تنشر «الصحافة» فيما يلي الورقة التي قدمها الدكتور الواثق كمير في اللقاء التفاكري حول مآل الاوضاع في السودان الذي نظمه المركزي العربي للابحاث ودراسة السياسات بالدوحة مؤخراً، وقال كمير انها تهدف لتقديم تحليل موضوعى ونقدى يستكشف جذور وأبعاد الأزمة الوطنية السودانية المزمنة واستشراف مستقبل البلاد، خاصة فى ظل تداعيات وتبعات انفصال جنوب السودان وتأسيس دولته المستقلة. آفاق التغيير ونُذُر تفكُّك السُّودان: إسقاط النظام أم صناعة البديل؟! إن عدم الوضوح في تحديد هدف -إسقاط النظام-، في ظلِّ تصاعُد العمل المسلَّح ودق طبول الحرب بين الشمال والجنوب، مع غياب التوافُق بين، والرؤية المشتركة للقوى السياسية المعارضة، يحمل مؤشرات تنذر بتفتت السُّودان. فلا توجد بالبلاد مؤسسة واحدة شرعية ومتماسكة، ربما باستثناء القوَّات المسلحة السُّودانية، «على الرغم من المحاولات المستمرَّة للجبهة الإسلامية والمؤتمر الوطني لتسييسها وأدلجتها وطمس هويتها الوطنيَّة»، بمقدورها إدارة عملية انتقالٍ سلمي للسُلطة. ولعلَّ المواجهة الأخيرة في هجليج واستعادة الجيش لها بعد احتلالها بواسطة الجيش الشعبي لجنوب السُّودان، قد أضفت على القوَّات المسلَّحة السُّودانية صورتها القوميَّة. وبعبارة أخرى، فإن ضعف مؤسسات الدولة السُّودانية، والتكوين السياسي المعقد للبلاد، وغياب الثقل الموازن المُوحَّد لهيمنة المؤتمر الوطني على المركز، والافتقار إلى وحدة القضيَّة والهدف والأساليب بين القوى السياسيَّة، وما نشهده من استقطاب سياسي بين مختلف المتصارعين على السلطة، يجعل الخط الفاصل بين سقوط النظام وتفكك الدولة رفيعاً جداً. وهكذا، في ظلِّ هذه الظروف، يمكن لسقوط النظام، وما قد ينجم عنه من فراغ في السلطة، أن يقود حتماً إلى صراع دامٍ على السلطة من قبل التنظيمات المسلحة المتعدِّدة من أجل السيطرة على الخرطوم، وأجزاء أخرى من البلاد، وهو ما سيكون من المستحيل كبحه أو التحكُّم فيه. بات تغيير النظام وشيكاً وحتمياً. بادئ ذي بدء، فإن النظام منهكٌ ومحاصر في الخرطوم، لتعرُّضه فعلياً لضغوط على جبهات متعدِّدة على الأصعدة العسكريَّة والسياسيَّة والاقتصاديَّة، بينما ينتابه قلق متزايد حول احتمالات الانتفاضة الشعبيَّة، على شاكلة الربيع العربي، وهو احتمالٌ لم يعُد تُنكره حتى بعض القيادات البارزة في الحزب الحاكم، ولا سيَّما في ضوء الأزمة الاقتصاديَّة المتصاعدة، خاصة في أعقاب وقف ضخ بترول الجنوب. وهكذا، يتعرَّض النظام لضغوط متزايدة من القواعد الشعبية للحزب، بل وفي صفوف الحركة الإسلامية، التي جاءت به إلى السلطة، وكذلك من قوى المعارضة السياسيَّة، بالإضافة إلى المجتمع الإقليمي والدولي. وعلاوة على ذلك، تتجه معظم القوى السياسيَّة الساعية لتغيير النظام، فضلاً عن قطاعات واسعة من الإسلاميين، بما في ذلك أولئك الذين ينتمون إما للمؤتمر الوطني أو المؤتمر الشعبي، وأولئك الذين لا ينتسبون لأي من الحزبين، وإن كانت تفتقر إلى اتفاق على جدول أعمال ورؤية وبرامج مشتركة، أو على وسائل التغيير. من جانب آخر، فإن