حينما يكون ريموت كنترول التفكير في يد الجنون، لا تتذمر من قنوات الانفلات، إنه العرض الطبيعي لهكذا حالة؟! ولكن حتى تعود مشاهد الهدوء والعقلانية.. إلى واجهة العرض، فأنت في أمس الحاجة إلى كبسولة وعي تصرف لعقلك عبر روشتة تبحث من خلالها تارة عن «بجع» الكتابة ما بين سطور بحيراتنا الراكدة- وتارة أخرى عن عكاز يتكئ على جدار الكلمة لتطلق لساقي قلمك العنان..!! فضارة الحروب الباردة التى اشتعلت في الغرب عادت بالنفع على الحروب الساخنة في القارة السمراء، وحينما تنفض غبار المعنى عن مثل يقول: «رب ضارة نافعة» فإننا نوقن للوهلة الأخيرة أنه - أي المثل- قد تم تصنيعه خصيصاً ليتسنى صبه على قوالب المرحلة الجاهزة التي يمر بها السودان حالياً، وما قبل ذلك كانت ثقافة المستعمر قد نثرت بذور الفتنة حتى طلعت نبتاتها على حدود دول إفريقيا ضمن مخطط استراتيجي تمت حياكة تفاصيله قبل أكثر من قرن من الزمان. وحينما نعود بذاكرتنا إلى الوراء قليلاً ليس بإمكاننا إسقاط تفاصيل مؤتمر لندن عام 1900م ومؤتمر كمبالا عام 1994م الذي أقيمت أجندته لدفع عجلة مؤامرة الغرب ضد القارة السمراء التي تضم ثلاثاً وخمسين دولة مستقلة. ولكن لماذا السودان هو المحور الرئيسي في نثر تلك البذور السامة؟! ليست للإجابة على هكذا تساؤل تأويلات عدة، فالسودان بكل ما يمتلك من ثروات ليس سوى «بروفة» حيَّة لتنفيذ المخطط الأكبر للغرب الذي يتمحور في تمزيق أوصال قارة إفريقيا وتوزيعها الى عدد من الدول لا يتعدى عددها اصابع اليد الواحدة بمسميات مختلفة..!! إن منتهى الغرابة ليس في أطماع الغرب ومخططهم الاستراتيجي، إنما الغرابة تكمن في بعض حكام إفريقيا وأحزابها الذين يرقصون على إيقاع هذه الريح التي تخطط لخلع بلدانهم من على خارطة العالم، بينما شعوبهم تتمرغ همها اليومي البحث عن سبل العيش، ويأتي ذلك تكريساً لصناعة الجوع باعتباره منهجاً سياسياً يمارسه الغرب على جميع دول العالم الثالث.. فهل يعي السودانيون قبل غيرهم بأنهم مطالبون أكثر من أي وقت مضى بفتح مسامات أخرى في جسد الحوار الوطني تحت سقف- وطن واحد- ليتنفس الجميع هواءً نقياً بعيداً عن ثاني أكسيد التوتر الذي خنق الشعب وحكوماته المتعاقبة ردحاً من الزمان؟.. نتمنى ذلك.