الاثيوبيون ابناء الحبشة بكل قومياتهم المتنوعة من الامهرا والتقراي والارومو والهرر والعقر وبني شنقول والنوير وغيرهم بكل ثقافاتهم المتنوعة، هم ينتمون لذات المكون السوداني العرقي، فنحن نشترك معهم في التاريخ والجغرافيا وفي الاعراف والثقافات. إن تلك الفواصل التي صنعها الاستعمار انما هي حدود وهمية، وتشهد علي ذلك حضارات مروي واكسوم وكوش والعنج وكل الممالك والحضارات القديمة. ويجري بيننا النيل الأزرق «أباي»، هكذا يسمى بالأمهرية، وتندفع امواجه تحمل الينا من ينابيعه بالهضبة الاثيوبية كل الحب والخير والجمال. والنيل الأزرق هو المكون الرئيس لنهر النيل، أو ليس في هذا أبلغ دليل تاريخي على متانة العلاقة التاريخية بين الشعبين الشقيقين.. هذا النهر الخالد تجري مياهه وأمواجه لتحكي قصة التلاحم الوجداني والعاطفي بين شعب واحد فصلت بينه حواجز وهمية. وسوف يأتي جيل من أحفاد تهراقا والنجاشي ويزيلون هذا الزيف، وتصير كل من المتمة شرقاً والمتمة غرباً مدينة واحدة لبلد واحد وشعب متحد. إن بلاد الحبشة الكبرى كانت تمتد من القرن الافريقي شرقاً وحتى تشاد غرباً وشمالاً حتى جنوب مصر. إن روابط النسب عبر التزاوج وتداخل القبائل انتجت أعرافاً وتقاليد مشتركة ظلت راسخة ومستقرة ومتطورة حتى الآن. ولذلك كان من الطبيعي أن يفرز المجتمع المدني منظمات طوعية لتطوير ونمو وتوطيد العلاقات السودانية الإثيوبية على مستوى الشعوب وعبر الدبلوماسية الشعبية، ذلك الوعاء الذي يحمل بداخله كل أدوات بناء جسور التواصل والمحبة والسلام الاجتماعي بين الشعبين. وعليه نجد أن جمعية الصداقة السودانية الإثيوبية وجمعية الإثيوسودانيز ومازال المجال يتسع لبناء منظمات مدنية طوعية بمسميات كثيرة، تخدم العلاقات بين الشعبين الشقيقين. أهلنا الاثيوبيون الآن ينتشرون في مدن واحياء كثيرة، وهم فئات تعمل في كل المجالات، ولأنهم الأقرب الينا على المستوى الوجداني، فلذلك لا يستطيع أحد أن يفرق بين ما هو إثيوبي او سوداني، فلماذا نستعين بعمالة من آسيا او بعض البلاد الاخرى التي لا تجمعنا بها وسائط مشتركة؟ فالإثيوبي يشترك معنا في السحنة والشكل العام والعادات والتقاليد، حتى الانجيرا والكسرة والدمعة والرغني، ونستلذ بنكهة البن الحبشي وما يتبعها من بخور الجاولي والعمبابة «الفشار». ويطرب الشعبان ويتغنيان على إيقاعات السلم الخماسي والتمتم والدليب والمردوم، ونشترك في عزف الربابة والآلات النفخية والوترية والطبول، وهم يعشقون محمد وردي وأحمد المصطفى وسيد خليفة وخوجلي عثمان والبلابل وترباس وعبد العزيز المبارك، ونحن نعشق حتى الثمالة تلهون وملليك وبركات ومحمود أحمد وإستير ورقصات القراقي البديعة. إنني أناشد كل الأجهزة الأمنية أن تحسن بل وأن تكرم حفدة النجاشي وأبناء الامبراطور هيلا سلاسي في السودان، اكرموهم فإن رسولنا الكريم استجار بهم، وقال اذهبوا إلى الحبشة فإن بها ملكاً عادلاً لا يظلم عنده أحد، وقد صدق رسولنا الكريم وتحققت نبوته، فنصرهم النجاشي رضي الله عنه الذي صار قبره في مدينة مكلي مزاراً لكافة المسلمين. ولقد أكرم الله الحبشة فجعل منها بلال أول من أذن في الاسلام عليه رضوان الله. والآن تنتشر كل الطرق الصوفية بكل مسمياتهم المختلفة في إثيوبيا، وقد تسنى لي في زياراتي إلى إثيوبيا أن زرتهم جميعاً سمانية وتجانية وأحمدية وبرهانية وختمية واسماعيلية وإدريسية. إن مناشدتنا للأجهزة الأمنية والشرطية تنطلق من هذه الخلفية التي سردناها آنفاً، وكل ما ورد فيها يلزمنا بأن نتعامل مع أهلنا وإخوتنا وأحبائنا الإثيوبيين بكل الاحترام اللازم، وأن توقف كل الحملات التي تلاحقهم وتقلق منامهم، بل على العكس علينا أن نوفر لهم كل سبل الأمان والاستقرار في بلدهم السودان الذي كان جزءاً من بلاد الحبشة الكبرى، وأعلموا أنهم ما قدموا إلينا إلا لأنهم يحملون إلينا بين حناياهم أسمى آيات المحبة والفخار، وتمتد المناشدة إلى الحكومة السودانية بأن تعجل بإبرام اتفاقية الحريات الأربع «الإقامة، العمل، التملك، التنقل» بين إثيوبيا والسودان وتلك مسؤولية تاريخية نحملها للرئيسين البشير وملس زناوي. وكل المؤشرات الاقتصادية والتنموية والنهضوية والأمنية تشير إلى حقيقة واحدة هي أن في اتحاد الدولتين خيراً وفيراً لكل من الشعبين الشقيقين، وقد صدق نقيب الفن السوداني أحمد المصطفى عندما تغنى بدرته المشهورة «إثيوبيا والسودان أخوان.. أخوان. فلتدم العلاقات السودانية الإثيوبية في كافة الأصعدة والاتجاهات. الله الموفق والمستعان. * جمعية الصداقة السودانية الإثيوبية