قرأت سرا آية الكرسى عدة مرات عندما وجدتنى ابتسم مرة وأطنطن مرة متضايقا وأهمهم مكتئبا ثم ارجع واتنفس الصعداء وأبتسم ..وهكذا دواليك لا تفصل بين حالة واخرى الا بضع ثوان فقط .. تناقض شديد ؟ يقينا نعم .. جنون؟ لا ..فهى نعمة لا يستحقها أمثالى .. وجعل الله وعينا بما يجرى كفارة لما نقترفه من ذنوب ..اللهم آمين.. كل ما فى الأمر فى تناقضنا هو ما نعايشه من تناقض.. وهذا يشبه جدا حال جارنا الذى ينتظر الخريف لما فيه من خير وبركة غيرانه فى ذات اللحظة يتوجس خيفة منه مما يكبده له من تكسير لمنزله –يسمى مجازا منزل-الآيل للسقوط من أول (رشة) وما يسببه سوء تصريف ما تبقى من مياهه من أمراض لأبناء إبنته التى رحل زوجها عنها وبقوا فى رعايته فى ما يسمى مجازا بمنزل ..فهم يشاركونه وحبوبتهم عريشة من كرتون على هامش عمارة تحت التشييد يحرسها لصاحبها الذى يبخل عليهم بالاستظلال فى احد غرف طوابقها الخمسة!! ذات الأمر يحدث معى فقد استقبلت خبرا كخريف جارنا.. عندما تم إعفاء الأخ الاستاذ السموال خلف الله من منصبه وزيرا للثقافة واذيع الخبر مساء الأحد الثامن من يوليو الجارى وعلمت به من الأخ السموأل شخصيا ظهر الأحد بعد أن أبلغهم به السيد الرئيس عمر البشير .. إختلطت عندى الأحاسيس بين فرح لتخلص الأخ السموأل من التعقيدات الرسمية والتى كبلته كثيرا وحدّت من خططه الطموحة وكنت أعلم يقينا انه لهذا زهد فى الجلوس على كرسى الوزارة فى مبناها العتيق بشارع الجامعة وتمنى ان لو أعفى ليواصل ذات رسالته من خارج المؤسسات الرسمية .. وفرحت انه سيعود لمكتبه على شارع الزعيم الأزهرى ببحرى واللافتة تقول مؤسسة أروقة للثقافة والعلوم وقد خلفته مضطرا كأمين عام لمؤسسة التى كان يحكى لنا عنها منذ العام 2001م وبعضهم يظنها أضغاث أحلام غير انه وبعد أقل من عام أطلق صرخة ميلادها ليكتمل من عمرها أحد عشر عاما بنهاية هذا العام..بذلت جهدى كله لنحافظ على بعض نبضها حتى يعود السموأل وتعود هى مرة أخرى كما كانت تملأ الدنيا وتدهش الناس ..لحسن حظى ان حظيت بفريق عمل متجانس ومبدع ..ايمان القريش وعبدالباقى حسين وحنان قسومة وعمر الكدرو وعاصم على وآخرين ..عاد السموأل لأروقة وهى عودة خير عزاء لمن يفتقدونه موظفا رسميا فى المؤسسة الرسمية فهو لم يقدم للثقافة ما قدم بإعتباره موظفا .. لا بل هى رسالته وهى كذلك أدواته.. كان ولا زال وسيظل أحد حرّاس الثقافة وخدّامها.. فالسموأل الذى عرفته فى مساء أحد أيام أغسطس من العام 1984 م ..كان فى قمة الاتحاد العام للطلاب السودانيين بجمهورية مصر وكان مجموع الطلاب هناك يفوق عدد الذين يدرسون فى جامعات السودان مضافا إليهم الطلاب ببعض الدول الأخرى .. وجدته يعزف على أكورديون (اليوم نرفع راية إستقلالنا) ومنذ ذلك الوقت نرصد له كل ما يفعله ونزعم انه لأجل الرفعة وينجح..جل الذين كانوا هناك يصوّتون له فأفاد بشخصه الاتجاه الاسلامى بينما يفعل الاتجاه الفائدة للآخرين .. حزنت .. حزنت جدا.. حزنا حد الزهج ..والله جد .. ان تفقد الوزارة وزيرا خلاقا وفاعلا ومتجاوزا لواقع الصرف والميزانيات وهو واقع لو تعلمون (واقع فى الواطة) ..والدليل ما شهدته الساحات من نشاط ثقافى هنا وهناك ومتنوع ومدهش وجاذب لجمهور ظنوه لا يأتى الا لساقط الغناء ..ثم هو متفاعل مع اهل الابداع – بعضهم تحتاج ان تكون من اصحاب البال الطويل – يجاملهم فى افراحهم ويقاسمهم اتراحهم ...جل من يحتاجون إليه يجدونه معهم ..لدرجة ان كتب صحفى يلومه لماذا لم يعاود وزير الثقافة الاعلامى فلان الفلانى الذى يحتاج لمن يقف معه .. ونسى ان هناك وزيرا للاعلام !! ولو كان ما زال على كرسى الوزارة لكتبوا له ( لماذا لم يلحق سموأل وينجد ماركيز فى خرفه) وهذه الكتابات بقدر ماسيراها الناس انها خارج الشبكة أراها عكس ذلك لأنها ستؤكد انه من عظم عشم الناس فيه.. يخرج سموأل من الوزارة وهو من فريق الحزب الحاكم الذى كنت أظنه – الحزب- يعمل على الانسان وللانسان غير ان التشكيل الأخير شكّل مشكلة فى تصورى هذا ..فقد تنازل الحزب الحاكم عن كل الوزارات التى تعنى مباشرة بهذا الانسان .. الثقافة والاعلام والارشاد والشباب والرياضة ..تنازل عن هذه لآخرين ..ان أحسنّا الظن بهذا التنازل سنقول لأن الحزب الحاكم يظن ان هؤلاء انفع للناس منه وهكذا نكون فى ذات الوقت قد أسأنا الأدب مع الحزب الحاكم !! وان أردنا ان نقول العكس فسيقودنا لإتهامه –الحزب- بأنه ينظر للموازنات بعيدا عن قراءة الصالح العام اولن نمضى فى هذا القول أكثر حتى لا يكون قولنا فى باب السب والقذف فى حق الآخرين ..والتشكيل الأخير كان كخريف جارنا أفرحنا ان جاء محاولة للتقشف – صديقى المعارض يقول انه محاولة تقشف فاشلة- ولكنه كذلك أحزننا ان جاء بيعض وزراء لا أمل فى ان يقدموا ما تحتاجه البلد فى هذه المرحلة العصية.. خرج سموأل فى ذات اليوم الذى نقرا فيه خبر كخريف جارنا .. يقول تصفية (الأحداث )ونحزن حد الحزن عليها ونفرح حد الانبساط لعادل الباز وتعاودنى ذات الحالة التى تطلبت منى ان أقرا سرا آية الكرسى عدة مرات لأعود الى الهدوء الذى إن تحقق لى سأكتب لكم عن حزنى وفرحى فى أمر (الأحداث ) إن مد الله فى عمر وعيى...وزهجى كزهج الشاعر الراحل عمر الطيب الدوش : (زهج يتعبأ فى الأكياس) بالمناسبة سعرالكيس وصل كم؟؟؟ [email protected]