الأحزاب السياسيَّة ليست هي التي تُسقط الأنظمة الحاكمة الاستبداديَّة والقمعيَّة، ولكن الشعب، وقُواه المدنيَّة الأخرى، هم الذين يتحمَّلون دائماً مسئولية الإطاحة بالأنظمة الديكتاتوريَّة العسكريَّة من خلال الانتفاضات الشعبيَّة. وتدُلُّ تجربتنا في 1964 و1985 بوضوحٍ على أن الأحزاب السياسيَّة لا تحرص على الانضمام إلى الثورة، إلا عندما يتبيَّن لها أن سقوط النظام الحاكم قد بات وشيكاً. ومع ذلك، ففي كلتا الحالتين عادت هذه الأحزاب السياسيَّة للسلطة، لتحصد ثمار الانتفاضة وتكييف النظام السياسي وفقاً لحساباتها الحزبيَّة الضيِّقة، ومن ثمَّ الإخفاق فى معالجة مشاكل البلاد المتراكمة من منظور وطني، خاصة الحرب الأهليَّة التي توسَّعت رقعتها لتشمل، ولأول مرَّة، مناطق تقع في الشمال الجغرافي. فقد أسهمت، على وجه المثال، السياسات الإقصائية وأحادية النظرة التي درجت عليها حكومات الخرطوم المتعاقبة في تبغيض الجنوبي في الشمال وتنفيره من الوحدة. زاد من ذلك الشعور، خرق كافة حكومات المركز لكل تواثق واتفاق، أو مشروع اتفاق سلام أقرَّته مع ممثلي حكومة الجنوب، بدءاً من مؤتمر جوبا 1947، وإعلان الاستقلال 1955، ومؤتمر المائدة المستديرة 1965، واتفاقية أديس أبابا للحكم الذاتى 1972، واتفاق الميرغني- قرنق 1988م ومع ذلك، تملك هذه القوى الحزبية قواعد شعبية يُعتَدُّ بها، في الوقت الذي تشهد فيه الآن ديناميكية داخلية وتحرُّكات إصلاحيَّة استجابة لمطالب القواعد الشعبيَّة الداعية للمشاركة والشُمول في عملية صنع القرار. كذلك، قدَّم لنا الربيع العربي ثلاثة من الدروس المهمة. أولاً، بعد سقوط النظام، تحقق للقوى السياسية الأكثر تنظيماً الفوز في نهاية الأمر بحصولها على نصيب الأسد من قسمة السلطة، في مقابل خيبة ظن القوى -الثورية-. ثانياً، سبق وقوع الانتفاضات الشعبيَّة، في ليبيا وسوريا واليمن، مشاركة الثوار المسلحين. ثالثاً، ضرورة التواضع على عملية لوضع الدستور تشارك فيها كل القوى الوطنية ولا تعزل أحداً، وذلك لوضع حجر الأساس لبناء نظام حكمٍ سياسيٍ جديدٍ يستوعب الجميع. أؤكد من جديد بأن أزمة الحكم المزمنة في السُّودان منذ 1956، في جوهرها ترجع للفشل التاريخي للنُخب السودانية، وخاصة أولئك الذين تسنَّموا مقاليد السلطة، سواءً كانوا من العسكريين أو المدنيين، في صياغة رؤية واضحة وتفصيل إستراتيجيَّة سليمة لمشروع وطني توافقي لبناء دولة المواطنة السُّودانية الحديثة. وبالتالي، أصبحت قوى المعارضة نفسها جزءاً لا يتجزأ من هذه الأزمة. فقد فشلت الطبقة السياسية السُّودانية في ابتدار حوارٍ شاملٍ ومفتوح وجاد نحو صناعة بديل وطني وصياغة دستور توافقي، في عملية تتسم بالشمول وقائمة على المشاركة، بما يعكس التنوُّع المتعدِّد في السُّودان، وبناء نظام سياسي يقوم على التبادل السلمي للسلطة يضع حداً للقتال الدامي والحرب بين السُّودانيين. لذلك، فإن التحدِّي الحقيقي الذي يواجه الحركات المسلحة وبقية القوى السَّاعية للتغيير، في هذا المنعطف التاريخي الحاسم، لا تكمُنُ في مسألة -إسقاط النظام- فحسب، بل