٭ لقد اطلعنا على مقالة الكاتبة كوثر قسم السيد تحت عنوان (المشرع.. والسلطة.. أنموذج حزب التحرير) بعدد الصحافة 6866 بتاريخ السبت 81 ربيع الثاني 3341ه الموافق 01 مارس 2102م حيث تحدثت الكاتبة عن الخلافة واستندت في مقالتها على كتاب سعيد بن العلوي (خطاب الشرعية السياسية في الاسلام السني) والذي استند في حديثه عن الخلافة على رأى الاستاذ علي عبد الرازق ثم اثارت الكاتبة عديد من الاستفهامات عن فهم حزب التحرير للخلافة ورداً على ما جاء في مقالتها نقول: - أولاً: إن الاسلام واحكامه لا يؤخذ إلا من الثقاة خاصة في هذا الزمان الذي يلبس فيه الباطل ثوب الحق، والمرجعية المتفق عليها هى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واجماع الصحابة والقياس الشرعي الذي علته علة شرعية. أما أمثال علي عبد الرازق والذين ينهلون من معينه الآسن فلقد تجاوزتهم الامة وما عادت تسمع لاطروحاتهم المسمومة والملغومة المضللة وحتى لا ينخدع الناس بما يحاول البعض الترويج له من أفكار شاذة نحب ان نعرف بالشيخ علي عبد الرازق وكتابه المستدل به في المقالة، فهو من شيوخ الأزهر الذين درسوا في بريطانيا وتأثروا بالغرب فألف كتابه (الإسلام وأصول الحكم) في ابريل 5291م، وقد تم نقض الكتاب من علماء أجلاء رأوا في ما ذهب اليه الشيخ علي عبد الرازق خروجاً عن الحق ثم اتدري الكاتبة من هم مرجع الشيخ علي عبد الرازق؟! يقول علي عبد الرازق في كتابه المذكور أعلاه ( واذا اردت مزيداً من البحث فارجع الى كتاب الخلافة للعلامة السير تومس ارنولد وهو من المستشرقين الحاقدين على الاسلام والمسلمين، وقد قال الشيخ محمد رضا واصفاً كتاب علي عبد الرازق:( أول ما يقال في وصف هذا الكتاب لا الرد عليه انه هدم الحكم الاسلامي وشرعه من أساسه وتفريق لجماعته واباحة مطلقة لعصيان الله ورسوله في جميع الاحكام الشرعية). لقد وجدت آراء علي عبد الرازق استنكاراً واسعاً من العلماء وجمهور المسلمين، ففي اغسطس 5291 اجتمع كبار العلماء برئاسة الشيخ ابو الفضل شيخ الازهر واصدروا حكمهم بطرده من هيئة كبار العلماء بالازهر، بعد ان فندوا شبهته وكسروا حجته. - ثانياً: ذكرت الكاتبة ان حزب التحرير لديه عدد من الولايات المنتشرة ولم ينصبوا خليفة لكنهم اشتغلوا بالتذكير والذكرى للخلافة.. الخ. من المعلوم ان الخلافة تقيمها الامة فهى مسؤوليتها وليست مسؤولية حزب التحرير فقط الا ان حزب التحرير تحمل عبء الدعوة والعمل من اجل استئناف الحياة الاسلامية بإقامة الخلافة التي هى فرض قبل ان تكون النظام الامثل أو الاوفق، وحزب التحرير يسير على ذات الطريق الذي اقام به النبي صلى الله عليه وسلم الخلافة، وهو ايجاد كتلة واعية على الاسلام وفهم مفصل من (كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما ارشدا اليه من اجماع الصحابة والقياس الشرعي)، ورجال أكفاء وايجاد وعي عام في المجتمع ثم طلب النصرة من أهل القوة والمنعة وكون أن حزب التحرير لم ينصب خليفة لأن الخطوة الاخيرة وهى النصرة لم تتم حتى الآن أما ان الحزب يشتغل فقط بالذكرى والتذكير فهذا كلام مجاف لحقيقة عمل الحزب الذي يقوم بأعمال سياسية في شتى أنحاء المعمورة، وهنا في السودان اقام الحزب المؤتمرات والندوات التي تتناول شتى قضايا الامة وسير مسيرات للقوات المسلحة وغيرها وبالجملة فالحزب يقوم بعمل سياسي غير مسبوق واذا تمت مقارنة حزب التحرير وأعماله التي يقوم بها مع الاحزاب الاخرى سيرى المتابع ان لا مقارنة بين ما يقوم به الحزب وما يقوم به الآخرون. - ثالثاً: ذكرت الكاتبة في مقالتها عبارة غريبة اثارت دهشتنا وهى قولها:( في شرع حزب التحرير البيعة فرض على المسلمين) وذكرت الحديث :( ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية). انه ليس لحزب التحرير شرع خاص به، فحزب التحرير حزب اسلامي يلتزم بشرع الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم ما ذكرته من حديث:( ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) رواه مسلم، ليس حديثاً لحزب التحرير، وإنما هو حديث للرسول صلى الله عليه وسلم، أما فرضية البيعة وان الخليفة لا يصبح حاكماً على المسلمين إلا بيعة شرعية فهى من الاحكام الشرعية المعلومة لدى علماء الامة وعامتها والبيعة ثابتة بالكتاب والسنة والاجماع، يقول الله عز وجل (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم) ويقول الحبيب صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عبادة بن الصامت (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره وان لا تنازع الامر أهله وان نقوم او نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم) رواه البخاري. أما اجماع الصحابة فقد انعقد على ان لا خلافة إلا بالبيعة وفعلوا ذلك عملياً عندما بويع ابوبكر رضى الله عنه بيعة خاصة في السقيفة وبيعة عامة في المسجد، وعمر بويع بيعة من المسلمين وكذلك عثمان وعلي رضى الله عنهم اجمعين. أما التنازع ليس المقصود به المناجزة بالسيف أو القتال كما ذكرت الكاتبة وإنما المقصود بالتنازع الجائز هو مقارعة الرأى بالرأى والحجة بالحجة وهو عين التنازع الذي حدث في السقيفة. - رابعاً: أما محاولة الكاتبة تشبيه رأى الحزب في اسلوب اختيار الحاكم بالديمقراطية وان الحزب قد اختار رأياً وسيطاً بين من حرم الديمقراطية وبين من لم يحرمها ثم وصفت ذلك بالحيرة الفكرية، نقول ان الديمقراطية ليست آلية وإنما نظام حكم يجعل التشريع للبشر بالاغلبية، مقابل نظام الحكم في الاسلام الخلافة الذي يجعل التشريع لرب البشر يؤخذ بقوة الدليل، وحزب التحرير يعتبر الديمقراطية نظام كفر يحرم اخذها او الدعوة اليها بإعتبارها وضعاً بشرياً يبعد الدين ويفصله عن الحياة والدولة، ويبدو ان الكاتبة لا تفرق بين الاساليب المباحة والطريقة، فالطريقة حكم شرعي لا يجوز تخطيه اما الوسائل والاساليب ان لم تخالف الاسلام فهي مباحة، أما اسلوب الانتخابات فقد سبق اليه الاسلام النظام الديمقراطي حيث فعله الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال للانصار (انتخبوا لي اثني عشر رجلاً يكونوا كفلاء على قومهم) كما فعله الصحابة الكرام في اختيار عثمان بن عفان رضى الله عنه. - خامساً: ان الاحاديث التي يتبناها الحزب ويستدل بها احاديث صحيحة فالحزب لا يستدل بحديث ضعيف، فحديث ابي ذر حديث صحيح ولكن فهم الكاتبة للضعف هو الذي يحتاج لتوضيح، لأن الضعف في تولي الامارة لا يقدح في قوة شخصية ابي ذر أو بطولاته او ورعه او غير ذلك ولعلم الكاتبة فإن الذي روى الحديث هو الصحابي الجليل نفسه ابو ذر الغفاري فقد ورد في صحيح مسلم عن ابي ذر قال: قلت: يا رسول الله لا تستعملني قال:( فضرب بيده على منكبي ثم قال يا اباذر انك ضعيف وانها امانة وانها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وادى الذي عليه فيها) اما الحديث عن ان الحزب يرجع رأى عبد الرحمن بن عوف فلا ندري من اين جاءت بمثل هذا الكلام فالحزب انما اورد الحديث كما ذكره الامام البخاري في صحيحه ولم يعلن عن شيء في الحديث وإنما استدل بالحديث على حجية مشاورة الناس فيمن يريدونه خليفة عليهم. ٭ ختاماً: نرجو من الكاتبة ان تبحث عن الحق في مظانه وان لا تتبع سبل الضالين الذين يبحثون في تاريخ الاسلام للطعن فيه ومحاولة تشكيك الامة في قادتها وقيادتها الفكرية حتى تخلو الساحة لمبغضي الاسلام من العلمانيين والعصرانيين وغيرهم ممن يحاولون تضخيم ما حدث من نزاع في تاريخ الامة ويسوقوه ذريعة للتخلي عن الاسلام وعن الدعوة والعمل لاقامة دولته، دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ونقول للكاتبة ان مكتب حزب التحرير على مرمى حجر من مقر صحيفة الصحافة فيمكنها زيارة المكتب والتعرف على الحزب وطرحه عن قرب حتى تكتب وهى على علم ودراية بما يتبناه حزب التحرير. والله نسأل ان يحق الحق ويبطل الباطل. * الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان