تحية طيبة ٭ اسمحي لي استاذة امال بأن اعقب على ما كتبتيه من تقريظ لكتاب الدكتور عبد الله الشيخ عن مهيرة بت عبود، فمن خلال الكتابة في عمودك اليومي يمكن تصحيح كثير من الاخطاء التاريخية المتداولة ومن ذلك مثلاً ما قام به الدكتور الشيخ من تصويبات عبر بحث مضنٍ وتقص للحقائق عن مهيرة بت عبود، وأنا اود هنا أيضاً أن ابذل محاولة لتصحيح او تصويب بعض الاخطاء التاريخية الخاصة بهذا الموضوع، خاصة وأنني اثق الى حد بعيد في الروايات الشفهية للتواريخ المحلية للقرى والبلدات والقبائل، فما ذكره الدكتور الشيخ يمثل نقلة نوعية لفهم طبيعة الظروف المحيطة حروب الشايقية ضد اسماعيل باشا على وجه العموم ودور المرأة فيها على وجه الخصوص، ومن ذلك دور مهيرة بت عبود التي لم تكن فتاة عذراء في واقعة كورتي ولكنها كانت امرأة متزوجة ولها ابناء وبنات، ولذلك فإنني استبعد تماماً ان تكون قد قالت ما نسب اليها من أشعار لعب الرواة او ربما المسرحيون دوراً اساسياً في صياغة هذه الاشعار، وينبني استبعادي هذا على مجموعة من القرائن، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ان لغة الاشعار وتراكيبها لا تشبه شعر الشايقية في ذلك الزمان، فما وصلني من أشعار عن تلك الحقبة يعكس لغة صعبة وعصية التراكيب والمفردات والاوزان أما ما نسب لمهيرة فانه شعر سلس يشبه الى حد بعيد أشعار منطقة الوسط، لغة او لهجة الجعليين على وجه التحديد، ثانياً أنه لا يوجد اختلاف في صياغة هذا الشعر حسب المواقف من الحرب، فقد كان الشايقية في البداية مترددين ولا يريدون خوض الحرب، ولكنهم تحت تندر مهيرة وتشنيعها بهم قرروا خوض الحرب، وحينما قرروا ذلك مدحتهم مهيرة، ولكن ما يشكك في هذا الشعر أنه قيل بنفس واحد ومفردات وإيقاع واحد في كلى الحالتين، وهو ما يشبه الموقف الدرامي المصنوع الذي صيغ بعد المعركة لعشرات السنين، وأنا ايضاً لا استبعد ذلك لأن الانجليز سواء قبل المهدية او بعد الحكم الثنائي كانوا يشجعون مسرحاً مسيساً الغرض منه النيل من الاتراك ومن المصريين على حد سواء هذا وان ذكر لي الاستاذ/ علي الرفاعي من منطقة القرير والروائي المعروف بأنه اطلع على وثيقة وردت فيها أشعار مهيرة وان هذه الوثيقة كتبت في الربع الاول من القرن العشرين أى بعد قرن من الزمان من معركة كورتي، وحسب إطلاعي لا توجد أى وثيقة أخرى ذكرت فيها هذه الاشعار سواء من قبل المؤرخين الاجانب او من السودانيين أنفسهم، ويا حبذا لو برز لنا الاستاذ الرفاعي هذه الوثيقة لدراستها والتحقق منها، فقد تكون لنا عودة في الكتابة عن كورتي وموقعها الجغرافي أثناء غزو اسماعيل باشا وعن الشيخ الهدى واستشهاده ونبش قبره واعادة دفنه ومن قام بذلك. دكتور/ مختار عجوبه