أوركسترا (التبر) وهي تستهل انطلاقها الموفق تعلن عن اكتمال منظومة عميقة من المعرفة، الوعي، التجربة والممارسة. الفرقة بقيادة الموسيقار الدكتور كمال يوسف تجسد امتدادا للعديد من مشروعات البحث التطبيقي في تكوينات ودراسة المزاج السوداني إدراكاً وممارسة، وقائد الاوركسترا الدكتور كمال يوسف ظل خيطاً ناظماً لمسبحة المشهد الموسيقي الوطني لأكثر من عقدين من الزمان ليس ضيفاً أو سائحاً بل مشاركاً أصيلاً في صناعة هذا المشهد. يأتي هذا الحوار مع الدكتور كمال يوسف بعد ان أفرد حلمه المستقل بمشاركة مجموعة الشباب المبدعين الذين آمنوا بهذا الحلم وعملوا لأجله. التقيناه وبسطنا بين أيديه مجموعة من الرؤى والتساؤلات فكان الحصاد هذه السطور: ٭ د.كمال ظللت شريكاً أصيلاً في الحلم الموسيقي الحديث أعني الحلم الذي ينشد تطوير الموسيقى السودانية على أسس العلمية ولاحترافية، فكنت في السمندل وكنت في مجموعة الخرطوم الاكاديمية وأسست مع الراحل اميقو (اوركسترا النيل).. الآن لم يصر كمال ان يستقل بمشروعه؟! - هي مرحلة لابد من الوصول اليها ان يكون هناك مشروع مستقل يحقق المرء من خلاله طموحه بأن يقدم موسيقى سودانية صميمة في ثوب عصري وحديث يتم فيها خلق موازنة بين خصائص الموسيقى السودانية نغماً وايقاعاً وأساليب الأداء والصيغ والقوالب، وما بين ما ارسته علوم وفنون الموسيقى على مدى قرون من دقة في الاداء ومن ضبط في التنغيم وما بين الانغام نفسها من علاقات هارمونية كل ذلك بحيث لا يشعر المستمع السوداني بغربة والمستمع غير السوداني يشعر بأنه امام شيء مختلف لكنها مقدمة بأدوات هو معتاد عليها. ٭ اختيار العمل المستقل ألا يمثل تخليا عن الجماعية؟! - من قال ذلك.؟ فالشباب الذين يعملون معه يؤمنون بجماعية الفعل والمشاركة ولديهم ذات الطموحات والمشروعات في تقديم الموسيقى السودانية بذات درجة النقاء التي احلم بها، ومعاً نسعى لتطوير مهاراتنا في تقديم الجديد وتطوير مهاراتنا فأنا أطور نفسي في التأليف وقيادة الاوركسترا، والآخرون كذلك يحاولون رفع قدراتهم بحيث يتحولون الى أعضاء فاعلين في الاوركسترا. ٭ د.كمال يوسف كموسيقار وأكاديمي هل يحاول عبر مجموعة (التبر) ان يطبق بعض المفاهيم والقناعات التي اكتسبها من خلال مشروعات البحث العلمي في تراث الموسيقى السوداني؟! - نعم، بعض ما نقدم من اعمال مستوحاة من التراث وثمة صيغ تم تقديمها في تنويعات (زي اللول لولاك يا العروس) تم تقديمها بما يتناسب من هارمونية ومهارات. ٭ هل تغيب هذه الرؤى مسألة الامتاع والترفيه المنشودة في الموسيقى للشخص العادي غير المتخصص؟!. - يهمنا في المقام الأول الشخص العادي المستمع الذي يستمع لاذاعة ام درمان والمطربين وموسيقانا السودانية حتى الآن لم تجر حولها الدراسات الكافية والآن تذوق الموسيقى السودانية تذوق مفتوح. الجمهور المستهدف هو الجمهور العادي وانا اثق في ذوق المستمع السوداني فيقبل ما يوافقه ويرفض ما لا يتناسب معه، وانا اعتمد على تجربتي كمستمع ومتذوق للموسيقى السودانية ومحب لها. ٭ لاحظ البعض في آخر عرض موسيقي بالخاتم عدلان وجود بعض المشاركين في فرقة (التبر) من غير السودانيين هل هي مصادفة أم مسألة مقصودة؟! - كثير من الأجانب الذين يعيشون في السودان وفق ظروف عملهم لفترات محدودة يكونون بالأصل موسيقيين وبالتالي تجدهم في حالة بحث عن متنفس لممارسة هوايتهم او ابداعهم فمتى ما وجدوا الفرصة في عمل يتواءم وملكاتهم لا