اللواء عمر سليمان مدير مخابرات حسني مبارك السابق الذي لم تمكنه ثورة ميدان التحرير من الاستمتاع بمنصب رئيس الجمهورية غير ساعات قليلة، بل لم يقم الرجل بفعل بوصفه نائباً لرئيس الجمهورية غير اذاعته لبيان مقتضب وبوجه مكفهر أعلن فيه تنحي الرئيس حسني مبارك من رئاسة الجمهورية تحت الضغط الشعبي المتفجر بفعل سنوات الكبت الطويل، الذي عاشه الشعب المصري بمختلف مكوناته.. يطل اللواء عمر سليمان وقد حسبه الناس انه يعكف على كتابة مذاكرته، يطل ليعلن نفسه مرشحاً لرئاسة الجمهورية، بلا استحياء!! وبلا شك ان الشارع المصري باستثناء المنتفعين من نظام حسني مبارك يقفون ضده لحد وصف امر الترشيح بأنه اهانة للشعب المصري، كون ان عمر سليمان يعتبر من اقوى رجال مبارك، وهو مهندس التواصل الحميم مع إسرائيل، وأن ترشيحه يلامس اشواق معسكر حزب المؤتمر الوطني لكتابة فصل ثان من تاريخ الفساد والانحطاط السياسي.. ولم يكن أي من الخبراء يتوقع أن يقوم اللواء عمر سليمان بمثل هذه الخطوة المدهشة.. فكيف لشعب ثار ضد الظلم والاستبداد يقبل أن يكون رئيسه القادم أحد كاتمي أنفاسه. ولو قُدر للواء عمر سليمان ان يمضي في سباق رئاسة جمهورية مصر، فإن ذلك يعني ان احداثا عظاما ستلم بمصر في مقبل ايامها، اما ان يتمكن الرجل من الفوز برئاسة الجمهورية فربما عادت مصر بفعل ثورات الغضب التي ستندلع في كل محافظة بل في كل قرية الى مرحلة ما قبل التاريخ.. وبين ايدينا ما حدث خلال الثورة الاخيرة حينما وجد «البلطجية» سانحة لتدمير المتاحف وتخريب وسرقة الآثار. إن كان اللواء عمر سليمان قلبه على وطنه، ما كان له ان يترشح، بل كانت الحكمة تقتضي ان يتوارى الرجل ويكتفي بماضيه العسكري.. ترى هل الرجل قد أُجبر من جهات خارجية «إسرائيل» أو أمريكا مثلاً ليقوم بطرح نفسه رئيساً، حتى يكون الضامن المؤتمن على اتفاقية كامب ديفيد، ومن ثم «تمييع المواقف المصرية» لمواصلة دورها الذي اهتز على مدى ثلاثة عقود؟ ام الامر تم بضغط من المجلس العسكري الذي يخشى انتظار معسكر الاخوان المسلمين، واستلامهم مقاليد الحكم في البلاد؟ ام هي رغبة وطموح يخص اللواء وحده؟ ويبدأ اللوء في «تعكير الأجواء السياسية» مبكراً بقوله إن جماعة الإخوان المسلمين وجماعات إسلامية اخرى هددته بالقتل، وهو يريد أن يقول للمصريين «إياكم» والتيارات الإسلامية، وفي ذات الوقت يسعى لاستقطاب مؤيدين جدد، من خارج دائرة الذين أبدعوا في «معركة الجمل». يبقى انتخاب اللواء عمر سليمان أمراً يخص جميع المصريين بمختلف طوائفهم، غير أن مجرد ترشحه سيفتح ملفات، ويدخل مصر في دوامة صراع طويل، وبلا شك أن المستفيد الوحيد من عدم استقرار مصر هو إسرائيل التي تطرب إلى أي اضطراب يلم ببلد عربي أو مسلم.