في -صناعة البديل- المقنع والمُلهم والقادر على حشد الشعب السُّوداني من حوله، وبالتالي تجنب سقوط الدولة السُّودانية نفسها. في الواقع، كان الراحل الدكتور جون قرنق، رغم سعيه لإعادة هيكلة السلطة في المركز، مدركاً بأن بناء البديل العملي هو شرط أساسي للإطاحة بنظام الحكم. وأنقل باستفاضة من أحد خطاباته «القاهرة، ديسمبر، 1997»: »جميع السودانيين باتوا مقتنعين بأن نظام الجبهة يجب أن يذهب. ولكن، يظل السؤال: بماذا نستبدله؟ الطريق إلى الأمام هو تعزيز التجمُّع الوطني الديمقراطي، إذ لابد أن يكون لنا هيكل ليحل محلَّ الجبهة القوميَّة الإسلاميَّة، بحيث يصبح بديلاً مجدياً، كيان مقنع لكم أنتم، للشعب السُّوداني في المقام الأول، وفي المرتبة الثانية لجيراننا، وأخيراً للمجتمع الدولي بأسره. وذلك لأن العقل يتساءل: لا نريد نظام الجبهة الإسلامية، ولكن ماذا نضع في مكانه؟ ما هو البديل؟ وهو سؤالٌ مشروع. إذا قلتُ لكم أن الحركة الشعبية هي البديل، سيقول الناس -ولكن الحركة تنطلق من الجنوب، وهي بعيدة جداً في الأحراش، ولا يمكن أن تستلم السلطة في الخرطوم-. وهذه إجابة مشروعة وصحيحة، فالحركة الشعبية/الجيش الشعبي لا يمكنها استلام السلطة وتشكيل حكومة في الخرطوم. وإذا قلت حزب الأمة، أو الاتحادي الديمقراطي، سيكون الرد: -ولكن هؤلاء قد كانوا في السلطة بالأمس، وأنهم لا يملكون القدرة على الحُكم-. وإن قلت -القوى الحديثة-، فسيُثار السؤال: -ومن هم هؤلاء؟-، وينطبق هذا على الحزب الشيوعي وعلى أي تنظيم سياسي آخر. وهكذا، يحتار العقل، فالحل لن يكون عن طريق كل مجموعة بمفردها، مهما كانت تعتقد في نفسها. هذه المجموعات ضرورية، ولكن ليس هناك تنظيم يفي بالغرض، أو يصلح أن يكون بديلاً، بمفرده». هكذا، ثمَّة سؤالٍ يطرح نفسه بقوة ويستدعي التفكير فيه والتفاكر حوله: هل يحقق إسقاط النظام الهدف الرئيس فى المضى نحو بناء دولة المواطنة السودانية وهل نعتقد حقيقة أننا نملك البديل كما وصفه جون قرنق بهذه الكلمات؟ الفرصة الأخيرة للحفاظ على وحدة السُّودان: ضرورة الحلِّ السياسي ظلَّ السُّودان يشهد، منذ استقلاله في 1956، ظهور وتصاعُد الحركات الإقليمية والإثنيَّة المسلحة، خاصة فى جنوب البلاد، والتي أسفرت عن معاناة إنسانيَّة كبيرة، وأكبر عدد من اللاجئين والنازحين في أفريقيا. تحدَّت هذه الحركات الاحتجاجيَّة، وطعنت في شرعيَّة الدولة والنُخبة الحاكمة من وسط السُّودان، والمهيمنة على مركز السلطة. فقد انتهجت النُخب الحاكمة سياسيات أفضت إلى إقصاء قطاعات واسعة من أهل السُّودان من المشاركة في الحكم، وبالتالي تهميشها في المجالات السياسيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، ممَّا حرَّض المُهمَّشين إلى اللجوء للمقاومة المسلحة، إذ لم تعُد هذه القطاعات الواسعة مشاركة أو صاحبة حق في حكومات يفترض أنها تمثلها. وبالتالي، لا تطالب حركات المقاومة، في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، في الوقت الراهن فقط بحقوق المواطنة المتساوية، لكنهم يطالبون أيضاً بالاعتراف بالحقوق