اعتاد على القول الذي يثير حفيظة المختلفين معه» الحكومة»، أو المتحالفين معه» المعارضة»، وكلماته تنتقل دائما الى مربع لم يصله احد بعد، أو لم يتفقوا على المربع الذي يسبقه، فها هو زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي يرسل أحجية جديدة مرة أخرى، ويتقدم الى مرحلة ما بعد إسقاط النظام، رغما عن التباين بين اطراف تحالف المعارضة بما فيها حزبه حول الكيفية التي يسقط بها النظام؟، حيث قال المهدي في خطابه أمام الهيئة المركزية لحزبه أول أمس « ان من الضروري أن نتوافق على البديل قبل الحديث عن إسقاط النظام» ، وزاد «ان تحدثنا عن التغيير دون عرض البديل فاننا نمد من عمر النظام». سؤال شائك طرحه الصادق المهدي باعتبار انه يحمل في جوفه تساؤلات كثيرة عن التوقيت؟ وهل هي خطوة مفيدة؟ وهل بالفعل تحديد البديل أهمية تفوق ازاحة النظام؟، والأخيرة تطالب به قوى المعارضة والتي قسمها المؤتمر الوطني الى أربعة انواع « احزاب شاركت في الحكومة، واخري تستعد للانتخابات، وقوة معدودة تريد إسقاط النظام، واخيرة تقبل بالحوار وتحاورت « ، وحزب الامة القومي ينتمى للاخيرة بحسب القيادي بالمؤتمر الوطني ومستشار رئيس الجمهورية مصطفى عثمان اسماعيل الذى قال « حاورنا الصادق المهدي فيما يتعلق بالفترة الانتقالية ولم نتفق بشأنها معه، وحتى هيكلة الحكومة نوقشت مع المهدي، واعطينا الامة حق التفاوض مع الجنوب بشأن القضايا العالقة، وقبلنا بالخمسين في المائة للمجلس الرئاسي الذى يشرف على الانتخابات والدستور» ، وزاد اسماعيل» كل مانقوله مكتوب وسلم للصادق المهدي الذى اتفقنا معه على كل شىء»، وحديث مصطفى الذى من خلاله نقل رفض المؤتمر الوطني القاطع لاحاديث إسقاط النظام والتى كان اخرها المهدي في بحثه عن البديل، تبدو مناسبة طالما انها تدعم بابا للحوار لفت اليه القيادي بالمؤتمر الوطني مع حزب الامة، ولكنها قد تغلق بابا اخر مع قوى المعارضة التى تهدف الى الاطاحة بحزب المؤتمر الوطني وحكومته،وايضا تبعد حزب المهدى عن قوى المعارضة. حديث الصادق تبنته الهيئة المركزية لحزب الأمة في اجتماعها أول امس كخطوط في برنامج عمل الحزب التي تضمنت نقاطا أخرى ذات علاقة مباشرة بفكرة « البديل» للحكومة الحالية حيث تمثل طرق ووسائل وأدوات تقود الي تغيير الحكم دون ان يشير للبديل وذلك بتحديد الطريق الذي يؤدى الي ذلك، حيث قال بيان مركزية الحزب في خط برنامجها«البند11»: «بالنسبة للتغيير اختار حزب الأمة الجهاد المدني الذى يشمل كل وسائل المقاومة اللاعنيفة، واذا لم تحقق التعبئة فلابد من حشد الجماهير في العاصمة وكل عواصمالولايات والاستعداد لأية تضحيات تفرضها علينا ظروف القمع لأن استمرار الأوضاع المتردية الحالية سوف يؤدي الي تفكيك السودان» . استباق المهدي لفكرة تغيير النظام بتحديد البديل لان ذلك خطأ، لا تعتبر بذات الدقة بمعنى انها لا ترتب هكذا، حسب رئيس حزب البعث السوداني محمد علي جادين لان قوى المعارضة التي تعمل على إسقاط النظام تعمل وفي ذهنها قضية البديل والتى تتطلب توافقا من القوي السياسية بحيث لا تتكرر اخطاء الماضي، واضعة اطارا عاما لتحديد الاولويات لما بعد إسقاط النظام متمثلا في قضايا رئيسية « الديمقراطية، السلام، المصالحة الوطنية، الوضع الاقتصادي»، واردف جادين قائلا ل»الصحافة» ان قوى المعارضة واعية وتكاد تكون متواثقة على فهم محدد لقضية البديل بنسبة تتجاوز «70%»»، والمعارضة التي تنظر الي البديل وتتشاور حوله وفي ذات الوقت تسعي لإسقاط النظام حددت خيارا اخر لبديل الحوار للجميع دون استثناء لاخراج الوطن من أزمته كما قال القيادي بتحالف المعارضة فاروق ابوعيسى أول أمس في صالون سيد أحمد خليفة «هو إسقاط النظام عبر الشارع والانتفاضة»، وذلك ماتسعي قوى المعارضة لتحقيقه، وهو فعل يصعب تحقيقه في الراهن مالم تكتمل شروطه حتى على طريقة «المهدي» البديل اولا، الذي لا يشكل هاجسا لقوى المعارضة كما يراها محمد على جادين «وحدة احزاب المعارضة في جبهة واحدة متوافقة على ميثاق محدد، وليس فضفاضا حلا لاى أزمة قد تنشأ مستقبلا حول البديل. لا يعدو الحديث عن تغيير حكومة المؤتمر الوطني بدون عرض البديل لها الا أن يكون تمديدا لعمر النظام، وهي الرؤية التي طرحها المهدي لأعضاء مركزية حزبه، وهذا حديث غير منطقي وغير متسق لأنه يهدف الى العكس من ذلك وهو اطالة عمر النظام ويدعم مشروعه لشق صف المعارضة وفق المحلل السياسي والأستاذ الجامعي البروفيسور صلاح الدومة الذي قال ل»الصحافة» أمس « ان المهدي يوالى الحكومة بعرضه هذا ويمنحها مزيدا من الوقت، ويضلل الرأي العام ويتحدث عن الأعراض ويترك الأصل «إسقاط النظام» ويستدل بروفيسور الدومة بالتاريخ القريب «ثورتي تونس ومصر» اللتين لم تطرحا بديلا عندما أطاحتا بالحكام دون أن تنظر للبديل للقادم. على كل فإن كل الاراء المتباينة بين حزب المؤتمر الوطني والاحزاب السياسية المعارضة حول مستقبل البلاد خاضعة للاختبار والتجريب في مقبل الايام على اعتبار ان الافق السياسي مفتوح لكل الاحتمالات طالما ان هناك حراكا سياسيا وحوارا يدار وصولا لحل على اكثر من جبهة «حكومة- وبعض الاحزاب، واحزاب معارضة فيما بينها».