من المهم ان تفهم المفوضية القومية للإنتخابات أنها لا تختلف عن عامة الشعب السوداني فيما يتعلق بحداثة التجربة في الانتخابات ومرور زمن ليس بالقليل والبلاد ترزح تحت القبضة الآحادية غير الرشيدة ، ولذلك كان عليها ان تجتهد أيما إجتهاد لضمان تسجيل كافة ابناء الشعب السوداني بتوفير مراكز التسجيل ومراكز الإقتراع حتى تكون بداية الطريق نحو الديمقراطية مبنية على قواعد ثابتة يسجل التاريخ صوت شكر للقائمين عليها ..كان الأمل في المفوضية كبيراً ولكن للأسف الشديد ذهبت آمال الشعب السوداني أدراج الرياح بسبب سلوكيات بعض الاشخاص الرديئين عديمي الضمير والايمان الذين تسببوا في إفشال عمل المفوضية وجلب الشكوك والريب حولها ما افضى الى يأس رئيسها وتقديمه لإستقالته بحسب الأنباء التي راجت . ان الذين تسببوا في استقالة مولانا أبيل ألير لم يكونوا من الأحزاب ولكن بالتأكيد هم الذين جلبوا الهواء الساخن لعمل المفوضية بفضل الترتيبات العقيمة غير المهنية والمريبة التي تعمدوا ادخالها على عمل المفوضية، ونضرب لذلك مثلاً انهم ابتكروا حكاية مراكز التسجيل المبهمة المجهولة في مدارس غير معلومة لغالبية سكان الاحياء في الوقت الذي تزخر فيه كل المدن السودانية بميادين تسمى ميادين المولد فسيحة وواسعة ومعلومة للكافة، كان يمكن ان تضرب فيها الخيام اسابيع عددا ولكن المفسدين في الارض لم يشأوا ان يحدث هذا ولذلك خرج الشعب السوداني من مولد عملية التسجيل بلا حمص ولم تسلم ولاية الخرطوم مركز الاستنارة من المخطط العقيم، فمن ضمن سبعة ملايين مواطن هم تعداد السكان بالولاية تم تسجيل عدد مليون وثمانمائة الف مواطن فقط والبقية ليس لهم حق ، وهؤلاء المسجلون مطلوب من سبعة عشر مرشحاً هم مجموع مرشحي منصب والي الولاية إقتسام اصواتهم على خلفيات قبلية ومن يفوز يصبح حاكماً على هذه الولاية المنكوبة ليمارس هواية المحسوبية والفساد بكافة اشكاله ضد الآخرين . هذا الكلام فرض نفسه على خلفية رفض سلطات المفوضية بولاية الخرطوم انشاء مركز اقتراع بمنطقة الأحامدة شمال بحري ، فقد شكا وفد من الحسانية والاحامدة المراييد والاحامدة اولاد العطا من ظلم المفوضية المتعمد المتمثل في انشاء مركز اقتراع بمنطقة التبنة شرق الخوجلاب وهي منطقة بعيدة بالنسبة لمناطق الاحامدة رغم ان عدد المسجلين منهم تجاوز ألف وثمانمائة ناخب. وبحسب قانون الانتخابات فإن كل الف ومائتي ناخب يجب ان يتمتعوا بمركز اقتراع خاص بمنطقتهم ، ويقول حسن سعد احد ابناء المنطقة ان مركز التبنة للإقتراع تم تخصيصه لعدد ستمائة ناخب فقط . إنها ملاحظة جديرة بالإهتمام وتستحق التحليل الدقيق خاصة وان منسوبي مفوضية الخرطوم تعللوا لوفد الاحامدة بضيق الوقت وضيق ذات اليد وانه رفعت الاقلام وجفت الصحف وان ( الحضر حضر والما حضر فقد قام القطر ) ولا مجال لإنشاء مركز اقتراع لعدد ألف وثمانمائة ناخب مسجلين لديها ..ونحن هنا نتساءل هل يعقل ان يصدر هكذا تصرف في وقت تمرغ فيه سمعة المفوضية بالتراب والبلاد تئن من تداعيات عمل المفسدين ؟ ان رفض سلطات المفوضية ذات التمويل الخرافي انشاء مركز اقتراع لعدد قانوني من الناخبين المسجلين يمثل سابقة خطيرة تكشف مدى الخلل الذي ترزح تحته تلك المفوضية التي عجزت عن أداء واجباتها بمهنية ، ومن الواضح ان هنالك ضحايا آخرون للمفوضية تم اهدار حقوقهم الاساسية في التسجيل والاقتراع ومن الواضح ايضاً ان السبب يعود الى ان المفوضية تتعامل بطريقة غير مفهومة تجاه الناخبين( المسجلين ). في الدائرة عشرين بحري شمال ونحن نتساءل هل هم ( مسجلون خطرون ) بحيث يتخوف بعض منسوبي المفوضية من امكانية قيامهم بما لا يتوجب عليهم فعله ولذلك تم تهميش هؤلاء المسجلين رغم كثافة عددهم ؟ ان هذا التصرف يشبه تصرفاً سابقاً للمفوضية حينما فشلت في تسجيل آلاف السكان في شرق السودان بحجة انهم يسكنون في الفيافي والجبال ، والعجيب ان أولئك السكان المنسيين يتم حشدهم باللواري والعربات في اللقاءات الجماهيرية للكبار ..يحشدونهم وهم يعلمون انهم غير مسجلين في السجل الانتخابي . ان مفوضية الانتخابات في حال استمرار العملية ينتظرها تحدي كبير في توفير مراكز الاقتراع للسكان المسجلين ونحن نخشى ان تفشل عملية الاقتراع - اذا جرت - مثلما فشلت عمليات التسجيل بسبب عدم الجدية المتعمدة وغير المتعمدة .