غادر دنيانا الفانية الى ربه الشاعر والدبلوماسي سيد أحمد الحاردلو عن «72 عاما» ، مثل رحيل كل النوارس في بلادي،بعد صبر طويل مع المرض والمعاناة،ورغم مرضه فقد كان متواصلا مع أهله وأصدقائه ومعارفه،ولم يتوقف قلمه الدفاق،ولسانه الذرب عن قرض الشعر وتسطير الكلمات الراقية. كان الحاردلو الذي عمل مدرسا،ومراسلا لعدد من الصحف العربية قبل أن يصبح دبلوماسيا ، ذا ثقافة عميقة،وخبرة في الحياة وسعة أفق جعلته أينما كان علما وسط مجتمعه،تساعده شخصيته الخفيفة، واعتزازه بوطنه مهما كان خلافه السياسي مع نظم الحكم ، ودفع ثمنا باهظا لذلك،غير أنه كان جلدا وصابرا،حتى عاد الى بلده من مهجره،مساهما في الحياة العامة. ترك الحاردلو بصمات وذكرى طيبة في المحطات الخارجية التي عمل فيها دبلوماسيا،وساعده الشعر في التواصل الثقافي مع النخب،كاسرا حاجز الدبلوماسية، ومندمجا وسط محيطه السياسي والدبلوماسي والثقافي مما جعله من أنجح الدبلوماسيين الذين استخدموا الشعر جسرا للتواصل مع الشعوب التي عملوا في دولها. رغم معرفتي القصيرة به خلال العمل المهني الصحفي لكنه كان حريصا على التواصل عبر الهاتف والرسائل خلال المناسبات والتعليق على ما ينشر في صحيفتنا،وارسال مقالات للنشر،وكان ولد بلد أصيل ،وسوداني كامل الدسم،يأسرك بتواضعه. رحل الحاردلو ولكنه ترك إرثاً سيخلد اسمه عبر السنون والأجيال.،نقتطف منه: تقول لِى شنو وتقولى لِى منو ، .... أنحنَا السَّاسْ ونَحنا الرَّاسْ ونحن الدّنيا جبناهَا وبَنيناها.. بِويت ..فى بِويتْ وأسْعل جدى ترهاقَا وخلى الفَاقة .. والقَاقا .... ونحن عُزَازْ ونحن حَرَازْ ونحن هَشَابْ ونحن قُمُوحْ ونحن تُمُورْ ونحن عُيُوشْ ونحن النيلْ وَكضَاب - يا زويل - منْ قالْ إنّك .. تاني لينا متيلْ ، تقولى لِى شنو وتقولى لِى منو ، ..... ونحن الخَلوهَ والدايره ، ونحن تَكيه العايره ، ونحن الضُّلْ ، ونحن الكُلْ ، ونحن سبيل غريب الليلْ ، ونحن صباح مسافر الليلْ ، ونحن فَنَاجرةَ الدّنيا ، ونحن حَبَابْ حديثنا حَبَابْ تعال شَرِف .. وشوفنى منو ، وتقولِى شنو ، وتقولِى منو ، ............... ومن قصيدة: لا تساوم لا تساومْ بين مظلوم وظالمْ لا تساومْ حين يأتي الثأر يجتاح المظالمْ لا تساومْ بين أمر الله في العدل وهاتيك المزاعمْ لا تساوم أيها المذبوح في الوطن المسالمْ إنهم صبوا عليك الزيت والنارَ.. وخلَّوك جماجمْ لا تساوم بين رب الناس - يا وطني - وأرباب المغانم رحمه الله وأحسن اليه ،وأسكنه فسيح جنانه....وداعا الحاردلو،والعزاء للشعب السوداني وأهله ..وجعل الجنة مثواه.