الخاصة، بما في ذلك حقهم في الأرض، وبإدارةٍ لشئونهم بقدر من الحكم الذاتي، والحفاظ على هوياتهم الإثنية و-القومية-. فقد أخفقت دولة ما بعد الاستعمار فى وضع سياسة شاملة للمواطنة لديها القدرة على تجاوز التقسيمات الإثنيَّة والعرقيَّة الموجودة العنصريَّة والعرقيَّة من خلال إطار قومى للوحدة الوطنية «أنظر Amir Idris, «Rethinking Identity, Citizenship, and Violence in Sudan», Int. J. Middle East Stud. 44/2012» تتطلب معالجة الأزمة العامة للعُنف السياسي المُسلَّح في السُّودان حلاً سياسياً، يستدعي بدوره إعادة تعريف الدولة بطريقة تضمن إدارة سليمة لتعايُش الهويَّات المتداخلة في سياق بناء دولة المواطنة السُّودانية القائمة على تساوى المواطنين/ في الحقوق والواجبات والمساواة أمام القانون والدستور، بغضِّ النظر عن الجنس أو العرق أو الطائفة أو الدين أو القبيلة والطبقة الاجتماعيَّة. وهذا يعني ابتداءً إعادة هيكلة السلطة المركزيَّة بصورة تضع في الاعتبار مصالح كل المناطق والقوميات المُهمَّشة، سواء أولئك الذين حملوا السلاح أو الذين ظلوا يعارضون سلمياً، وتعزيز لامركزيَّة السلطة بإعادة تنظيم العلاقة بين المركز في الخرطوم والأقاليم بما يتيح المشاركة العادلة في السلطة والثروة. لذلك، أرى أنه يتوجَّب علينا، كأولوية ملحة، مناقشة كل الخيارات المتاحة وعلى رأسها وقف الحرب والتوصل لتسوية سياسية عادلة، كشرط أساسي للتغيير نحو بناء دولة المواطنة السودانية. وقد أيدت جميع القوى السياسيَّة السُّودانية، والمجتمع الإقليمي والدولي، التفاوض كأداة سياسية من أجل تسوية سلمية للنزاع. وأذكر هنا أنه عندما تعرَّض الراحل د. جون قرنق للانتقاد بسبب قبوله التفاوض مع نظام الإنقاذ، كان دائماً يرد بقوله: -لساني هو جزء من أسلحتي، فلماذا أحرم نفسي من هذا النوع من السلاح؟-. ومع ذلك، فإن الوصول إلى اتفاق عادلٍ ومستدام يستدعي، وبالضرورة: أولاً: البدء على الفور في صياغة ترتيبات دستوريَّة جديدة في سياق عملية تتسم بالتوافُق والشمول والشفافيَّة والمشاركة الواسعة لكل القوى السياسيَّة والمدنيَّة لتلبية إرادة وتطلعات الشعب السُّودانى بتعدُّد وتنوُّع مُكوِّناته، كمدخلٍ لتحقيق الحل السياسي الدائم للنزاع المسلح في كل أنحاء البلاد، وكفرصة أخيرة لبناء مقوِّمات دولة تقوم على الديمقراطيَّة والتداول السلمي للسلطة، وترفع يد الحزب عن الدولة ومؤسساتها وتفصل بين السلطات التشريعيَّة والتنفيذيَّة والقضائيَّة، وتكفُلُ الحريات، وتضمن حيدة وقوميَّة القوَّات المُسلَّحة والخدمة المدنيَّة. ولعلَّ المؤتمر الوطني يُدركُ أنه غير مُؤهَّلٌ بمُفرده، أو مع الموالين له، في إنجاز هذه المهمة التاريخيَّة في ظلِّ احتكاره الكامل للمؤسَّسة التشريعيَّة وسائر سلطات الدولة، وليهتدي بتجارب الإسلاميين في دول الربيع العربي في هذا الصدد، خاصة في مصر وتونس. ثانياً: يجب أن تتم المعاملة مع، ومعالجة الصراع المسلح في كل المناطق، وخاصة في جنوب كردفان والنيل الأزرق، كقضية سودانيَّة بحتة قائمة بذاتها، بعيداً عن حشره في