٭ ليلة الجمعة 2012/6/29م جثم الأرق على صدري .. وحتى النوم أبى وجافاني.. ابتهلت إلى المولى عزّ وجل بالدعاء المأثور«رب السموات السبع وما أظللن - ورب الأرضين السبع وما أقللن..أعوذبك من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها .. وأعوذ بك من طوارق الليل والنهار إلا طارق يطرق بخير».. فغشيني النعاس فرأيت في ما يرى النائم، صورة العميد أ.ح عمر حسن أحمد البشير يتلو البيان رقم (1) في صبيحة 29/6/1989م وجاءني صوته وهو يقول وقد امتلأ عنفواناً وصحة: - ٭ أيها الشعب السوداني الكريم .. ان قواتكم المسلحة المنتشرة في طول البلاد وعرضها ظلت تقدم النفس والنفيس حماية للتراب السوداني وصونا للعرض والكرامة .. وترقب بكل أسى وحُرقة التدهور المريع الذي تعيشه البلاد في شتى اوجه الحياة وقد كان من ابرز صوره فشل الاحزاب السياسية في قيادة الامة لتحقيق ادنى تطلعاتها في صون الارض والعيش الكريم والاستقلال السياسي حيث عبرت على البلاد عدة حكومات خلال فترة وجيزة . وما يكاد وزراء الحكومة يؤدون القسم حتى تهتز وتسقط من شدة ضعفها.. وهكذا تعرّضت البلاد لمسلسل من الهزات السياسية زلزل الاستقرار وضيّع هيبة الحكم والقانون والنظام. ٭ أيها المواطنون الكرام.. لقد عايشنا في الفترة السابقة ديمقراطية مزيّفة.. ومؤسسات دستورية فاشلة.. وارادة المواطنين قد تم تزييفها بشعارات براقة مضللة..وبشراء الدم والتهريج السياسي ومؤسسات الحكم الرسمية لم تكن الا مسرحا لاخراج قرارات السادة ومشهدا للصراعات والفوضى الحزبية.. وحتى مجلس رأس الدولة لم يكن الا مسخا مشوها .. اما رئيس الوزراء فقد اضاع وقت البلاد وبدد طاقاتها في كثرة الكلام والتردد في المواقف حتى فقد مصداقيته.. ٭ أيها المواطنون الشرفاء.. ان الشعب السوداني مسنود بانحياز قواته المسلحة اسس ديمقراطية بنضال ثورته في سبيل الوحدة والحرية.. ولكن العبث السياسي قد افشل التجربة الديمقراطية واضاع الوحدة الوطنية باثارة المعارك العنصرية والقبلية حتى حمل ابناء الوطن السلاح ضد إخوانهم في دارفور وجنوب كردفان علاوة على ما يجري في الجنوب من مأساة وطنية وانسانية..ان عداوات القائمين على الامر في البلاد في الفترة المنصرمة ضد القوات المسلحة جعلتهم يهملون عن قصد اعدادها لكي تقوم بواجبها في حماية البلاد.. ٭ مواطني الشرفاء.. لقد تدهور الوضع الاقتصادي بصورة مزرية وفشلت كل السياسات الرّعناء في ايقاف هذا التدهور ناهيك عن تحقيق اي قدر من التنمية فازدادت حدة التضخم وارتفعت الاسعار بصورة لم يسبق لها مثيل.. مما جعل ابناء الوطن يعيشون على حافة المجاعة.. وقد ادى هذا التدهور الاقتصادي الى خراب المؤسسات العامة وانهيار الخدمات الصحية والتعليمية وتعطل الانتاج.. وبدلا من ان نطمح الى ان تكون بلادنا سلة غذاء العالم.. اصبحنا امة متسولة تستجدي غذاءها وضرورياتها من خارج الحدود وانشغل المسئولون بجمع المال الحرام حتى عمّ الفساد كل مرافق الدولة وكل هذا مع استشراء التهريب والسوق الاسود مما جعل الطبقات الاجتماعية من الطفيليين تزداد ثراءً يوماً بعد يوم بسبب فساد المسئولين وتهاونهم في ضبط الحياة والنظام.. ٭ أيها المواطنون الشرفاء... قد امتدت يد الحزبية والفساد السياسي الى الشرفاء فشرّدتهم تحت مظلة الصالح العام مما ادى الى انهيار الخدمة المدنية وقد اصبح الولاء الحزبي والمحسوبية والفساد سببا في تقدم الفاشلين في الخدمة المدنية ،فأفسدوا العمل الاداري وضاعت هيبة الحكم وسلطان الدولة ومصالح القطاع العام.. ان اهمال الحكومات المتعاقبة على الاقاليم ادى الى عزلها عن العاصمة القومية وعن بعضها في ظل انهيار المواصلات وغياب السياسات القومية. وانفرط عقد الامن حتى افتقر المواطنون لما يحميهم فلجأوا الى تكوين المليشيات.. كما انعدمت المواد التموينية في الاقاليم الا في السوق الاسود وبالاسعار الخرافية. ٭ أيها المواطنون.. لقد كان السودان دائما محل احترام وتأييد من كل الشعوب والدول الصديقة، كما انه اصبح اليوم في عزلة تامة، والعلاقات مع الدول العربية اضحت مجالا للنزاع الحزبي.. وكادت البلاد ان تفقد كل اصدقائها على الساحة الافريقية وقد فرّطت الحكومات في بلاد الجوار الافريقي حتى تضررت العلاقات مع اغلبها.. وتركتها لحركة التمرد تتحرك فيها بحرية.. فمكنتها في ايجاد وضع مميز اتاح لها عمقا استراتيجيا تنطلق منه لضرب الامن والاستقرار في البلاد.. حتى اصبحت تتطلع الى احتلال موقع السودان في المنظمات الاقليمية والعالمية .. ٭ أيها المواطنون الاوفياء ان قواتكم المسلحة تدعوكم للالتفاف حول رايتها القومية ونبذ الخلافات الحزبية والاقليمية الضيقة.. تدعوكم للثورة معها ضد الفوضى والفساد واليأس من اجل انقاذ الوطن.. ومن اجل استمراره .. وطنا موحدا حرا كريما .. ٭ وجاءني صوت أم العيال يقول «يا راجل قول بسم الله مالك بتتكلم براك؟! ... فانتبهت فاذا بي «مصنقر في السرير.. وصوت داخلي يهتف هبي هبي رياح الجنة.. كلمة السر.. الوطن الغالي.. قلت لها بكرة يوم تلاتين يونيو.. وحكيت لها طرفة المرحوم الرائد زين العابدين محمد أحمد عبدالقادر مع زوجته.. وهو يشكو ويتبرم من الحال.. وقال لزوجته الحياة معاك أحسن منها الحياة في سجن كوبر.. فردّت عليه زوجته: «طيب ما تمشي تدخل السجن!!»، فقال لها: «لكن ناس الإنقاذ ديل طلعونا من السجن»..! فقالت له: «طيب أعمل ليك انقلاب»..! فردّ عليها صارخاً: «يا سلام عليك.. طيب لو نجح..؟!!».. وهذا هو المفروض..