميد في قصيدة « من حقي أغني»: إنساني شعوب تنسالم .. تنسالم بي حنية على نخب الود نتنادم .. لا جنس ولا لونية لا عِرق لا آه نتقادم .. سكتنا بياض النية مش كلنا جينا من آدم .. مش آدم أبو البشرية السجن إذاً يترايم .. نبنيها قلاع ثورية عقبال الخير يترادم .. والدنيا تمش دغرية مد كفك يا بني آدم .. حرية سلام حرية حميد أبن نوري وابن الغلابة وصوتهم العالي حميد يا وجع الفقراء ويا وجع القصيدة من بعدك نسأل الله أن يتقبلك قبولاً حسناً ويحشرك مع الصديقين والشهداء حميد صحي الموت سلام ما يغشاك شر