«دقت الساعة القاسية، وقفوا في ميادينها الجهمة الخاوية واستداروا على درجات النصب شجراً من لهب، تعصف الريح بين وريقاته الغضة الدانية فيئن بلادي.. بلادي: بلادي البعيدة» أمل دنقل: مقتل القمر سفر الخروج أغنية الكعكة الحجرية «1» - «مصر» «تحرك التاريخ»، وقد يستحي ان يحركها، ويؤكد «شعبها» عبر «الزمان» و«المكان» انه جدير تماما، بدوره في «حركة البشر» باتجاه الاستقرار، وأغلى من ذلك، باتجاه «الوجدان الوضيء»، «العقل الرزين» الفاعل: قال ذلك وأثبته «رواة الأحداث»، وشكله «أهل الفن»، ابداعا راقياً، وفي «جغرافية مصر»، على ما قال «جمال حمدان» عبقرية استوعبت مسار غزاتها فكانوا فيها بعض اهلها: «مصر»، «لم تستعذب الاهانة»، عبر العصور كما روّج البعض «لطبيعة الفرعون»، في ان ينحني له «الآخرون»، سمعاً وطاعة، ولكنها وبحكم «الحضارة»، استجابت لمعنى «الدولة»، في ضوابط الحكم والادارة، وأي خروج عن ذلك، أدى للاحتجاج والغضب والتمرد والثورة، وعلى تطاول «عهود الاستبداد والظلم والقهر، غنى الشعراء «مواويل النصر القادم» و«الحلم الندي»: «لمصر» دورها «الاقليمي والدولي»، وان كان «حسني مبارك» قد مضى قدماً، في «تصفية ثورة 23 يوليو 1952م، بنموذجها الفذ «الرئيس جمال عبد الناصر» فقد غابت عن ذلك الدور تماما واكتفت بدور المراقب من بعيد للاحداث والائتمار باشارات «واشنطن»، و«اسرائيل»، ومضى بعض «نخبها» للأسف الى تبرير وتجميل اقبح ما سموه «بالديمقراطية» على «حساب الشعب»، فكانت صور «التحالف السياسي/ الاقتصادي» تقضي على كل بارقة أمل، في «نفق الانحطاط المظلم»، ولم تكن عقول ووجدان الشباب بعيدة عن الاحساس، بما يجري فتحركت عقولهم باتجاه مؤشرات التقنية الحديثة، ويحدث «الزلزال الكبير»، الذي هد أركان أكبر دولة في مجال الرقابة الأمنية: ٭ قدم الشباب مهراً في التضحيات الجسام. ٭ كالعادة مارست القوى السياسية لعبة القط والفأر: في انتظار ترجيح أي كفتي الميزان!!. ٭ استطاع شعب مصر، ان يبلورر موقفه العنيد تماما بالتظاهر المستمر، وان يقنع الاعلام الدولي والاقليمي، بعدالة مطالبه. ٭ قدمت «القوات المسلحة المصرية» «وعياً سياسياً استثنائياً»، حين ظلت تراقب «موقف الشعب»، من «النظام»، دون ان تتدخل لصالحه رغم ان «رئيس المجلس العسكري»، كان «وزير دفاع» حكومة مبارك وعكس الشرطة. ٭ فشلت كما هو واضح كل الضغوط والحيل، التي مارستها «الفلول» سواء باسم «الديمقراطية»، او «باسم القانون»، في «تصفية الموقف الثوري» لشعب مصر. ٭ كان ومازال «الصراع» واضحاً بين «القوى السياسية الاسلامية»، وهي تطرح رؤاها الجديدة التي تواكب الاحداث، وبين «قوى سياسية أخرى» «تخاف» في هلع وذعر، من «حكم الاخوان»، تحت أي مسمى كان وليس بعيدا عن التعبير عن ذلك الخوف: «الاعلان الدستوري الذي أصدره المجلس العسكري. ٭ ظل «الدكتور مرسي» يؤكد وهو يطرح في الواقع نظرة الاخوان لطبيعة المرحلة انه: ٭ «رئيس لكل المصريين»، وان مسافته منهم واحدة. ٭ انهم لم يأتوا «لتصفية حسابات»، بل انهم جاءوا «لتحقيق الاستقرار». ٭ ان ثورة الشباب