في يونيو 1987م، وقد كانت للجبهة الاسلامية القومية بقيادة أمينها العام الدكتور الترابي زيارتها السياسية الاولي لمصر بكامل مرجعياتها ومقوماتها السياسية والدينية، كانت للوفد زيارة لانبا شنودة راعي الكنيسة المرقصية القبطية في مقره بحي العباسية بالقاهرة، حيث استغرقت الزيارة ساعة كاملة كانت فتحا جديدا في العلاقة بين الطرفين في ذلك الوقت المبكر، وان كان الانبا شنودة الصحفي والمعني بالحراك السياسي في مستهل حياته قبل الوصول للبابوية معروفا في مجتمعه المصري والعقدي المسحي الارثوذكسي القبطي بأنه اكثر انفتاحا وقبولا وجرأة في المواقف التي كانت تثير عليه ثائرة البعض. الانبا شنودة الذي رحل قبل ايام قليلة - تقبله ربه - قال لنا وقد كنت عضوا مرافقا في وفد الدكتور الترابي المذكور (نحن الاقباط مسيحيون دينا ومسلمون وطنا..).. وذلك مبدأ وموقف التزم به الانبا شنودة وعرف به حتى حانت منيته مؤخرا.. ذلك ان مواقفه من اسرائيل واعتداءاتها على الاراضي الفلسطينية والعربية والمقدسات الاسلامية المسيحية كانت مستمرة ومستقرة رغم اتفاق كامب ديفيد الذي وقع في يونيو 1979م، بين مصر واسرائيل وقد ناله ما ناله جراء تلك المواقف ابان الحقبة الساداتية.. وفي ذلك السياق ايضا كانت مواقفه ضد من يعملون خارج مصر لزعزعة الاستقرار والوحدة الوطنية في بلده معروفة وثابتة ايضا.. فالأنبا شنودة رمز ديني ووطني كبير.. وقد كانت لفتة بارعة من الوفد الرسمي السوداني الذي قام بأداء واجب العزاء في الزعيم الديني الكبير للدولة والطائفة القبطية والمجتمع في مصر بشكل عام لأن الراحل جدير بالاحترام والتقدير.. وهذا ما جعلني افعل ذلك في هذه السانحة وهذا الحيز الصغير.. فالراحلون من امثال الانبا شنودة لهم علينا حق ان نذكرهم بخير في غيابهم وقد قدموا وفعلوا ما كنا شهودا عليه... فالعزاء لكل من يهمهم الامر في غياب راعي الكنيسة القبطية وقد كان رمزا دينيا ووطنيا كبيرا وأخص بالذكر اخوتنا الاقباط هنا في السودان..!