بعض الذين يشاهدون المطربين على شاشات التلفاز ومسارح المناسبات والمنابر الثقافية، يظنون كل الظن أن هؤلاء يعيشون في ابراج عاجية من الرفاهية والنعيم وفقاً للشياكة والبدلة، وعلى اعتبار ان الفنان الفلاني «عداده» بالملايين.. ويعتقد البعض الآخر أن مهنة الغناء دجاجة تبيض ذهباً كل مساء.. وبهذا الفهم المختل يدلف الكثير من الشباب الى شارع الفن طمعاً في الثراء والشهرة، حتى اصبح لكل بيت فنان. ولكن هذه الصورة الوردية تجافي الواقع، والشواهد على ذلك كثيرة، وأهمها أن معظم الفنانين والمسرحيين والإعلاميين يرحلون عن عالمنا الفاني فقراء، ولا يخلفون لأسرهم الا الذكرى .. وصدى الاغنيات. ٭ وأنا اتابع أخبار الحملة التي تقودها مجموعة عقد الجلاد لبناء بيت أسرة الرائع عبد المنعم الخالدي، فهمت سر ذلك الحزن الذي ظل يلازم الراحل كظله، ويلون فضاءات أغنياته بالشجن الأليم، والخالدي نموذج واحد لعشرات المبدعين الذين لم يقطفوا من حديقة الفن إلا الاشواك، وكم من مبدع يعاني ويلات الفقر والمرض ماشي «كداري» وساكن «بالايجار» ولاتزال كل اشكال الابداع عندنا تمارس في اطار الهواية، والعائد المادى من اى منتوج فكرى وابداعى وفنى ضعيف « جدا» والحقوق مستلبة او مهدرة وضائعة. ٭ على قناة M.TV شاهدت برنامجاً يسلط الضوء على بيوت مشاهير الغناء في الولاياتالمتحدة الاميركية، وهو يقتحم بيت احدهم مغني راب او «هيب هوب» يافع لم يتجاوز العقد الثاني، وتجولت الكاميرا في المبنى المكون من عدة طوابق خزانة الثياب تفوق مساحتها بعض محال الملابس عندنا، حديقة امامية وخلفية ومغطس وغابة ونهر صناعي ومأرب سيارات حسبت أنه «عمومي» والفتى لم ينتج الا بضع اسطوانات موسيقية، اذا كان الامر كذلك، فكيف هو حال المغنين والمغنيات الكبار أمثال بيونسيه ومادونا وجاي زي وشاكيرا حملة بناء بيت أسرة الخالدي التي دشنها محمود عبد العزيز وانضمت اليها عقد الجلاد، مشروع نبيل يستحق الدعم والمساندة من قبل اتحاد المهن الموسيقية، وكل الذين يترنمون بأغنية «سلمى» و«اتعلمنا من ريدها»، وتلك الباقة من الروائع التي لا يزال صداها يتردد في وجدان الشعب السوداني، وإن كنت لست من أنصار أسلوب «النفير». وهذا الواقع الذي يعيشه المبدع السوداني يحتاج الى نظرة ثانية! اكثر عمقاً وشمولية في اطار البحث عن حياة كريمة لمبدعينا احياء قبل أن يفارقوا دنيانا. يا خلف الله عذبتنا «يا خلف الله عذبتنا» عبارة انتشرت كالنار فى الهشيم.. صديق عزيز قال لى عايز افتح التلفزيون لكن خايف من خلف الله المتمدد فى كل القنوات السودانية.. وكل هذه المؤشرات تعني نجاح جمال حسن سعيد فى توصيل رسالة مفوضية الانتخابات التى سوف تعذب مراكز اقتراعها أكثر من خلف الله حقيقى ما تمثيل !!