لا يزال أخي العزيز سليم عثمان يجرني الى الكتابة جراً، فهو صحافي محترف ولا اقول «مخضرم» حتى لا نعطي «الصلعة» البهية معناها المؤكد! والكتابة داء تعي من يداويها!! ووسط الصحفيين وسط ودود وعجيب وغريب مع انني عشت فيه -ولا ازال- هاوياً وليس محترفاً وقد سألني أحد المذيعين في زمان غابر في التلفزيون قائلاً: «يقال انك دخيل على مهنة الصحافة!؟» فقلت له مسرعاً: ان مهنة الصحافة لا تقدم شيئاً لاهلها فماذا تقدم لي؟ ولكن الحمد لله اصبحت الآن للصحفيين دار ومنازل واراض لها اسماء شتى احسن من يحفظها «محفوظ عابدين» واصبح لاهل الصحافة صحف وشركات واموال وعقارات يشار اليها بالبنان! واني لارجو لاهل الصحافة ان يتضافروا اكثر ويتلازموا معا اكثر حتى يحصلوا على المزيد واتمنى الا نرى بين الصحفيين والصحفيات شقياً ولا محروماً وتلك والله امنية صادقة نسأل الله ان تتحقق. ولي مع الأستاذ سليم عثمان وبخاري بشير «الرأي العام» الآن قصة طريفة بطلها هو استاذنا وعزيزنا الاخ محمد محمد احمد كرار عجيب الاطوار!! فقد كان الرجل في زنقة حادة في جريدته المعلومة «الشارع السياسي» وكان في حاجة لصحفيين اثنين لتسيير الصحيفة، وكان الاخ سليم عثمان في ذلك الاوان حرا طليقاً وان شئت فقل عاطلاً، وهذا طبعاً الآن لقب لا يجوز في حق سليم عثمان بعد ان اططحبته زوجته الاستاذة فاطمة الى قطر فاصبح مغترباً وخرج من الهوان الى علو الشأن! اقول طلب مني الاكرم ود كرار التدخل ومساعدته فاقترحت عليه سليم وبخاري واشهد انه فوضني اقتراح مرتبات لهما فاقترحت لسليم عثمان ثمانمائة الف جنيه في ذلك الزمان وللاخ بخاري بشير سبعمائة الف جنيه. اي ثمانمائة وسبعمائة «بالجديد» كما يحلو للبعض ان يعبر بحساب اليوم! وبقدر ما كان الاخ سليم عثمان صعب المراس بقدر ما كان الاخ ود كرار في الادارة «يدوِّش الراس» فما ان يتأخر الاخ سليم ولو قليلا في الوصول للجريدة حتى يرن التلفون عندي فاجد محمد محمد احمد كرار على الجانب الآخر يصيح «يا اخي وين زولك ابو تمنمية ده؟!» وهكذا سمينا سليما ابو تمنمية!! ولا يزال كلما يتصل بي من قطر يقول «معاك أبو تمنمية». لقد منحتني مهنة الصحافة وهوايتي للكتابة منذ عام 7791م في جريدة «الايام» ايام حسن ساتي عليه رحمة الله- منحتني وسطاً لكم ان تتبينوا مودته وعمقه وطرافته اذا علمتم انه وسط يعيش حياة اجتماعية واسعة والتصاقاً حميماً ورائعاً عوضني قليلاً عن وسط المحاماة الجاف الجاد الصارم بسبب ما تقتضيه- ربما- مهنة القانون من كل ذلك!! واني لمدين للتعمق والتعرف والتأقلم على مهنة الصحافة وعلى الكتابة لاستاذي الجليلين محيي الدين تيتاوي واحمد البلال الطيب منذ ان كانا في صحيفة «الاسبوع» في اصدارتها الاولى وكان السجال حاداً بيني والاستاذ مصطفى عبد القادر المحامي -ذكره الله بالخير- والراحل عبد الله الحسن المحامي عليه رحمة الله، حيث كانت الصفحة الثالثة هي صفحة الرأي ومحل السجال الفكري والسياسي، ولكنني اذكر ان الراحل عبد الله الحسن المحامي عليه رحمة الله كتب شيئاً يمسني على اعتاب ذلك السجال ومعه صورته في الصفحة الاولى من صحيفة «الاسبوع» فذهبت غاضباً لدار الصحيفة فتلقاني الاستاذ احمد البلال الطيب وطلب مني الهدوء واحضار ردي لنشره في ذات المكان! ومنذ ذلك الزمان تعلمت وعرفت انني اتعلم وان التعاطي مع الصحافة بحر