«كل من يمارس قوة من غير حق يصاب بالجنون لأنه يتصرف ضد الفطرة الإنسانية المبنية على العدل» المفكر الاسلامي/ الامام الصادق المهدي مدخل: «2» «تبقى الاختلافات حيوية وباعثة للنشاط السياسي، بدلاً من تماسك مصطنع باعث على البلادة، ومنبع جاذبية لأية فكرة تنشد الحضارة» المفكر الامريكي/ بيترجي كاتز نشتاين «1» لا بد من قيام مدرسة للكادر التنظيمي ان البناء التنظيمي في هياكل الاحزاب السياسية يفتقد تماماً للتراتبية في تبادل الادوار، وفي انسياب برنامج التسليم والتسلم للمناصب، دونما حساسية او احساس بالتغول والعمل عليى«الازاحة الشخصية» وذلك من أكبر أسباب ضعف ونوعية الكادر، وغياب الدروس المنهجية للفرد، والتي يستند عليها العضو المحترم وهو يؤدي الدور المناط به اداؤه، في ممارسة النشاط التنظيمي، وفق واجب من الاحترام المتبادل ، والذي يتم في وضعية الاحزاب في الدول ذات الديمغراطيات الراسخة والتجارب المحترمة، من التي استطاعت ان تبني لها مؤسسات صلبة ومتينة وتنظيمية جعلت من الممارسة السياسية مشروعاً للتربية الفنية في ترقية وتأهيل العضو المنظم، لذا عادي جدا أن يتحول تلقائيا «كارتر الرئيس» الى «كارتر الناشط» مدنياً في اي مرفق لواحدة من مؤسسات المجتمع المدني، ويؤدي دوره بمنتهى الاريحية، فأين نحن من تشبثنا بالمناصب حتى ولو قاد ذلك الى ضياع الحزب؟! او ادى الى وضع قيادته التاريخية في حالة لا يحسد عليها من الجرح، في كيفية ارضاء الجميع من واقع التوازنات الجهوية وشتات الحزب الجماهيري!! «2» المؤسسية بين الرئاسة والجهاز التنفيذي لا بد من توفيق الأوضاع المؤسسية من غير ما حساسية أو غيرة ما بين دستورية وقرارات الرئاسة وسلطات الجهاز التنفيذي التنظيمية، حتى لا يحدث أي نوع من الخلل او تضارب في الصلاحيات وهذا ما يحتاج بالضرورة الى ما سميناه ضعف البناء بالمؤسسي والحاجة لمدرسة الكادر التنظيمي وغيابها اليوم فإن كانت موجودة لما احتجنا الى إثناء العضو عن «الكنكشة» او الالتزام بالممارسة الديمقراطية او تقبل نتائج الانتخاب أيا ما كانت «بروح الديمقراطية»، ثم السعي من بعد الى العودة الى المنصب او البحث عنه، حتى ولو من باب «الرئاسة» بحجة تجنيب الزعل «القبلي او الجهوي» «طيب وين الروح الرياضية لحظة سحب الثقة..»؟! «والموقف السامي»؟! ٭ عموماً يبقى الرأي الفردي الذي يحتاج حقيقة للشجاعة، ما هو الدور التمثيلي أمام مسرح «الهيئة» لينال صاحبه الاعجاب بالتصفيق ولكن الرأي الحقيقي هو الرفض بمستوى تقبل النتيجة لأي موقع حتى ولو كان «رئاسي»، ام سياسة الخروج بالانتخاب تنفيذيا بالباب والدخول رئاسياً بالشباك فذاك هو عين التعبير لعدم احترام العضو المعني بمخرجات الهيئة المركزية كأعلى سلطة تنفيذية بعد المؤتمر العام في أية هيكلة تنظيمية.. للمفاضلة الديمقراطية بين عضوية الاحزاب المتنافسة على الجلوس على كراسي الامانة العامة. «3» الحزبية في السودان ما بين الإنجاز التنفيذي واللغز الرئاسي لم يكن العمل العام في يوم من الايام خياراً أو شيئاً شخصياً او ارضاءً الى ذات فانية، بل طالما أن القناعات هي ملك للجميع فلا