٭ بدءاً نتحدث عن وزارة الثقافة التي كانت مطلباً لأهل الثقافة.. هل استطاعت أن تحقق الهدف المنشود من قيامها؟ - أولاً أشكرك وأقول إن وزارة الثقافة لا غنى عنها إطلاقاً في هذا الوطن، ولقد استجابت الدولة لمطالب قديمة بأن تقوم وزارة منفصلة للثقافة لرعاية قطاع كبير ومؤثر، وهي في تقديري رغم قصر عمرها استطاعت أن تعمل بعض الحراك في الثقافة السودانية عموماً، ولكن يبدو أن الوزارة ذاتها لا تجد الدعم المطلوب لأداء دورها على الوجه الأكمل في المجالات الثقافية المختلفة، وعلى سبيل المثال المسرحيات ظل ينتجها المسرح القومي. والآن المسرح لا يستطيع أن يفعل هذا، لذا فالمطلوب أن تقوم الوزارة بهذا العمل، ونتمنى أن تجد الدعم الكافي لنشر وتفعيل الثقافة، فهي وزارة تدافع عن الأمة السودانية، وهي أهم وزارة في اعتقادي، فشعب بلا ثقافة شعب يعيش مشكلات قطعاً، وتتعدد هذه المشكلات، والثقافة هي البديل للبندقية، وهي الارضية الاساسية للحوار والتفاهم. وغياب الثقافة يجعل الحياة الاجتماعية جافة وخطرة.. لذا فأنا من هذا المنبر أوجه رسالة لوزارة الثقافة من قبيلة أهل الدراما التي انتمي لها، بأن يعود الموسم المسرحي الى مكانه الطبيعي في المسرح القومي الذي لا بد له أن يقوم بإنتاج المسرحيات بدعم من الدولة ممثلاً في هذه الوزارة، وأن تخرج هذه المسرحيات الى الولايات كما كان سابقاً، لأن المسرح يشكل جزءاً مهماً في نشر الثقافة، والوعي المسرحي عموماً يجمل الفكرة والوجدان. ٭ أستاذ جمال لماذا تعتبر الدراما عندنا موسمية؟ - أعتقد أن ذلك واحدة من مشكلاتنا كما ذكرت في سؤالك، إن الدراما عموماً والدراما التلفزيونية تحديداً موسمية وترتبط بمواسم ومناسبات مثل شهر رمضان، أي أنها مرتبطة ب «الآبري والحلومر» إن صحت التسمية، لذا أود أن أقول إن استمرارية الأعمال الدرامية تكون دون ارتباط بزمن محدد، وهذا لا يحدث إلا عندنا في السودان تقريباً، اضف الى ذلك أن التوقف والغياب يؤثر على الممثل لغيابه عن التعامل مع الكاميرا مثلاً، وهذا يضعف قدراته كثيراً. ٭ دعنا نتحدث عن بيت الدراميين؟ - بيت الدراميين في كنف المسرح القومي، وهذا يجسد روعته، والمسرح القومي هو شريان الحركة المسرحية في السودان، والمسرح علمني وترعرعت فيه على المستوى الفني، وأنا أدين له بالولاء وأعشقه وأزوره صباحاً ومساءً. ٭ المبدعون الآن بلا رعاية رغم جهدهم في هذا الوطن؟ - أنا حزين لحال المبدع في السودان، ويجب أن تكون هنالك رعاية حقيقية للمبدعين بكل شرائحهم، والفن مرتبط بالثروة الفكرية والوجدانية لدى المغني أو الممثل أو الشاعر، لذا فالحفاظ على هؤلاء ورعايتهم يكون دفاعاً عن الوجدان والفكر والثقافة، عليه فالمفروض أن يكون هناك صندوق حقيقي لرعاية المبدعين في السودان، وهذا قطعاً يدفعهم لخلق أشياء جديدة للمجتمع، والصندوق الحالي لا يقدم لهؤلاء شيئاً. ٭ بماذا ينشغل الآن الأستاذ جمال حسن سعيد على صعيد الدراما؟ - أنا منذ الآن أعد حلقات للتلفزيونات عموماً في مجموعة حلقات تحت عنوان «شبابيك» وسأحاول الظهور بأشكال جديدة لأن الكوميديا يجب ألا تكون جامدة، بل تصبح متجددة مع تطور الحياة والظواهر الماثلة. وسوف أقدم في رمضان المقبل بإذن الله حلقات من «شبابيك» تتناول العادات والظواهر السالبة، لأن الفنان هو في نهاية المطاف مصلح اجتماعي يتفاعل مع هموم مجتمعه في كافة الجوانب. ولدي أيضاً مفاجآت أخرى للمشاهدين في رمضان من خلال برامج درامية أخرى. ٭ رحل عنا في هذا العام زيدان ووردي وحميد.. ماذا أنت قائل عن هؤلاء؟ - هذا العام حزين جداً بالنسبة للسودان وبالنسبة لي أنا على الصعيد الشخصي، فقد رحلت عنا أهرامات فنية شامخة، فكان رحيل زيدان إبراهيم الذي ساهم بصورة كبيرة وقوية في الأغنية العاطفية في السودان، وشكل أحد أهم الأركان في وجدان الشعب السوداني، له الرحمة بقدر عطائه، وزيدان خلق ليكون فناناً. أما الهرم الكبير محمد وردي فهو مرحلة كبرى في الفن السوداني في تاريخ الأغنيتين العاطفية والوطنية، ويكفي أنه فنان أفريقيا الأول ولا شك في ذلك. ونحن لا نبكي وردي وحدنا فقد بكته دول كثيرة غيرنا، وتحسر على رحيله العرب والافارقة. ووردي صرح نوبي هائل أهدى لوجدان السودانيين إبداعات بطعم «عجوة» المحس اللذيذة.. رحل وردي ولكن يظل فينا ممثلاً في «نور العين والحزن القديم» وفي «وطن حدادي مدادي». وإذا جاز لي أن اتحدث عن رحيل الشاعر حميد فأقول إنه واحد من أهرامات الشعر السوداني، لأنه استطاع من خلال اللهجة المحلية أن يضيف لوناً وطعماً للكلمة الشعرية.. وحميد ظاهرة خاصة جداً لن تتكرر، فقد قدم شعراً وشواهد مبدعة في الغناء، كذلك انظر الى «عم عبد الرحيم» لمصطفى سيد أحمد وغيرها.. وكل هؤلاء لم يرحلوا انما سكنوا في وجداننا، وأنا من هنا أعزي الشعب السوداني في رحيل زيدان ووردي وحميد، وهذا العام حقيقة عام حزين في تاريخ الفن السوداني. ٭ ماذا عن أعمالك الشعرية؟ - لقد صدر لي ديوان «أظنك عرفتي»، وهو عنوان لأغنية لي للراحل مصطفى سيد أحمد، وانا الآن أعد العدة لديوان تحت عنوان «زولة»، وغالباً يخرج للناس خلال هذا العام. اما عن الغناء فقد غنى لي الهادي الجبل «أنا مالي بقيت اتنين»، إضافة لأعمال لعقد الجلاد وعصام محمد نور وهاشم ميرغني وسيف الجامعة، وأنا بدأت أصلاً مع الراحل الجابري.