واسع من الدراية والعلم والتعلم. اما تساؤل الاخ سليم عثمان بهذه الصحيفة الغراء «الصحافة» بتاريخ الثلاثاء 6 أبريل 0102 ص6 حيث قال «ولا ادري ان كان الصديقان طلحة وعبد الرحمن يتعارفان؟» فبالطبع نتعارف جيداً. والاخ الصديق طلحة جبريل هو من معالم السودانيين البارزة في المغرب وهو رجل ملأ الدنيا وشغل الناس حيث خرجت صحيفة «الشرق الاوسط» في اواخر السبعينيات او بداية الثمانينيات ايام تواجدنا في المغرب للطلب اي الدراسة، ولا اعرف متى التحق بها طلحة بالضبط ولكنه اصبح صحفياً مرموقا بها بالرغم من اختلافنا كثيرا في الآراء. وللاستاذ طلحة جبريل آراء اعتبرها شاذة في حق السودان وإن كنت احمد للاخ طلحة شيئاً فانني احمد له اصراره عليها وعدم ابتعاده عنها شمالا او يميناً وذلك يدل على قناعة راسخة بالطبع! آراء طلحة تتركز باختصار في انه يرى ان هذا اسمه السودان لان السودان اسم يعني قديماً المنطقة الممتدة في شمال افريقيا حتى مالي! كما ان هذا السودان البلد الذي عاصمته الخرطوم يجب ان «يتفرتق» ويتفرزع ويأخذ كل ناس نصيبهم فيه ويذهبون لانه بلد متعدد المشارب متنوع الثقافات ويضم امما لا تلتئم!! واعتذر للاخ طلحة ان كنت لم اعرض فكرته بدقة لانني استمعت اليه يذكرها لي امام فندق هيلتون في الرباط منتصف التسعينيات عندما ذهبنا لحضور مؤتمر اتحاد المحامين العرب، كما انني قرأت له ذات الافكار قريباً الامر الذي يدل على ان طلحة هو طلحة الذي عرفته ولا ادري ان كان تواصل سليم الالكتروني مع طلحة يناقش هذه الآراء ام لا؟! ان المرارة في افكار طلحة جبريل تكمن في انه يريد الغاء السودان من الخارطة تماما بصورته الحالية، وبالرغم من ان صورة السودان الحالية في الخريطة كان منشؤها من الاستعمار الغربي والمصري عموماً الا انها صورة يبدو انهم يندمون عليها الآن ويسعون لزعزعتها وتفكيكها! وحتى جون قرنق لم يقل بمثل افكار طلحة جبريل ولكن اعتقد ان الاغتراب والترحال ومعاناة البعد عن الوطن قد فعلت في طلحة ما فعلت! ويعود الى وطنه ويجده موحداً ومستقرا ومتقدماً! الشركة السعودية للابحاث والتسويق نشرت في عهد وجود طلحة الاول فيها كتاب «ذاكرة ملك» للملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله.. واسم طلحة جبريل يذكر كلما ذكر هذا الكتاب لانه قدمه للملك الراحل في الرباط بعد ان صدر نيابة الشركة الناشرة في عام 3991 تقريباً. لقد طبقت شهرة طلحة الآفاق وهي شهرة نعتز بها اجمعين نحن من عاصرناه لبعض الوقت في المملكة المغربية ويعتز بها كل سوداني، ولكن يبدو ان تعبير حسناء قرية شبا في ديار الشايقية لطلحة ووصمها له «بان النجارين قد بدأوا يتغزلوا» بسبب تعلمه مهنة النجارة في كريمة الصناعية هذا التعبير لا يزال يجبر طلحة على الترحال، ولكن حرام على طلحة ان يجبره تعبير الحسناء له على محو السودان باسمه من الخارطة!! قاتل الله هذه الحسناء يا سليم عثمان! لقد اجبرت طلحة على ترك الديار مع ان الشاعر يقول: وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا ليت طلحة اسفر عن كراهيته فقط للديار! أرجو ان يفلح سليم عثمان معي في ان اجد طلحة جبريل عيانا بيانا وان نفلح معاً في اثنائه عن آرائه التي ذكرتها وان نفلح معاً ايضاً في اعادة طلحة الى قريته شبا ومحو ذكرى تلك الحسناء من ذاكرته! وإلى لقاء [email protected]