جاءت إحتفالات اليوم الوطنى للتطوع فى الحادى عشر من يونيو للعام الجارى بكادقلى حاضرة ولاية جنوب كردفان، لتأتي معها الاسئلة (لماذا سودنة العمل الطوعى؟ وهل يمكن تحقيق ذلك على واقع الأرض..؟) ويتبع ذلك (لماذا طردت الحكومة منظمات الإغاثة الأجنبية وظلت ترفض دخولها المنطقتين ثانية ؟ وهل تراجعت الحكومة عن موقفها أم ماذا هناك؟) المتتبع لقرارات الدولة السودانية فى التعامل مع الشأن الإنسانى وتصريحات المسؤولين يجدها تنقصها الدقة فى وصف الأوضاع الإنسانية على طبيعتها ، اذ يصف مراقبون الأوضاع الإنسانية فى جنوب كردفان والنيل الأزرق بالمعقدة وقالوا إنها ليست بالتمام 100% كما تصفها الجهات الحكومية ،ولكنها كذلك ليست بالسيئة التى تصفها بها بعض الدوائر، إلا أنها تحتاج لتضافر الكثير من الجهود، مساعد رئيس الجمهورية العقيد عبدالرحمن الصادق المهدى قال لدى مخاطبته المواطنين بكادقلى بمناسبة اليوم الوطنى للتطوع يجدر بنا ألا نتردد فى قبول مجهودات الإغاثة العالمية لطالما إنها تنطلق على أسس إنسانية ،كما يجدر بنا التناغم مع صيحات التضامن الإنسانى خاصة وأهلنا يعانون ، وزاد لا أخفى عليكم إنزعاجى شخصيا من التقارير عن معاناة الناس والماشية من الجوع والمحل فى المنطقة خاصة مع إغلاق المراعى الجنوبية ، فيما قال وزير الدولة بالرعاية والضمان الإجتماعى إبراهيم آدم، ما دايرين منظمات أجنبية عندها أجندة خاصة إستخباراتية خربت بها دارفور عبر تقارير خاطئة وملفقة ،مؤكدا أن الدولة رفعت شعار سودنة العمل الطوعى ،وزاد إذا المجتمع الدولى عايز يتعامل معنا يكون ذلك عبر منظماته الوطنية ،مبينا أن وزارته تعمل على إحياء سنة التكافل والتطوع والمسؤولية الإجتماعية ، ومن جهته يقول مفوض الشؤون الإنسانية بجنوب كردفان هارون محمد عبدالله إن المفوضية نجحت فى سودنة العمل الطوعى بنسبة قد تتجاوز 80% فى الولاية تعاونت فيها 116 منظمة وشبكة وطنية منها 50 منظمة بجنوب كردفان ساهمت جميعها فى سودنة العمل الطوعى والفضل يعود فى المقام الأول للمجتمع المحلى . المفوض العام سليمان عبد الرحمن يقول لالصحافة إن العمل الإنسانى فى السودان تحكمه مبادئ أجملها المفوض فى ثوابت الدولة للتعامل مع المبادرة الثلاثية فى مجال الشؤون الإنسانية الإلتزام الصارم بسيادة السودان على كافة أراضيه، الإلتزام بدستور السودان لحفظ كرامة الإنسان السوداني وحقه في الحياة، الإلتزام الصارم بالقوانين واللوائح التي تصدرها الدولة، الإلتزام بكل سياسات الدولة في الشأن الإنساني ومنها ما يتعلق بشأن تقديم الخدمات الإنسانية للسودانيين بكادر سوداني وغير أجنبي مع التأكيد على حق الدولة الأصيل في الإشراف والمتابعة ومراقبة العملية الإنسانية وضرورة أن تقود الدولة نفسها جهود العمل الفني مع الشركاء الثلاثة . السؤال الآن: هل فعلا ترفض الحكومة إستلام المعينات الإنسانية الأجنبية ؟ يقول المفوض العام ل الصحافة إن الحكومة لم ترفض إستلام أية معينات إنسانية ،بل أبوابها مفتوحة لذلك ولكن أن يتم تقديمها مباشرة لمستحقيها من المواطنين عبر المنظمات الوطنية وفق مبادئ وأسس العون الإنسانى السودانى ،إلا أن الحركة الشعبية قطاع الشمال المتمردة ظلت ترفض دخول المنظمات الوطنية لمناطق سيطرتها وقالت إنها منظمات أمنية تجسسية وليست منظمات عون وإغاثة ، إلا أنَّ مسؤولا رفيعا بالحكومة نفى مزاعم الحركة وشكك فى نواياها وإتهمها بالعمالة والإرتزاق ،فضلا عن نوايا سيئة لبعض المنظمات الأجنبية ،متسائلا أين الضمانات حتى تكون ذات المنظمات الأجنبية ليست لديها نوايا عدائية وأعمالا تجسسية ،وليست ذات أجندات خاصة كما حصل فى دارفور وعملية شريان الحياة فى الجنوب . ولكن ألهذا لجأت الحكومة لطرد المنظمات الأجنبية من العمل فى السودان؟ فقد نفذت طرد 15 منظمة من العمل فى جنوب كردفان 2009 ويعتقد أن لطردها صلة بالمحكمة الجنائية الدولية ، وأخرى فى دارفور لأسباب مشابهة و7 منظمات أجنبية أخرى تعمل فى تنفيذ 8 مشروعات فى شرق السودان بنهاية الشهر الجارى ، إلا أن مفوضية الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية إحتجت بشدة وقالت إن طرد المنظمات غير الحكومية المعنية والتى تعمل فى شرق السودان فى مشروعات التغذية، والصحة، وإزالة الألغام،المياه والصرف الصحي، والاستجابة لحالات الطوارئ وإزالة الألغام والتغذية ،وسوف يتأثر بطردها أكثر من 600 ألف مواطن ويعمل بهذه المنظمات 320 موظفا محليا و16 من الموظفين الدوليين ، وتبلغ جملة ميزانيتها أكثر من 9 ملايين دولار ،وقالت المنظمة الدولية إن هناك مخاوف جدية من تأثير هذا القرار على المواطنين الذين كانوا يستفيدون من الأنشطة التي تقوم بها هذه المنظمات الإنسانية ،وسط إحتجاجات واسعة من قبل المواطنين المستفيدين من هذه المشروعات ،وتشكك المعلومات التى تحصلت عليها المنظمة الدولية فى نقص القدرات المحلية وعدم كفاية الوقت المناسب لضمان تسليم جميع الأنشطة المعنية، كما أبدت المفوضية الأممية عن قلقها لتزايد عدد اللاجئين من النيل الأزرق وجنوب كردفان بمعسكرات للاجئين بالجنوب، وطالبت المنظمة الدولية الحكومة السودانية التعامل بإيجابية مع القرار الدولى 2046 بشأن المبادرة الثلاثية لإنقاذ الأوضاع الإنسانية فى جنوب كردفان والنيل الأزرق . ولكن هل لطرد هذه المنظمات صلة بأعمال أمنية ؟ مسؤولون فى حزب المؤتمر الوطنى دمغوا عمل المنظمات بالتجسس وأجندات أخرى ليست ذات علاقة بالتفويض المحدد لها ،إلا أن مفوضية العون الإنسانى قالت إنها لم تطرد هذه المنظمات بل سلمتها إخطارا بنهاية مايو الماضى لتسوية وتوفيق أوضاعها بنهاية الثلاثين من يونيو الجارى ،فيما قال المفوض العام للشؤون الإنسانية الدكتور سليمان عبد الرحمن سليمان لالصحافة إن القرار جاء بعد مسح ميدانى ودراسة تقيمية شملت تقييم مشروعات 15،مبينا أن 8 منظمات أجنبية أخرى تنفذ 9 مشروعات لم يشملها الطرد ،إلا أنَّ مسؤولين حكوميين عزوا خطوة الحكومة لإتجاهها لسودنة العمل الطوعى فى السودان ، ولكن هل من قانون وضوابط وإجراءات لصبط وتقنين عملية السودنة ،يقول المفوض العام إن الجهات المختصة تقدمت بمسودة مشروع قانون جديد للعمل الإنسانى 2012 -2016 ، بديلا لقانون 2006 يراجع ويقنن وضعية المفوضية التى زالت تتبع لوزارة الرعاية والضمان الإجتماعى ، ويضيف المفوض العام يرجى للقانون الجديد أن يواكب تطور ودور وأهمية مفوضية الشؤون الإنسانية فى الحفاظ على السيادة والهوية السودانية ، فالقانون الجديد سوف يراجع الإتفاقيات القطرية التى يعود تاريخها لإستقلال السودان ،وليواكب القانون الجديد الكثير من المستجدات القومية والإقليمية والدولية ،ولكن هل ستلتزم الدولة فعلا بتوفير التمويل اللازم والتشريعات اللازمة لإنجاح عملية السودنة فى ظل (فلس) خزينة الحكومة كما أكدها وزير المالية أم ستترك الأمر برمته للتطوع إستنادا على القيم السودانية ؟ .