التقت «الصحافة» بالأستاذ الشاعر بشرى سليمان العائد من الغربة بعد «20» عاما قضاها بين المملكة العربية والسعودية ولندن، في حديث عن تجربته الفنية وتجربته مع الغربة.. وكانت هذه الونسة: ٭ أين أنت الآن؟ - اعمل في تحضير رسالة ماجستير بجامعة براد فورد بلندن عن دراسات السلام، وادرس بالمعهد الامريكي لدراسات السلام. ٭ البدايت مع الشعر؟ - بدأت في مرحلة الوسطى، وأول تجربة وجدت النشر في عام 1971م بجريدة «الأيام». ٭ مع من تعاملت من الفنانين؟ - بدأت مع ابراهيم موسى ويوسف الموصلي والفنان الصومالي أحمد ربشة وعلي السقيد والهادي الجبل ومحمود تاور ووردي الصغير. ٭ تجربتك مع الغربة؟ - الغربة فيها إيجابيات وسلبيات، وتمنح فرصة للتعلم والمعرفة، لكنها تشكل انقطاعا بين الشاعر والمتلقي رغم وجود اجهزة التواصل. وفي رأيي أن الايجابيات أكثر، ورحلتي للخارج كانت للبحث عن وضع سياسي واقتصادي أفضل في ظل وجود نظام حكم شمولي. ٭ أين أنت من الشعر الوطني؟ - مافي فرق بين الشعر الغنائي والوطني، وفي أغلب كتاباتي الحبيبة هي الوطن والوطن هو الحبيبة. ٭ رصيدك من الأغاني الوطنية؟ - لدي أغنيات منها أغنية «مافي بينا انفصال بين جنوبنا والشمال» غناها الفنان خليل اسماعيل و «كلمة سر» التي لحنها الموصلي وغناها عبد اللطيف وردي الصغير، وتم رفضها منذ حكم جعفر نميري بدعوى أنها سياسية وتؤلب الشعب ضد النظام. وأغنية «شاهد على العصر» للفنان عبد اللطيف عبد الغني، وهي وطنية تتحدث عن خيبات وآمال. والأغنية الوطنية في رأيي تعبير وإحساس وليس هتافاً. ومن كلمات أغنية «شاهد على العصر»: كنت المغني وشاهد العصر الحزين هجر النغم أعماقي وانهزم الحنين خائف يخوني أنا اليقين خائف يفرقني السفين على رصيف الانتظار تمتد في عمري السنين ورحلت لي مدن الغياب باحث عن الدفء الحنون لكني يا وهج الظنون بلقاك في الشوق الهتون وأنساك عشان أتذكرك وأطارد الأوهام وأحلام الجنون ودخلت في غيب الكمون بهرب إليك منك أنا وبين الصباح وصدى السكون اتفجر الصمت المخبأ في العيون ٭ ما رأيك في الأغنية الهابطة؟ - للأغنية ثلاثة عناصر، شعر ولحن ومؤدي.. ويمكن أن تكون كلمات الشعر ركيكة أو غير موزونة، وهذا لا يعني الهبوط.. لأنه تعبير عن مرحلة من مراحل المجتمع، ولا توجد موسيقى هابطة، فقد تكون رتيبة، ولا يوجد فنان هابط. وإذا كنت دارساً لعلم الصوت قد تنتقد صوت الفنان اذا كان خارقا، وبذلك لا يوجد مصطلح أغنية هابطة.. والأغنية تتداول حسب البيئة الاجتماعية والثقافية، وقد تظهر في فترة بها ضعف في الثقافة في المجتمع، وتلعب السياسة والاقتصاد دوراً في تشكيل الاغنية. ٭ عدد الشاعرات قليل مقارنة بعدد الشعراء الرجال؟ - المشكلة مافي العدد.. المشكلة في النوعية، فرغم كثرة الشعراء في الساحة إلا أن عدداً قليلاً منهم هو الراسخ في الذاكرة، أما قلة الشاعرات فليست مهمة طالما الذي يقدم فيه قيمة فكرية وأدبية. ٭ آخر آعمالك الفنية؟ - أغنية للفنان ياسر مبيوع اسمها «أكيد»، وأغنية عند عبد اللطيف عبد الغني «وردي الصغير» «شاهد العصر الحديث»، وأغنية عند نجم نجوم الغد هاني السراج. ٭ صوتك لمن في الانتخابات؟ - للأسف أنا حاصل على الجنسية البريطانية، ولا يحق لي التصويت باعتبار أنني اجنبي. ٭ كيف وجدت السودان بعد العودة؟ - وجدت تغييرات كثيرة اقتصادية واجتماعية، والصورة الكانت قبل «20» سنة اختلفت كثيرا، فالسياسة اثرت على الاقتصاد والاخلاق، وهناك تغيير كبير حتى في المباني، لأن المباني الجديدة لا توافق البيئة السودانية، وزمان كان في دور نشر ومكتبات ومعارض ثقافية ومعارض لوحات تشكيلية كانت قبلة للفنانين، ولكنها اختفت للأسف. وكثير من الاهل والمعارف والاصدقاء تغيروا، حتى الاحساس بالحميمية والتواصل اختفى، وصار في خبر كان، وزي ما بقولوا ضاع في زحمة الجري خلف لقمة العيش. ٭ أصدقاؤك قبل الهجرة؟ - كنا نشكل تجمعاً بمنتدى الحروف يضم عدداً كبيراً من المبدعين، في مقدمتهم الماحي سليمان وأنس العاقب والتيجاني حاج موسى ويوسف حسن الصديق وسعد الدين ابراهيم وعبد الوهاب هلاوي وسيف الجامعة والهادي الجبل وعادل التيجاني. وكنا نقيم اجتماعات أسبوعية في منزل أحدنا الى ان سافرت، وهذا المنتدى اول منتدى أقيم بالخرطوم وتوقف بعد سفري. والفنان عادل التيجاني كوّن منتدى الحروف نسخة الدوحة، ولا يزال يعقد ندوات ثقافية في قطر. وحاولت إعادة لم الشمل بعد حضوري، واحتفلنا بالشاعر د. عز الدين هلال والاستاذ حسن السر، ونتمنى أن نواصل. ٭ أين أنت من أجهزة الإعلام؟ - زمان الفنان أو الشاعر الأجهزة الإعلامية بتصله في مكانة، لكن الآن حتى إذا ذهب اليها احتمال يكون غير معروف لديهم. ومن الغريب أن الشاعر مدني النخلي تمت استضافته في إحدى القنوات وسأله المذيع من أنت.. فالأجهزة الإعلامية مليئة بأنصاف الموهوبين. ٭ من هو سيد شعراء الأغنية في رأيك؟ - لكل شاعر أسلوبه الخاص، وأنا ما أقدر أقارن مثلا بين اسحق الحلنقي وأزهري محمد علي أو اسماعيل حسن وحسن الزبير، فكلهم ساهموا في انتشار الأغنية السودانية. ٭ المثقف والسلطة دائماً في حالة صراع؟ - السلطة تحاول أن تدين المثقف أو الشاعر مثلاً ليصبح بوقاً لها، وليس من حقها فرض إرادتها عليه. ٭ هل كل ما يكتب ينشر؟ - ذلك يعتمد على نوعية المكتوب وتوافقه مع المُثل والقيم، شريطة عدم وجود حواجز سياسية من السلطة، والسماح للشاعر بكتابة ما يريد بدون رقابة، وانا ضد الرقابة. ٭ قرأنا في منتديات الانترنت عن ديوان شعر خاص بك لم ينشر؟ - الديوان اسمه «كلمة سر» ويحتوي على قصائد بالعامية السودانية تنتقد الأوضاع في السودان. وعندما كنت في السعودية رفضت المملكة طباعته. ٭ ختاماً ماذا تقول؟ - شكري لصحيفة «الصحافة» التي كنت أحد كتابها مع الأستاذ سليمان عبد الجليل والناقد ميرغني البكري، واتمنى أن يدوم التواصل بين قبيلة أهل الشعر والفنون.