يمكن مصادرتها لدى اي من كان وتبقى القيمة والقداسة الروحية للافكار، هي الملاذ والهدف الذي في سبيله يهون كل غالٍ ورخيص ومن هنا يأتي التقييم الإيجابي والحساب السلبي لكل مشروع أو مساهمة فكرية أو سياسية تنظيمية يعول عليها كثيراً دون الاصرار على فرض الخيارات غير المقبولة مهما كانت عظمة مصادرها الدستورية «وهذا ما ينبغي أن يكون عليه الحال في عالم الفكر ودنيا السياسة» دون محاباة او مجاملة جهوية وهذا «العالم» ينبغي ألا يكون عرضة للمكائد والدسائس، ولا حتى الفروض الواجبة التي لا تساوي النوافل، إذا ما قيست بالقيم الروحية، بعيداً عن الأهواء الشخصية. ٭ أما الخيار والواجب لمن يكون للفرد أم لرأي الجماعة؟! الاجابة طبعاً للجماعة.. والمقصود بالخيار الاستجابة بمستوى الشجاعة والروح الديمقراطية التي صارت في مقام الاعجاب كاعجاز، وليس الردة الحزبية التي ازاحت كل من كان له حساب ايجابي ورصيد من الممارسة الديمقراطية التي شهدتها نتيجة الهيئة المركزية لأكبر الاحزاب السياسية في السودان، في غضون الاشهر الماضية فبعد الذي شهدناه من ممارسة تنظيمية كانت مثار إعجاب لكل الحاضرين وما نتج عنها من «اخراج لأنفاس ظلت حبيسة».. في جوف كل الامة، ألا أن الاصرار والعودة دون ما كان متوقعاً، قد أعاد الى البعض ذكرى سيئة ما انفكت تلوح في المخيلة منذ نتائج ما تمخضت عنه مخرجات المؤتمر السابع للامة وما قاد الى ما انتهت اليه من تولد ما سمي «تيار التغيير».. وكانت الإشارة وقتها معنياً بها «فرد» ليصبح مثار الجدل والاختلاف، والمهدد لمستقبل حزب عريق «بحجم أمة» حزب ظل دوره هو الدور المفصلي في كل المواقف البطولية منذ ان عرف السودان نظام الدولة الحديثة وقيام مؤسسات المجتمع المدني في عقد الأربعينات من القرن الماضي. ٭ فاذا كان جنابو هو «السيوبرمان» فهو اليوم قد صار خميرة العكننة، ولحظة تقبله النتيجة برحابة الصدر «للهزيمة الديمقراطية» اليوم قد مسحت باستيكة النفوذ الدستوري واستغلال السلطات «الشرعية» ولنفترض أن تلك حقوق يمنحها دستور الحزب. ٭ ويبقى السؤال لماذا الاصرار على شخص معين؟! وما فائدة «المنصب الرئاسي» في ظل إشعال نيران الصراعات وهل تم استبدال ذاك الموقف الشجاع والديمقراطي في النتيجة والتقبل، ام ما الذي حدث؟ افيدونا افادكم الله وما الفرق ما بين زيد وعبيد في وظائف الرئاسة؟! ٭ إن الذي حدث في رئاسة الحزب سوف يظل «خطأ» ينتقص من رصيد الفكرة المتجددة و«الاصل» دونما يحسب باعتباره رصيداً ايجابياً لدور العسكرتاريا وطموحها الشمولي الزائد في التغول على الحقوق المدنية للمؤسسات الحزبية في السودان. والتي كانت ومازالت تمثل بؤرة الفناء للمشروع السوداني الحزبي عبر كل الانظمة التي سطت بليل وحكمت بشكلها الشمولي، خاصة «ضد كيان الأنصار وحزب الأمة» منذ شمولية الفريق عبود ومروراً بمجازر مايو وصلا لما انتهينا اليه اليوم في عهد الإنقاذ ومؤتمرها الحاكم من ألغاز دون الإنجاز، وتشتيت للجهاد المدني بالاستقطاب الحاد للعضوية النافذة والمؤثرة، ومن لها المقدرة على خلخلة بنيان الكيان الراكز حتى من داخل البيوت الحزبية