النزاع مع دولة الجنوب، أو حصره فقط في المسائل الأمنيَّة. فقد انخرط أبناء المنطقتين في الحركة الشعبية وجيشها الشعبي عندما كان السُّودان موحداً، خاصة والحركة تأسَّست على رؤية قوميَّة تدعو لوحدة السُّودان على أسُسٍ جديدة، ممَّا جعلها تجذب قطاعات واسعة من المؤيِّدين من شمال السُّودان الجغرافي. فمقاتلو الجيش الشعبي من المنطقتين كانوا، ولا زالوا، يقاتلون من أجل قضايا عادلة ومشروعة لثلاثين عاماً، وليس لهم ناقة أو جمل في انفصال الجنوب وتكوين دولته المستقلة التي لم تُكمل حتى الآن عامها الأول. وعلى المؤتمر الوطنى، بصفته الحزب الممسك بزمام الأمور، أن لا يحبس نفسه فى نصوص وإجراءات الاتفاقية التى تلزم الجيش الشعبى بلانسحاب جنوبا بدون اعتبار لهذا العدد الكبير من المقاتلين المنتمين أصلا للسودان أو مطالبة حكومة الجنوب بتجريدهم من السلاح. فسيظل هؤلاء مواطنين سودانيين لهم حقوق ويكابدون مظالم مشروعة دفعتهم لحمل السلاح من أجلها، وليس للحرب بالوكالة عن أحد. حقاً، هناك فرق بين التقيد بلإجراء الصحيح وفعل الشئ الصحيح، خاصة وأن القضية فى جوهرها تمس الوطن وتماسك مكوناته، ولن يغفر التاريخ لمن يقدم النصوص على المعنى. ثالثاً: إن ضرورة مقاربة الصراع المسلح في السُّودان بمَعزِلٍ عن النزاع المحتدم مع دولة جنوب السُّودان لا تعني، بأى حالٍ من الأحوال، غضَّ الطرف عن حتمية إقامة علاقة إستراتيجيَّة منظمة ومؤسسيَّة «structured relationship» بين دولتين مستقلتين، متمثلة في بناء كيانين قابلين للحياة سياسياً واقتصادياً، وذلك بالبناء على الاعتمادات «interdependencies» التاريخية المتبادلة بين الشمال والجنوب في المجالات الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والسياسيَّة، مع الالتزام بالقيم الأساسيَّة والمتطلبات الضروريَّة لمثل هذه العلاقة. «AUHIP: Framework for Resolving Outstanding Issues Relating to the Future of Sudan and the Implementation of the Comprehensive Peace Agreement» خاتمة ومع ذلك، يظل الهدف النهائي للحل السلمي هو بناء تيَّارٍ وطني عريض يُشكِّل بديلاً صالحاً للنظام، وهي مهمة تتطلب مشاركة واسعة وحواراً صريحاً وجاداً وسط وبين وجميع القوى السياسية السُّودانية، لا يَستَثنِي أو يُقصِي أحداً، والاتفاق على الآليات الضروريَّة واللازمة لتحقيق التوافق الوطني على القواسم الوطنيَّة المشتركة. إنها الفرصة الأخيرة للمؤتمر الوطني، بحُكم تحكُّمه في مفاصل الدولة والسلطة، خاصة بعد إخفاقه في الإيفاء بمستحقات تنفيذ اتفاقية السلام الشامل وتحقيق السلام المستدام بعد انفصال الجنوب، لتجنيب البلاد مخاطر التفكُّك والتفتُّت، بعد أن باتت الكتابة واضحة على الجُدران! ولا أرى مبرِّراً لتخوُّف بعض قيادات الحزب من نيفاشا أخرى، طالما كان الهدف الرئيس هو المحافظة على وحدة السُّودان، ولا ما يمنع الاستفادة من أخطاء نيفاشا الأولى وسد الثغرات بإحكام، فالعيب لم يكن أبداً فى وثيقة وروح الاتفاقية، ربما، إلا فى مخيلة منبر السلام العادل!. [email protected]