يترددون في الانضمام وقد سبق ان تعاملت مع موظفة في منظمة هولندية كانت عازفة جيتار في العام 2005م ثم مريم كريمار وهي عازفة فلوت ألمانية وحتى بعد مغادرتها اصبحت هذه الاعمال ضمن برامجها تعزفها أينما حلت، وهذا في حد ذاته نشر للموسيقى السودانية عبر ما يعرف بالدبلوماسية الشعبية الآن في الاوركسترا يشاركني عدد منهم في العام 2009م شاركني عازف بيانو هولندي مارسيل وورمز منها صولو لآلة البيانو ام درمان بلوز وهو ضمن معزوفات يقدمها في اعماله الى جانب العديد من التجارب مع الاوروبيين داخل وخارج السودان لذلك لم يكن من الصعب استيعاب موسيقيين فالآن يعزف معنا عازف الايقاع بو استوكر ومعنا عازفة الكمان رؤية افولكر وهي من النمسا، والآن هنالك بعض الاجانب المقيمين في السودان ربما مستقبلا ينضمون الى الأوركسترا. ٭ د.كمال دائما ما تواجه المجموعات الموسيقية عقبات مثل التمويل الاستمرارية الرعاية الاعلامية فهل عملت على حماية حلمك من مثل هذه العقبات التي يمكن أن تعيقه وأمنت له مسارات الاستمرارية؟ وهل الدولة بمؤسساتها الثقافية على دراية بهذا المشروع العالمي؟!. - خلال تجربتي منذ العام 89 تراكمت لدي تجارب ووعي بالمشكلات التي يمكن أن تواجه إدارة الفنون كذلك المجموعة التي تعمل معي لديها من الخبرات ما يمكنها من معرفة هذه المشكلات وما جمعنا أساساً هو تخطى هذه المشكلات حتى نهييء جوا مناسبا بالمواصفات الموجودة في تصورنا لذلك عندنا المقدرة لمواجهة هذه المشكلة بالنسبة للاعلام لدينا مجموعة طيبة من الشركاء الصادقين في دعمنا ودورهم هو تأمين جانب الاعلام والترويج ونثق في قدراتهم فالعملية الفنية عملية متكاملة ونحن نعتبرهم شركاء في تقديم هذا المشروع والتعريف به، اما مسألة الدولة فنحن قدمنا عملنا كمحترفين نشتغل بالمجال الابداعي في فنون الموسيقى تحديداً وقد درج الناس على أن يقدموا مشروعاتهم ويذهبوا بها الى الدولة واعتقد انه آن الاوان لأن تلتفت الدولة لمسؤولياتها في دعم ورعاية هكذا انشطة وان تبذل جهداً في رصد التجارب الجادة ودفعها من خلال اجهزتها وامكاناتها وهذا يعود للسودان بشكل عام. ٭ هل ينطبق هذا الدور ايضا على أجهزة الاعلام؟!. - نعم قدمنا مشروعنا وتعرفت عليه العديد من اجهزة الاعلام وبدورنا لن نقصر في تقديم الدعوة لهم للحضور والمشاركة لمتابعة انشطتنا. ٭ نتحدث ختاماً عن الجهات التي جعلت هذا الحلم ممكناً؟ - أولاً مجموعة الموسيقيين عشرون شخصا أعضاء منتظمون في الاوركسترا، ومجموعة أخرى من الموسيقيين المتعاونين ولم يحدث ان قدمنا الدعوة لموسيقي وتردد عن الاستجابة وهم أساس المشروع وبدونهم لا يمكن ان ينهض والمؤسسة الثانية مركز الخاتم عدلان ظللنا نقدم بروفاتنا في هذا المركز منذ يناير 2011م والاعلاميون الذين ساندوا المشروع والعديد ممن استمعوا الينا واعطونا مؤشرا للاستمرارية والنجاح. ٭ هل ثمة اضافات أخرى؟! - أولاً نحن لا ندعي عبر هذا المشروع أننا نقدم مشروعاً لتطوير الموسيقى السودانية كما درج البعض ان يدعي كلما قدم عملاً فنياً جديداً ولكننا أمام مسؤولية تطوير مقدراتنا كموسيقيين وفهمنا وتذوقنا للموسيقى السودانية واحساسنا بها بما يليق بها كثقافة ضارية الجذور في تاريخ الحضارة السودانية، فنحن جزء من ثقافة كبيرة جداً هذا الى جانب ان ما نقدمه هو لون ضمن ألوان كثيرة موجودة في الساحة، فهناك تجارب أخرى كثيرة نحترمها ونقدرها ونود ان نقف الى جانبها ونقدم ما لدينا.