تتأهب الأسر السودانية لاستقبال شهر رمضان المعظم الذي تصحبه الكثير من العادات في إعداد المائدة الرمضانية المختلفة في وجبة الإفطار ثم العشاء والسحور، حيث تكتظ الأسواق هذه الأيام بحركة دؤوبة، وتترصد النساء هذه الأسواق ويقمن بإعداد وشراء متطلبات الشهر الفضيل رغم الضائقة الاقتصادية والمالية، ومن أشهر الوجبات التي تستخدم في رمضان «العصيدة بالتقلية» حيث تصنع العصيدة من الدخن والذرة طابت أو الفيتريتة، فيما تعد التقلية من أجود أنواع لحوم الإبل والبقر والعجالي، ويتم تجفيفها مبكراً قبل أسبوعين من رمضان بجانب تحمير البصل، وتستعمل هذه الوجبة لمعظم سكان ولاية القضارف، فيما تستعمل قبائل دارفور وكردفان «المرس» ويصنع من شحوم لحم الضأن، ويجفف ثم يعد باللوبيا المدروشة والويكة وعادة ما يقدم عبر العصيدة بالدخن والدبر. أما «الدامرقة» فهي العنصر الأساسي لمكونات قبائل غرب السودان بالقضارف، وتعد بعد حفظ الدخن في الماء ما بين يومين إلى ثلاثة أيام، ثم تستخرج منه القشرة ويعرض في الهواء حتى يتم تجفيفه ثم يسحن، ويعد في شكل عصيدة بالتقلية والنعيمية، أما «أم جنقر» فهي تعد من الدخن المقشور المفندك بالزبادي الحامض «الروب» وتقدم في الفطور والسحور، وتقول عنها الحاجة نفيسة «بتقطع العطش من الصائم يا ولدي وبتزيد مروءة الراجل، ولكن ارتفاع أسعار الدخن صعبت وجودها.. ورمضان السنة دي يا ولدي حيكون صعب من الغلاء وداير يقين وصبر شديد.. لكن خريفنا دا مهمة فيه الدامرقة وأم جنقر والسحور، ورمضان جايينا في المطر جوع شديد وغلاء». وتضيف حاجة نفيسة أن الكول باللحم الأبيض خيارات المساكين بدون تقلية، بجانب الرقاق باللبن في السحور. وقالت حاجة نفيسة إن قبائل الشمال تشتهر بإعداد القراصة في الفطور بالمفروكة والتقلية والدمعة، بجانب التركين للقبائل النوبية، وهو مطلوب في القضارف نسبة لبرودة الطقس. وتقول الأستاذة سمية الأزرق اختصاصي الدراسات السكانية بالقضارف إن التركيبة السكانية للقضارف ساعدت في تنوع الوجبات السودانية في ظل تعدد السحنات والقبائل، وهي تشكل لوحة جمالية لمائدة سودانية رمضانية متعددة، فلا يوجد حي من أحياء القضارف يخلو من سكان قبائل الغرب والشمال والشرق، فهم يمتزجون ويتصاهرون ويلتقون حول المائدة الرمضانية. وقالت إنها تفضل العصيدة بالتقلية وتقوم بإعدادها مبكراً نسبة لأن العصيدة يسهل تناولها وهضمها وخفيفة على المعدة، بجانب تناول الرقاق في السحور المعد من دقيق سيقا والفنيليا والكاسترد وزيت الطعام، وهو مغذٍ ولذيذ ولا يكلف زمناً كثيراً في تناوله وإعداده. وأضافت الأستاذة سمية أنها تتناول فول السليم المطهي بالجبنة والطعمية وزيت السمسم وقالت إنها لا تتناول اللحوم في العشاء نسبة لأنه يصعب هضمها.