هي التي أتت بهم، وهم حريصون على تحقيق العدالة في محاسبة من تسببوا في قتل «المتظاهرين». ٭ انهم معنيون بتحقيق «العدالة الاجتماعية». ٭ تبدأ «مصر» في الواقع عهدا جديدا منذ أيام «أحمس» وبعد طرد «الهكسوس» وهي معنية بقراءة ثاقبة لكل تواريخها السابقة: ٭ «مصر الفرعونية»، وهي حضور زاه بالتقدم وهي مثقلة بدرس «سيدنا موسى عليه السلام»، كما جاء في «التوراة» و«الانجيل» و«القرآن» وكذلك بحكم «الرومان» و«النوبة». ٭ مصر المسيحية ومصر المسلمة، بكل ما ترتب على ذلك من انواع الصراع العسكري والسياسي والاقتصادي، على الأخص، ما ترتب على ذلك من نتائج، في عهود السلاطين المسلمين، من غير العرب، من الاكاد والمماليك.. وكافور وشجرة الدر..ا ٭ مصر «وحملة نابليون»، وثورة شيوخ الدين في الازهر. ٭ مصر محمد علي باشا. ٭ مصر ثورة عرابي.. وصراع الاقطاع والباشوات. ٭ مصر ثورة 1919م.. وديمقراطية الوفد. ٭ حريق القاهرة.. ٭ ثورة 23 يوليو 1952م والحرب ضد الاقطاع، والمناداة بالاشتراكية والعدالة الاجتماعية. ٭ مصر ما بعد عبد الناصر: السادات.. ٭ النكسة 1967م نصر اكتوبر 1973م، اتفاقية كامب ديفيد ومقتل السادات.. في ذروة ابهته السياسية. ٭ حقبة حسني مبارك وتداعياتها الخطيرة.. سياسياً واجتماعياً واقتصادياً. ٭ مصر وتداعيات الصراع الاجتماعي والاقتصادي. «لحركة الاخوان المسلمين» في «مصر» جذور عميقة، وصدامات ومواجهات، أدت على أيام الملك فاروق الى اغتيال مرشدهم العام «حسن البنا» وعلى اقترابهم من «ثورة 23 يوليو 1952»، فكرا وممارسة، الا ان «الصراع» انتهى في ايام «عبد الناصر» الى أقسى ما يكون «الاقصاء»: اعداما وتعذيبا وتشريدا. - ولقد ظلت «الصورة الذهنية» للاخوان المسلمين في كثير من الدول العربية وبسبب «آلة الاعدام» القوية، في مصر تعبر عن الارهاب كما لم يكن بعيدا عن ذلك الصراع الشرس، «حركات الانقسام»، التي اعقبت «اعدام سيد قطب» وأدت الى ظهور «تيارات متشددة» أدت الى محاولات «الانقلاب العسكري» «الكلية الحربية»، والى اغتيال «محمد أنور السادات» «وهو التيار الاسلامي الصارم» فيما يورد الاستاذ «محمد حسنين هيكل في كتابه: مبارك وزمانه: ماذا جرى في مصر ولها ص: 102 وما بعدها: «ان الذين قاموا بالاغتيال «خالد الاسلامبولي» ورفاقه لم يكونوا من نوع اولئك الذين اغتالوا الاخوين جون وروبرت كنيدي او اولئك الذين حاولوا اغتيال الرئيس الامريكي رونالد ريجان والبابا يوحنا بولس الثاني.. لأن أولئك كانوا من «الشاردين على هوامش مجتمعاتهم»، وعلى خلاف ذلك فان الذين اغتالوا «الرئيس السادات» جاءوا من «رحم المجرى العام للافكار والعقائد» في مصر، ومن «السابحين في احد الروافد الظاهرة في التيار الاسلامي العارم والعنيف احيانا»، وذلك رافد فكر وعمل جرت ينابيعه الاولى من «صدر الاسلام ثم» تعمق مجراه باجتهادات اثنين من الفقهاء الكبار «ابن حنبل» و«ابن تيمية» ثم فاض على عصرنا الحديث بتعاليم مجموعة من الرجال يبدأون «بجمال الدين الافغاني» وينتهون «بأبي الأعلى المودودي».. ولعلنا نضيف غيرهم في حركة التطور