يلعب النقل البحري دوراً مهماً وأساسياً في نمو اقتصاديات الدول وازدهارها ، حيث اصبح احد العناصر التي ثؤثر على النمو الاقتصادي والقدرات الاقتصادية للدول، و شهدت صناعة النقل البحري تطوراً مهماً ونقلة هيكلية تميزت بعولمة هذه الصناعة وظهرت مفاهيم جديدة مثل عولمة النقل البحري وتحوية البضائع والموانئ المحورية وغيرها من المصطلحات. ونتيجة للتطور المستمر في اشكال واحجام السفن كان هنالك ايضاً تطور مماثل في النقل عامة والنقل البحري خاصة ، مما انعكس ايجاباً على تطوير وتحسين اداء الموانئ التي تخدم هذا المجال ، وبالتالي تطور اداء الشركات الملاحية التي تخدم هذا المجال. تلاحظ في الآونة الاخيرة ازياد الشركات الملاحية الاجنبية التي تعمل في مجال التوكيلات الملاحية في السودان. ان دخول هذه الشركات اصبح واقعاً لابد منه وذلك نسبة للتحولات الاقتصادية التي حدثت في جميع انحاء العالم ونتيجة للانفتاح الاقتصادي خصوصا اننا في عهد العولمة والاقتصاد الحر لكل هذه الاسباب تم دخول الشركات الاجنبية لمزاولة نشاطها الملاحي داخل السودان وذلك بعد استيفائها الشروط واللوائح التي تمكنها من مزاولة نشاطها الملاحي . ان بعض هذه الشركات تدار بواسطة خبرات اجنبية ،حيث لا توجد حاجة لوجود مدير اجنبي في هذه المؤسسات ، خصوصاً إن هولاء الاجانب لا يحملون شهادات نادرة التخصص و لا يضيفون جديداً في هذا المجال ، و إن المدير الاجنبي يحظى بامتيازات وشروط خدمة تكفي لتوظيف اعداد هائلة من الخريجين لذلك فإن العمالة السودانية احق بهذا الامتياز، خصوصاً إن بلدنا الحبية مليئة بالكوادر التي لها باع كبير في مجال النقل البحري وهنالك اناس ذوخبرة عالية وعلى مستوىً عالٍ من الكفاءة و يمكنهم ادارة كبرى شركات الملاحة في العالم ، فهنالك من كوادرنا الوطنية الرعيل الاول لشركة الخطوط البحرية السودانية وهم منتشرون في ارجاء البلاد بل منهم من يعمل في كبريات الشركات الملاحية في الخليج والدول الاخرى، كما اننا نشيد في هذا الصدد بالشراكة بين الخطوط البحرية السودانية و شركة مسك الماليزية التي تمخضت عنها تكوين الناقل الوطني الثانيSLMISC الذي لعب دوراً هاماً واساسياً في تنشيط حركة التجارة بين السودان ودول الامارات العربية المتحدة كما ان هذه المؤسسة العريقة تدار بواسطة كوادر سودانية مائة بالمائة وهذا يدعم ان الكوادر السودانية قادرة على ادارة خطوط ملاحية ناهيك عن توكيلات ملاحية اجنبية. من بعد طول إنتظار، والسعي الحثيث من قبل بعض الجهات والمؤسسات التي تحمل هم هذا البلد في حدقات العيون ، بحمد الله كللت هذه المساعي بالنجاح وذلك باصدار قرار واضح وصريح من قبل هيئة الموانى البحرية ، حيث تم تحديد نسبة العمالة من المستخدمين في الشركات الاجنبية تمثل 75% من السودانيين من بينهم المدير العام للشركة ورؤساء الاقسام والادارات من ذوي الخبرة في مجال النقل البحري ، وبهذا القرار انتفى تولي ادارة هذه الشركات بواسطة اجانب بالاضافة الى ان رؤساء الاقسام والادارات بهذه الشركات لا بد ان تكون من الكوادر الوطنية. إن هذا القرار بمثابة قلادة شرف في جبيين كل السودانيين وذلك لتحمل المسئولية كاملة واثبات ان الكوادر السودانية قادرة على ادارة هذه الشركات. ان مسألة ادارة هذه الشركات بواسطة مديرين اجانب امر بالغ الخطورة وذو درجة عالية من الحساسية والاهمية وذلك للاسباب الآتية :- 1-عدم دراية المدير الاجنبي بقوانين ولوائح العمل السودانية ، مما ينعكس سلباً على حقوق العمالة السودانية. 