والأنصارية. «4» هل يصح الدخول للتاريخ عبر بوابة الخروج من التنظيم؟! هذه رسالة الى كل ناشط رسالة مفادها كيفية الدخول الى التاريخ من اوسع نوافذه قبل ابوابه خاصة اذا كنا اعضاءً في حزب جماهيري «غير صفوي» متباين في مقدرات الوعي وحتى العضوية فيه من لم يفك الحرف ولا يعرف «ما هو الواو الضكر» ولكن إلمامه بالقيم الموروثة وايمانه بالفكرة تكسبه بالاجماع شروط القيادة التاريخية .. وكذا بين ظهرانينا «العالم الذي ينتج الفكرة» ويضع اللبنة لبناء المشروع وهذا ما يلزم التوفيق ما بين مقدرات هذا وانتاج ذاك وهذه هي اكبر المعضلات التي تواجه «حكيم الأمة» وما يحتاج اليه الحكماء في زمن غيابهم !! وزمن بيع الذمم الرخيص.. ٭ لذا يجب علينا أن نجنب ما تبقى الينا من حكماء الحرج، طالما ان ذلك في الاستطاعة، فلماذا الاصرار على «المنصب الرئاسي»؟! يا سعادة الفريق؟! ٭ فشرف الانتماء للحزبية والعضوية العادية اذا ما منحت بقدر الموقف الشجاع والذي كان مثار الاعجاب عند الخصوم قبل المناصرين في «تقبل النتائج»، قد يرفع من القدر فوق الجميع، لو تم تدعيمه بالرفض لأي منصب حتى ولو كان «رئاسياً».. ليتأكد للجميع من مدى «الصدق» الذي طابق «الاسم» وطالما ان الاجماع هو الرأي الغالب.. تبقى حتى صلاحية الدستور الحزبي ذات تقديرات شخصية. ٭ واذا كانت الخيارات الشخصية غير مقبولة حتى ولو كانت «رئاسية»، فعلى الفرد ان يضحي «بحقه» من اجل الجماعة وفي هذه الحالة تظهر الشهامة و«المعدن الاصيل» والموقف الشجاع الحقيقي، وتصبح الفائدة بالتضيحة أقيم من الفائدة بالمنصب، وهذا ما نرجوه اليوم من كل ناشط سياسي حزبي في الامة . ٭ وقد ثبت أن لم الشمل الحزبي يتوقف على التصخية بالمنصب الرئاسي الزائل، وكما قلنا فإن ابواب التاريخ مازالت مشرعة لأبطال المواقف المميزة، لا أبطال الاصرار على «تولي» المناصب!! ٭ وطالما أن الخلاف سنة مؤكدة فليس هناك من هو «ملوم»، ولكن يبقى الإجماع هو الفرض في المواقف التي تلزم «القائد التاريخي» على التسامي فوق مرارات الجراح وقسوة الصراعات الحزبية والتنظيمية و «السماحة المعهودة في السيد الإمام». ٭ وفي كيفية لم الشمل قد كانت لنا قدوة حسنة في موقف «الخليفة شريف» حينما خرج من السجن مجاهداً في صفوف «رجل الدولة» الأول الخليفة عبد الله بن السيد محمد جندياً مخلصاً وطالما ان العبرة بالنتائج فأمامنا ألا نحمل قيادتنا وتاج عزتنا التاريخية «فوق طاقتها» فقط اذا جنبناها «الجرح» بحفظ توازنات القيم في الاحزاب، وخاصة التي مازالت تمثل مشروع السودان للسودانيين «بكل ما تحمل هذه الجملة من قيم ومعنى». «وستظل على الخيار المطروح والصادق ما بقى في الامة نبض». ٭ وستظل أبواب الأمة مشرعة ومفتوحة، طالما ان هناك بين عضويتها من يضحي من أجل إسعاد الآخرين وهذا ما لزم توضيحه، والسلام على عضوية الامة «جيل بعد جيل» وكل من حمل الراية الخفاقة من غيرما «رهن» لمنصب او حافز ومكسب فالتحية والتجلة للجميع ودامت الأمة «السودانية» ذخراً لهذا الوطن المعطاء ولا غالي ولا كبير أمام الوطن، وليكن الديدن الود والاحترام ثم القيم والسعي على الحفاظ عليها.