بتوارى المخرج السينمائي أنور هاشم توافد الظلام ولفنا كسينمائيين وتواترت أغطية الحجب. وقبلها بقليل، قبل وقوع واقعة الاعياء.. جلسنا كلانا ذات نهار بفناء البنك الفرنسي بالخرطوم، كان لقاءً على غير العادة رغم قصره... تحدثنا عن كل شيء وارتسمت على وجوهنا علامات الدهشة والانبهار! لان ما نراه فيما يخلخل الشخصية السودانية لا يسر عدوا ولا حبيبا! عن السينما بالطبع كان حديثنا أغلبه.. جريمة تصفية وحدة أفلام السودان وكيفية الخروج.. تحدثنا كذلك عن حميمية المخرج ابراهيم شداد والذي أيضاً يمثل قيمة فنية مهمة، وشددنا على ضرورة الجلوس سوياً طالما هو أقرب ما يكون إلينا، اطلعني بعدها على آخر حواراته بصحيفتي الحرة وآخر لحظة. مصداماً كان وصادقاً مع نفسه ومع الآخرين ولو كلفه ذلك الكثير. كان حديثه في قول الحق مثل طعن الخناجر رغم أنه لم يستخدم خنجراً واحداً فيه، مثل ما قال هاملت! أخيراً اطلعني على هوامش لمقال يخطط له في بعض أفكاره عن همومنا السينمائية.. ترك لي كل ما اطلعني عليه وتركته وتركني إلى الأبد! أنور هاشم رائد سينمائي مهم، خلال رحلة طويلة ومعين لا ينضب، أنجز أكثر من ثلاثة وسبعين فيلماً منها التسجيلي والروائي الطويل والقصير والتلفزيوني. وتبقى السمة الرئيسية لأعمال أنور هاشم هي مشاعره الفياضة بحب الوطن والذي انفعل بأحداثه وعبر عنها.. ومن أعماله فيلم شروق (روائي طويل) وفيلم (رحلة عيون) بطولة محمود المليجي والفنان صلاح ابن البادية وفيلم (وادي الملوك) الحائز على الجائزة الذهبية في مهرجان أسوان للأفلام التسجيلية، وفيلم (وعد) والذي كرم فيه في مهرجان بغداد السينمائي. عانى من المرض سنوات وتحمل بصبر وجلد وبلا اهتمام من ولاة الأمر. رقد مريضاً بلا ضجيج! مات بلا ضجيج! فتوالى بعدها الضجيج!.. إذ تنعى الدولة المصونة فقداً جللا وسينمائياً فذاً... تحية للدولة. (إنّا لله وإنّا إليه راجعون). مخرج/ ناقد سينمائي [email protected]