تحية طيبة وبعد اكثر ما دفعنى لاسطر لكِ هذه الكلمات هو (الاحباط ) الذى اصابنى وانا اشاهد حلقة من برنامج (صحة وعافية) على قناة النيل الازرق، تقديم الدكتور والشاعر عمرمحمود خالد يوم الجمعة الماضى... تلك الحلقة التى جاءت بمناسبة اليوم العالمي لمحاربة التبغ والمخدرات وكان المستضافون فيها نفرا كريما من شعبة مكافحة المخدرات باختصاصات مختلفة شملت المكافحة ومعالجة الادمان والصحة النفسية والمنظمات العاملة فى هذا الشأن ..الا ان هذه الحلقة ب(الذات) لم يستفد منها المشاهد الفائدة المرجوة بل كان الجزء الكبير منها مهدر فى عرض النكات والقهقهة والسخرية (خارج النص)، ليس بقدر اهمية الموضوع وخطورته وتأثيره الشديد على المجتمع السودانى الان ومستقبلا... فخلال عملى صحفيا فى عدد من المطبوعات اجريت تحقيقات مختلفة حملت عدة عناوين تم نشرها فى اوقات مختلفة تناولت (المخدرات) انواعها واشكالها وانماطها ومدى انتشار اي منها داخل السودان، ايضا زملاء المهنة لم يبخلوا بجهدهم فى هذا الجانب اضافة الى ان الكثيرين- الكل على حسب اختصاصه- تحدثوا وكتبوا المفيد فى هذاالجانب فى مختلف المنابر المرئية والمسموعة والمقروءة تضامنا مع العشرات من المناسبات المحلية والعالمية .. ولكن ظل (الحال) كما هو ولم نر اى تحرك ايجابى يزيل بعض (الغبن) الذى يظل يصيبنى كلما رنت كلمة (مخدرات) فى اذنى ..ولكن رسالتى لمن يهمهم الامر ان هنالك حقائق يجب ان يضعوها فى الحسبان.. الحقيقة الاولى ان الادمان الاكثر شيوعا الان فى السودان هو ادمان الادوية التى يتم (للاسف) صرفها بدون روشتة طبية من الصيدليات وهو ادمان غير محصور بسن او فئة معينة.. فهنالك مثلا ادمان على ادوية (الكحة) شراب بصفتها تحتوى على مادة منومة وهنالك من ادمن ادوية الصحة النفسية كالفصام والهوس وخاصة الاكيسول واللارجكتيل والهالوبيريدول واقراص الڤاليوم، وهنالك ادمان على اقراص (اما فتامين) Amphetamine والتى يتم استيرادها من دول غرب افريقيا والكثير من الاقراص المحفزة والمنشطة ..فكان لابد لمكافحة المخدرات ان تعمل قبل كل شئ مع الجهات الاخرى فى اصدار قرارات بمنع صرف الادوية فى الصيدليات بدون روشتة لتمنع ادمان ينمو بمعدلات كبيرة ومخيفة فى السودان.. الحقيقة الثانية ان (التمباك) فى السودان اصبح سلعة استهلاكية شأنه شأن السكر والزيوت والصابون، تمنح لمحال بيعه التصاديق فى مناطق استراتيجية فى الاسواق وجوار المطاعم ومتاجر بيع الاقمشة والحلى الذهبية على الرغم من ان الاخوة فى وزارة الصحة و مكافحة المخدرات يعلمون تمام العلم ان (التمباك) هو مادة مخدرة ومسرطنة وقاتلة اكثر من (البنقو) الذى لايحمل آثارا انسحابية كبيرة ..لماذا لا تقوم مكافحة المخدرات بمحاربة (التمباك) تدريجيا على الاقل- بمنع (البيع) العلنى له فى الاسواق وسحب تراخيص بيعه فى الاماكن العامة حفاظا على الاجيال القادمة اسوة بما فعلت مع (الشيشة) ؟ الحقيقة الثالثة ان السودان حتى الان يخلو من المخدرات الاكثر خطورة مثل (الهيرويين والكوكايين) فكل المسوحات العالمية وخرط توزيع المخدرات على دول العالم اضافة الى الدلائل المسجلة محليا تثبت هذه الحقيقة، والاسباب الموضوعية موجودة هو (علو) اسعار هذه المواد المخدرة مقارنة بالامكانات الاقتصادية لغالبية الشعب السودانى ولكن الحقيقة (المرة) ان البنقو زادات معدلاته بصورة مخيفة خاصة وسط طلاب الجامعات فحركات دارفور- كما يعلم الجميع- تستعين بزراعة وترويج هذه السلعة لسد احتياجاتها فلا بد للدولة من زيادة الدعم وتطوير شرطة المكافحة للقيام بكل مهامها على الوجه الافضل.. هنالك جانب اخير لابد من الاهتمام به وهو تطوير المصحات النفسية والتى لا تستوعب الا اعدادا محدودة- بعدد اصابع اليد- و(المكتوين) والراغبين فى العلاج اعدادهم غير محددة ..لا اقصد هنا الادمان على البنقو خاصة ولكن اعنى الادمان على (الكحول البلدية) فهذا الجانب فى طي النسيان ولم تقم اية جهة طبية بالاشارة اليه من قريب او بعيد على الرغم من ان كثيرا من الاسر( تكتوى) به...ارجو ان تكون هنالك بعض الفائدة مما سطرت من كلمات. وشكرا الصحفي حاتم دينار