2- في كثير من الاحيان يتم اصدار قرارات جائرة ليس لها صلة باللوائح والقانون مما يؤدي لهضم حقوق العامل السوداني البسيط، الشئ الذي يؤدي لإزدياد نسبة الفصل والتشريد للعمالة السودانية في الشركات التي تدار بواسطة مدير اجنبي، مما يترتب عليه الكثير من الآثار السالبة على الموظفين واسرهم ، ويختلف هذا الوضع في حالة وجود مدير سوداني، حيث ان المؤسسسة تمتاز باستقرار العمالة. 3-إدارة هذه الشركات بواسطة مدير أجنبي في ظل وجود مدير مالي أجنبي يؤدي لصعوبة معرفة حركة الاموال الداخلة والخارجة ، المرتبطة بحركة النقد الاجنبي مما يؤثر تأثيراً مباشراً على عملية التنمية الاقتصادية. هناك نقطة هامة يجب الانتباه لها حتى لا يتم الالتفاف على هذا القراروهي :- 1-قد يتم تعيين مدير سوداني في الواجهة وتتم ادارة الشركة بواسطة عقول وخبرات اجنبية من وراء الكواليس. 2- نتوقع كثرة طلبات التقديم للحصول على الجنسية السودانية من قبل المديرين الاجانب وذلك للالتفاف على القرار،فان الجنسية السودانية قلادة شرف لا ينالها الا من يستحقها، ويتطلب هذا الامر توخي الحيطة والحذر. يجب الانتباه لمسألة هامة وهي ان كانت هنالك حاجة لتوظيف هؤلاء الاجانب ندعو ايضاً الجهات ذات الاختصاص بمقارنة الوظيفة التي يشغلها الاجنبي بما يحمله من شهادات ، فاذا كان هذا التخصص متوفراً بالبلد ففي رأي أن العمالة الوطنية احق به ، ولا اعتقد ان هؤلاء الاجانب يحملون تخصصات يندر وجودها في السودان ، وعلى سبيل المثال تولي اجانب وظيفة operation supervisor او موظفين تسويق في شركة ملاحية ، لا يعني انهم يحملون تخصص نادر او عدم وجود سوداني غير مؤهل لملء هذه الوظائف ، خصوصاً ان هنالك جحافل من الشعب السوداني وذوو درجة عالية من التأهيل يمكن ان تملأ هذه الوظيفة ، فالامر كله يحتاج لمراجعة شاملة من قبل السلطات. وفي الختام نرحب بهذه الخطوة التي نعتبرها خطوة تصحيحية في الاتجاه الصحيح في اطار تصحيح المسار ، وهي خطوة مهمة في تاريخ النقل البحري في السودان ونتوق للمزيد من القرارات والتشريعات التي تكفل للعمالة السودانية الحفاظ على حقوقها المهضومة في ظل الادارة الاجنبية،وافساح المجال للكوادر الوطنية لكي تلعب دوراً هاماً وواعداً في دفع وتطوير هذا المجال، مما يؤدي لجلب الخير الوفير لبلادنا الحبيبة ولهذا المواطن الذي يمتلك من الخبرات التي تمكنه من اضافة المزيد لانعاش هذا المجال ،كما أن العمالة الوطنية على اتم الاستعداد لتولي هذا المنصب وادارة هذه الشركات بكل حنكة واقتدار ، محافظة على حقوق العمالة الوطنية ومساوية بينهم في الحقوق والواجبات واضعة مصلحة الوطن والمواطن السوداني في المقدمة. الامر يتطلب وقفة ومراجعة ومعالجة ضرورية لكل الظواهر السالبة، فكلنا امل وثقة في القيادة الرشيدة متمثلة في الاخ/ الفريق عمر البشير ، للتدخل المباشر ووضع حل جذري لهذه المشاكل ووقف هذه الظواهر وذلك بتقييد دخول الاجانب خصوصاً في مجال النقل البحري وذلك نسبةً لحساسية هذا المجال وارتباطه بحركة النقد الاجنبي من اموال داخلة وخارجة وتأثيره المباشر على عملية التنمية الاقتصادية ، وافساح الفرصة للكوادر الوطنية لكي تلعب دورها المنوط به في هذا المجال الحساس والحيوي . وفي الختام التحية لكل من ساهم في تفعيل هذا القرار، اخص بالتحية الوطن الابي فهو موعود بمستقبل زاهر بجهد ابنائه المخلصين . التحية ايضاً نزجيها للسادة / هيئة الموانئ البحرية ذلك الصرح العملاق الذي يمثل حجر الزاوية في منظموعة النقل البحري لما تقوم به من تنمية وتطوير ظهرت بصماتها واضحة في زيادة عدد مرابط الحاويات واستجلاب الرافعات الجسرية، الشئ الذي انعكس ايجاباً في زيادة حركة السفن التي تتردد على ميناء بورتسودان وتقليل مدة بقائها بالميناء، مما انعكس ايجاباً في ازدهار وتطور صناعة النقل البحري في السودان ، ومزيداً من التقدم والازدهار لهذا الوطن الأبي. والله من وراء القصد.