أعلن السيد/ رئيس الآلية الرفيعة ثامبو أمبيكى بعد مقابلته مع السيد/ رئيس الجمهورية، عن استئناف التفاوض بين السودان وجنوب السودان في أديس أبابا خلال الأسبوع الجاري. وهذا بعد حصوله على موافقة الطرفين. وزادت حكومتنا على ذلك موافقتها على قرار مجلس الأمن بالرقم «2046»، وذلك في إطار سعى حثيث لمقابلة مواقيت هذا القرار، حيث حدد القرار أجندة التفاوض «في البترول والحدود، مواطني الدولتين وأبيي». ومن جهتها اشترطت دولة الجنوب إدراج المناطق المتنازع عليها، وهو ورد ضمنا في بند الحدود، بينما اشترطت حكومة السودان أن يكون الملف الأمنى من الأولويات، وينبغي تقديمه على بقية الملفات وأن يحسم أولاً، وهذا الملف يشمل بالتأكيد الوضع على الحدود، والأوضاع في جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان. وإذا كان هذا الأمر يعنى حكومة الجنوب بحكم مسؤوليتها، أو بحكم أنها مناطق حدودية، فالطرف الموجود على الأرض، هو الحركة الشعبية قطاع الشمال، ولهذا فالحديث عن عدم التحاور مع قطاع الشمال، لا يستجيب للقرار، حيث نصت الفقرة «4 3» على الآتى: «يقرر أن تقيم حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال تعاوناً كاملاً مع فريق الاتحاد الأفريقي ورئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، بغية التوصل إلى تسوية عن طريق المفاوضات على أساس الاتفاق الإطاري بشأن الشراكة السياسية المبرمة في 28 يونيو 2011م بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان الشمال والترتيبات السياسية والأمنية المتعلقة بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان». وهذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها حزب المؤتمر الوطني بالدخول في اتفاقيات في أمور جوهرية ومن صميم عمل الحكومة «نيفاشا أيضاً وقعها المؤتمر الوطني»، الأمر ليس في الامتثال للقرار المشار إليه فحسب، ولكن عدم التحاور مع قطاع الشمال، هو أمر بعيد عن الواقع ولا يمت للحكمة والعقلانية بأدنى صلة، ولن يحقق سلاماً مهما كان شكل ومضمون الاتفاق مع دولة الجنوب، ولعل هذا هو ما دفع السيد وكيل الخارجية للحديث عن تهديدات تلقتها الحكومة حال عدم موافقتها على القرار «2046»، لا سيما أن القرار قد صنف الوضع بين الدولتين بأنه يهدد الأمن والسلم الدوليين. والحكومة أعلنت وأكدت مرات عديدة على موافقتها على القرار «الذى يقرر الحوار مع قطاع الشمال»، بتحفظات أهمها الملف الامنى وعدم التحاور مع قطاع الشمال، وعلى ذلك فيجب على الحكومة إن كانت قد وافقت على قرار مجلس الأمن أو لم توافق عليه، بتحفظات او من دونها، عليها أن تعد نفسها للحوار مع قطاع الشمال والدخول في موضوع الترتيبات الأمنية مع قطاع الشمال مباشرة، وذلك لأن اقتصار التفاوض مع دولة الجنوب وحدها لن يحل المشكلة، وستمضى الأيام وتجد الحكومة نفسها مرة أخرى مواجهة بموضوع التفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال، إن لم يكن بموجب القرار «2046» «القرار يشدد على امتثال السودان جنوب السودان للقرارات الواردة فيه ووفائهما بالالتزامات المنصوص عليها في الاتفاقات المؤرخة في 20 و 28 يونيو و30 يوليو 2011م. ولعل أهمها هو الاتفاق الموقع في أديس أبابا بين الدكتور نافع والسيد مالك عقار». وستجد الحكومة نفسها في موقف أكثر ضعفاً، وستواجه ضغوطاً أكبر، وعقوبات وقرارات أخرى من مجلس الأمن ، إذا توقفت عند العلاقة مع دولة الجنوب، إلا أن الحكومة ولأسباب غير مفهومة ولا معلومة، تتنازل عن أسباب قوتها على قلتها، وعلى الأخص وحدة الجبهة الداخلية المرشحة للتفكك بسبب سياسات الحكومة أو أطراف فيها، هذه الحكومة التي تتفاوض وتمهر الاتفاقيات بواسطة المؤتمر الوطني، بالرغم من أنها حكومة الجبهة العريضة !! والتي لا يمكن أن تتوحد إلا بإشراك قوى المعارضة والقوى السياسية الأخرى باعتبارها طرفاً أصيلاً في المفاوضات، ووحدة الجبهة الداخلية لن تتحقق إلا بتشاور وتوافق وطني يفضى إلى تعديل الدستور وتشكيل حكومة انتقالية قومية ذات مهام محددة ومتفق عليها، ولذلك لا بد من البدء في الإعداد لهذه المفاوضات، بإعادة النظر في قرار المؤتمر الوطني بعدم إشراك المعارضة، وتحديد السقوف والحد الأدنى.. الخ، بدلاً من إضاعة الوقت والتمترس خلف عبارة «لن نحاور قطاع الشمال».