غيب الموت مساء امس سكرتير عام الحزب الشيوعي السوداني محمد ابراهيم نقد أحد أبرز السياسيين السودانيين المخضرمين بالعاصمة البريطانية لندن عن عمر ناهز 82 عاماً اثر علة لم تمهله طويلا، واحتشد المئات بمنزل الفقيد بحي الفردوس بالخرطوم. وكان نقد قد غادر الى لندن للعلاج في فبراير الماضي واثبتت الفحوصات معاناته من اورام في المخ. وينتظر ان يصل الجثمان الى الخرطوم غدا السبت. وتفرد نقد باتباع هواية الاختفاء وممارسة العمل السياسي من تحت الارض ابان العهود العسكرية الثلاثة التي حكمت السودان بقيادة كل من عبود والنميري والبشير» وتمكن من الاختباء 30 عاما من عمره، كما نال الراحل حظه من السجن عدة مرات. واختفى نقد عقب انقلاب 17 نوفمبر 1958 بقيادة الفريق ابراهيم عبود لخمس سنوات بينما قضى سنة في السجن من عمر نظام عبود الذي امتد ست سنوات. وفي حقبة نظام مايو بقيادة جعفر النميري اختفى نقد مجددا لمباشرة مهام العمل السياسي السري عقب اعدام عبد الخالق محجوب في عام 1971م ليختفي 14 عاما حتى انتفاضة أبريل 1985م. وابان عهد «الانقاذ» وفي فبراير 1994 عاد نقد الى ممارسة هوايته المفضلة وتمكن من الاختفاء عن السلطات التي كانت تراقبه عندما فقدته اثناء ممارسته رياضة المشي الراتبة، ولم يتمكن جهاز الامن من كشف مخبئه الا بعد 11 عاما في ابريل 2005 عندما سجل له مدير جهاز الامن السابق صلاح قوش «زيارة» مفاجئة في منزل بالخرطوم كان يختبئ فيه. ونقد من مواليد مدينة القطينة 1930م وتلقى تعليمه الأولي والاوسط بمدارس القطينة وحلفا، والثانوي بحنتوب الثانوية وكان من بين زملاء دفعته الرئيس الأسبق نميري، وأكمل دراسته الجامعية ببراغ «تشيكوسلوفاكيا سابقاً» وتخرج من كلية الاقتصاد بعد أن فصل من جامعة الخرطوم كلية الآداب. وقال شقيق الفقيد سيد ابراهيم ،ان جثمان الراحل يرجح ان يصل الخرطوم مساء السبت او صباح الاحد ليشيع الى مقابر فاروق. وتقاطر المئات من قيادات ورموز القوي السياسية والطلاب الي منزل الفقيد لتقديم واجب العزاء بعد لحظات من اعلان الوفاة ، بينما هاتف زعيم حزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي، ورئيس حزب الامة القومي الصادق المهدي، أسرة زعيم الحزب الشيوعي فى لندن لتقديم واجب العزاء. وبدا المشهد في دار الحزب الشيوعي بالخرطوم 2 ومنزل الفقيد بحي الفردوس بالخرطوم حزيناً للغاية وتعالت اصوات البكاء والنحيب من الرجال قبل النساء بينما بدا البعض في حالات هستيرية كما سقط اخرون مغشيا عليهم. وابدى زعيم حزب الامة القومي الصادق المهدي ، بالغ اسفه لرحيل نقد ووصفه بالزعيم الوطني، وقال للصحافيين ،انه بحكم معاصرته للراحل في السجن وخارجه يشهد له «إذا كان الدين المعاملة فقد كانت معاملته للناس فاضلة وعادلة وودودة»، وافاد بان نقد أحب الوطن والدفاع عن مصالحه ومصالح أهله، وكان صادق الوطنية وذو نهج فكري، كما كان متعلقا بالدفاع عن المستضعفين في المجتمع. واكد المهدي ان البلاد كانت في أمس الحاجة لوحدة الكلمة لإنقاذها مما هي فيه، وكان نقد من الذين يرجى أن يساهموا في وحدة الكلمة الوطنية. ونعي القيادى في الحزب الشيوعي كمال الجزولي نقد وقال انه كان مفكراً من الطراز الأول ويجمع بين العبقرية والتواضع في آن واحد كما كان رجل (طرفة في احلك المواقف). وقال القيادي في حزب المؤتمر الشعبي كمال عمر عبد السلام ان تحالف قوي المعارضة ظل يتابع عن كثب صحة الفقيد، واضاف ان نقد من النماذج الرائعة في قيادات «هذا الزمن». واضاف ان نقد بكارزميته المتصالحة مع الكل ساهم في تذويب الخلافات بين الإسلاميين والشيوعيين.