اطلعت على الخبر التالي الذي ورد نصه بصحيفة (الصحافة) العدد رقم 6782 بتاريخ 14/6/2012م حول ما قاله السيد/ وزير المالية أمام البرلمان:- «... وقال إن دخل الفرد زاد بشكل كبير لكنه رجع وأقر بأن تلك الزيادة لم تصاحبها عدالة في التوزيع بالدرجة المطلوبة وأضاف: الفقر قدر من الله... لكن هناك تحسناً لأن نسبة الفقر في العامين 1990 و1991م كانت 90% وبعد عشر سنين نزلت إلى 40% وزاد: زمان ما كان هناك عربات بهذه الكثرة ولا شكل المباني لم يكن بهذه الصورة بجانب حجم الاستهلاك وأضاف: أيضاً نوع الموية نسيتو الحفاظات والبراميل التي تبرد بالثلج...الخ» وحقيقة قد اندهشت كثيراً لما ورد أعلاه لأنه قد صدر من وزير للمالية وليس من مواطن عادي... وألخص تعليقي في النقاط التالية:- أولاً: إن الفقر يصنعه الإنسان بيده وليس فيه مجال للقدرية... فرب العزة والجلال يمنحنا مقومات العمل والنماء والتطور فإما أن نستخدمها بأساليب وطرق صحيحة ونحقق رفاهية الإنسان وإما نفشل فى ذلك فيولد الفقر وينمو ويترعرع... وهذا ما حدث وما زال يحدث في السودان، فنحن بالرغم من كل الموارد الطبيعية التي خصنا بها الله والموارد البشرية والإرث الاستعماري البريطاني المتقدم آنذاك إلا أننا فشلنا طوال أكثر من نصف قرن في إدارة شؤون بلادنا بالطرق والأساليب الصحيحة فصنعنا الفقر بأيدينا... فأين القدرية هنا سيدي الوزير؟ ثانياً: قال السيد/ الوزير بأن نسبة الفقر قد انخفضت من 90% إلى 40% خلال عشر سنين... ولا أدري ما هي المعايير التي استخدمها السيد/ الوزير للوصول إلى انخفاض النسبة... هل هي زيادة عدد السيارات وعدد المباني الفاخرة وانتشار مصانع المياه الصحية... وازدحام المستهلكين في المجمعات التجارية الراقية؟... فما هي نسبة المواطنين السودانيين الذين تنطبق عليهم هذه المعايير؟... إذا كنا متفائلين لن تتجاوز 10%... أما الأغلبية التي تمثل 90% فما زالت تعاني من البطالة والنزوح إلى العاصمة بسبب انعدام التنمية الريفية والحروب والنزاعات والتصحر والجفاف... وما زالت تعاني من أمراض التخلف من ملاريا وتايفويد وبلهارسيا وكبد وبائي وغير ذلك... وما زالت تلهث من اجل ماء البراميل الملوث وليس الماء الصحي... وما زالت تعاني من أجل الحصول على جرعة دواء... أقول للسيد/ الوزير إذا كانت نسبة الفقر في عام 1990 و1991م 90% فهي قطعاً الآن قد ارتفعت ولم تنخفض إذا نظر إلى الأغلبية وتجاوز الأقلية المرفهة. ثالثاً: إن العبارة التي وردت على لسان السيد/ الوزير وهي «نسيتو الحفاظات والبراميل التي تبرد بالثلج» هي عبارة كان يجب أن لا تصدر من مسؤول حكومي في مستوى وزير المالية - مع احترامي له- لأنها تعكس درجةً من «المن» والتعامل غير اللائق مع المواطن السوداني... فبدايةً ما زال أغلبية المواطنين يشربون الماء من الحفاظات والبراميل حتى بدون ثلج... وثانياً حتى إذا نجحت الحكومة في توفير الماء الصحي النقي لجميع سكان السودان أينما كانوا فهذه ليست منحة تمن بها الحكومة وإنما حق للمواطن وهو من أبسط حقوقه كإنسان.