٭ بنات الشوارع أو المشردات ظاهرة واحدة من عدة ظواهر تشير الى الخطر المحدق بالمجتمع السوداني.. لكنها الاكثر خطراً على المستقبل.. ظاهرة لا تعالج باجراء الدراسات وان كانت تشكل خطوة اولى في تحديد حجم المشكلة.. ولا تعالج بالغضب والاستياء كأن نقول بنات شنو ديل شماسيات.. بنات آخر زمن.. أو بنات مطلوقات.. أو.. أو.. الى آخر ما نطلقه من احكام أو آراء بصورة استعلائية.. ننظر للظاهرة خارج اطارها ومسبباتها.. وذلك لسبب بسيط.. لأن بنات الشوارع ضحايا لجملة عوامل.. هن ضحايا لظروف الحرب ولظروف تردي الواقع الاقتصادي ولظروف الفقر ولظروف النزوح ولظروف ولظروف.. فهل فكرنا بصورة جادة في ما يحدث داخل المجتمع الذي تخلخل وبدأ يتحلل ان لم يكن تحلل فعلاً واخذت رائحة هذا التحلل تزكم الأنوف. ٭ الطفح الذي ظهر في طرقات وشوارع الخرطوم وام درمان والخرطوم بحري.. الطفح المتمثل في ذاك الكم الواضح من اليافعات المراهقات اللائي يسكن الشارع.. نعم الشارع والمصارف والخيران ومع المشردين من الاولاد يشكلون مجتمعاً قالت عنه الدراسات التي اجرتها الرعاية الاجتماعية واجراها مركز دراسة الجندر وعرضت لها الزميلة انعام محمد الطيب في تحقيق بصحيفة الايام عدد 41 أبريل 2002. ٭ جاء في تحقيق الايام هؤلاء الفتيات لهن علاقات اجتماعية بالمشردين (اصحاب) أو ازواج بمفهوم العلاقات الآحادية من الشريك الواحد ويتم اختيار الزوج من وسط المشردين الذين تتوافر فيهم المقدرة على حماية الفتاة من المخاطر والمصائب وله المقدرة على جلب المال : السرقة وصناعة الكوانين، تجارة السلب ومنحها للفتاة الزوجة كمصاريف لتلبية حاجاتها من السلسيون، الاكل، السجائر، العرقي.. الخ.. وعن طريق هذه العلاقات تتم الممارسات الجنسية بينهم وادت الى انجاب اطفال كنتاج لهذا مما يؤدي الى زيادة اهتمام المتشرد بالفتاة وطفلها كما ان مسؤوليته المادية تزداد لتوفير احتياجات الطفل الضرورية وتقابل هذه العلاقة بالاحترام من قبل مجموعات المشردين.. وتتعرض الفتاة المشردة غير المرتبطة بشريك واحد للاغتصاب بعنف وقسوة من مجموعة المشردين بإعتبارها ضائعة وتصبح لقمة سائغة (للتخميس) بدون حماية من احد.. ونجد معظم الفتيات علاقاتهن بأسرهن مقطوعة.. ٭ حدثتني باحثة اجتماعية عن تلك الفتاة المشردة التي وضعت طفلها في احد المجاري بام درمان وكيف تلقت الخدمة من باقي المشردين والمشردات.. قالت كانوا يصنعون لها الشوربة والطعام ويأتونها بالفاكهة داخل المجرى. ٭ نرجع للدراسة التي قالت :- معظم الفتيات المشردات يرين ان لديهم مشكلة ولديهن احساس عالي بمشكلات وجودهن بالشارع ولهن رغبة في الاستقرار وترك التشرد ونسبة هؤلاء 56% وهناك نسبة 81% يرين ان لديهن مشكلة. ٭ وحل مشكلة الفئة الأولى يكمن في ايجاد عمل إلا ان عدم حصولهن على المؤهلات العلمية يحول دائماً دون ايجاد عمل مناسب وهذا يدفع دائماً للالتحاق بالاعمال الهامشية ذات العائد المادي الضعيف، كما ان بعض الفتيات يرى بأن حل مشكلتهن يكمن في ايجاد منزل لهن ولاسرهن لتوفير نوع من الاستقرار الذي ينشدنه ويرى البعض ان حل مشكلتهن يكون بالتحاقهن بدار الفتيات ولكن يظهرن عدم ثقة في مؤسسات الخدمة الاجتماعية.. نسبة 41% نرى انها غير مفيدة ونسبة 02% يرين ان المعاملة سيئة. نُشر في صحيفة (الحرية) (صدى) 9/6/3002. أواصل مع تحياتي وشكري