الاسلامي ولكنهم وفيما اكد «هيكل»، لا نستطيع ان نسقط من حسابنا اننا امام ظاهرة يحسب حسابها في ظواهر «التيار الاسلامي العارم»، ويضيف هيكل ان تحقيقات حادث المنصة، قد تم في سياق ان العنف يؤدي الى العنف.. وان نية الاغتيال لم تتحرك ولم يرسم لها ويتم تنفيذها الا بعد اعتقالات سبتمبر 1981م التي قادها الرئيس السادات. في كل الاحوال عانى «تنظيم الاخوان المسلمين» في رافده الاساسي وفي حركاته المنشقة الأخرى من حرب ضروس شنتها عليه كل الأنظمة السياسية في مصر، العهد الملكي جمال عبد الناصر، السادات، حسني مبارك.. ويلاحظ ان الرئيس السادات حاول أن يكبح جماح اليسار، عن طريق التوازن مع «حركة الاخوان المسلمين».. التي لم تكن بعيدة سواء عن الغزل السياسي أو المواجهة الناعمة بتغيير «لغة الخطاب السياسي».. وكان أشد وعياً بالفراغ السياسي.. في عهد الرئيس حسني مبارك.. وعملت جهدها ان تكون الرصيد الاحتياطي.. في حالات انهيار النظام.. سواء بالتاكتيك أو بالاستراتيجي. «3» في ضوء تلك «الحسابات» على المستوى المحلي والاقليمي والدولي، تواجه الرئيس المصري المنتخب بصورة شرعية لحد المنافسة التي قاربت نسبة نقطة التعادل الكثير من التحديات: - تقديم نفسه كما صرح رئيسا لكل المصريين بعيداً عن أي انحيازات «فكرية أو اجتماعية أو اقتصادية» وتواجهه تحديداً: - سياسات حزبه الذي أتى به بالسلطة، في مواجهة رؤى واستراتيجيات الاحزاب الاخرى.. هل ثمة ما يمكن ان يخلق التوازن الوطني. - التحالف الفكري والتنظيمي مع القوى الاسلامية في مناطق الحوار سواء تلك التي حقق لها الربيع العربي ان تستلم السلطة «ليبيا، تونس، وسوريا مؤكدا» او تلك التي مازالت تطبق رؤاها وتجربتها «السعودية، السودان، ايران». - ان رؤية القوى الاسلامية للقضية الفلسطينية ليست بأي من الاحوال مسألة قابلة للتراخي او للتنازل فهي عندهم موقف استراتيجي قد يختلف التاكتيك بشأنه وعلى ذلك فان «مصر» بقيادة الدكتور «مرسي» موعودة بزلزال اقليمي له تأثيراته الدولية.. هو «موقفها» من كامب ديفيد، ولذلك فقد اختلف تماما مع بعض الاخوة من الذين تساءلوا عن متى يقابل «مرسي» نتينياهو؟!! أرى ذلك بعيداً جداً حسابات مصر من صراعات المياه وهي دولة المصب الأكثر استفادة من مصادر المياه، في المنبع، وفي هذا السياق، فان العلاقة بين مصر وحكومة جنوب السودان والسودان تستدعي الكثير من التوقف.. تأملاً وتدبراً واستخلاصاً. - على المستوى بين مصر والسودان فان شعار وادي النيل مما طرحته التجربة التاريخية قد يستدعي شيئا من التداعي الفكري في أكثر من زاوية. وأرى ان مراكز البحوث معنية بصورة تتجاوز مجرد الندوات الطارئة الى الدراسات المتعمقة في طبيعة «الزلزال» الذي يحدث في مصر وتداعياته. ملاحظات غير عابرة: من غناء الأستاذ أحمد فؤاد نجم الجميل للمستقبل: اصحي يا مصر.. اصحي يا مصر.. هزِّي هلالك هاتي «النصر» «كوني» يا مصر «وعيشي يا مصر» مدي ايديكي وطولي «العصر» اصحي وكوني وعيشي يا مصر.. وبعد: شباب مصر.. وكل شعب مصر الشقيق: مبروك بطول الزمان وعرض المكان..