الاحساس بأن تكون في الزحام يقاومه الانسان ثم لا يدري به ومن الزحام تتولد مقاومة غير مرئية في الدواخل تبحث عن الوحدة بين الاجسام والألوان والأصوات والروائح.. تتصدى لها وتتحداها وتسد منافذ الحس عندها وتعلق على داخلها!! وقتها دلفت إلى الداخل.. مبنى تفوح منه رائحة البن.. في احدى شوارع القاهرة.. البن أحب رائحته.. ولكن لا تجد القهوة مذاقاً عندي إلا عند الصديق الشيخ الصاوي محمد عثمان الزبير بضاحية مرزوق وفي حضرة الأخ الصديق سمير الشامي والفريق أول محمد عبد القادر ادريس وود الخضر.. ما علينا.. كان هنالك البن والدخان والاحتراق.. هنالك ذرات القهوة.. كل ذرة كأنها "طبلة مسحراتي" توقظ كل خلية نائمة!! هنالك على الشاطيء. داخل المكان كانت هنالك "صومعة" داخلها البن.. في عزلة عن أي شيء آخر كصومعة الراهب!! امتلأت بأصوات الدنيا.. حدقت فيها.. لحظات كنت وحدي مع نفسي.. ورغم ازدحام المكان.. وكما قيل "ليس راهباً" من يعيش في الصحراء لا يقاوم إلا نفسه ولكن الراهب هو الغارق في الدنيا ويرفضها!! غارق في اللذة ويزهد فيها!! ملاك بين الشياطين!!.. ال..ال..!! شكل المكان من الداخل عجيب وغريب!! يشبه تلك السفن الفضائية الخيالية!! أو علاقة!! هم معاً وليس معاً خائفون وحائرون معاً.. غرباء معاً.. الكل يشد بحبال من أبخرة القهوة والشاي!! سعداء بوحدة "الكيف" وبهذا التحدي!! سألت.. هل هو البن!! البن برازيلي إلا أنه اختلط بالذرة والفول والحمص.. ولكنه مايزال يحتفظ بأكذوبة أنه جاء من البرازيل.. ويعتريك داخل المكان أن حبة "البن" لها عيون!! بأن يشاهد الجالسين.. تخيل حبة البن لها عيون!! وقد نتساءل ما شأن هؤلاء العطالة؟!! ماذا يفعلون هنا!! أنا في اجازة.. والآخرون.. ليس بينهم عاطل "حبة البن".. قالت ما شأنك أنت!! سكت!! تلفن لم لم أجد بين الجالسين عاطلين ولا فارغين ولا تافهين!!! بعد القهوة.. وقفت.. شعرت أن كثيرين وقفوا!!! نظرت هل أقف على الأرض!؟! الاحساس انني وهم كنا فوقها.. فوق الأرض!! بل عندما تحركت وتحركوا نحو الباب الذي يتطلب "دورانات" حول الطرابيز!! كان الجميع كأنهم الحديد الذي يوضع في رؤوس المباني العالية لالتقاط الصور والصوت للأجهزة!! كان هنالك لمعان يشير إلى السماء.. وتحس بأنك تود أن تطفو من داخل أعماقك لتخرج إلى الشارع العريض.. فتخرج "زفرات" تذكرك بالحوت حينما يعود للغوص داخل المياه! عند مدخل الباب وقف رجل سأل ثلاثة من الذين خرجوا أمامي بعد أن سلم عليهم.. وقفت بالجوار لتحديد أي اتجاه أسير فيه!! سمعت الرجل يقول لهم "تث ثم دع ذينا رمى ذد سمعة شم صدر ضيقاً طاب ظناً له نعم "أتعرفون ما هو؟؟ لم يجب أحد. فقال الرجل "لا تكونوا جاهلين وذهب عنهم" سلمت على الرجل وطلبت منه أن أكتب عنه تلك الكلمات حرفاً حرفاً كما مكتوب الآن "وعندما انتهيت من كتابتها سألني هل عرفتها؟!! أجبته أنا معهم "الجاهلين"!! وتذكرت قول الراحل المقيم د. بروفسير عبد الله الطيب في احدى محاضراته.. هل العرب كانوا يحبون النساء البدينات. قال البروفسير عبد الله الطيب على ما أذكر يدخل الأستاذ الفصل ويسأله التلاميذ: هل كان العرب يحبون النساء البدينات؟؟ وأجاب البروفسير.. ضاع الأستاذ وضاع التلميذ". لواء شرطة (م) فيصل عباس [email protected]