الشأن الصحي أمر يهم شرائح المجتمع كلها، فهو يندرج في قائمة حقوق الإنسان الأساسية، لذلك نجد اخبار الصحة تتصدر افتتاحيات وعناوين كبريات الصحف ووكالات الانباء، وتعد وزارة الصحة بولاية الخرطوم من اكثر الوزارات التي نالت حظها من تسليط الأضواء على جميع أنشطتها مدحاً وقدحاً، ولكن كفة القدح والانتقاد هي الأرجح. ومما يؤسف له أن بعض الانتقادات منطلقاتها ودوافعها شخصية وذاتية وجعلت من شخص البروفيسور مأمون حميدة وزير الصحة بولاية الخرطوم القضية المحورية والهدف الرئيس الذي تصوب عليه سهام أولئك المنتقدين. صحيح أن للوزير دوره في العملية الصحية، ولكن ليس من الانصاف تحميله قرارات وتدابير من سبقوه في هذا الموقع، وانا هنا لست بصدد الدفاع عن شخص مأمون حميدة فليس بيننا سابق معرفة ولا مصلحة دنيوية، ولكن من خلال متابعتي لأنشطته المعلومة والمعروفة تبين لي أنه من أهل الاختصاص في الشأن الطبي والصحي، وصاحب خبرات إدارية تجلت من خلال مشروعاته الخاصة التي لا احد ينكر نجاحها وإسهامها في تطوير مسيرة العمل الطبي بالسودان، كما أن لديه مشاركات إعلامية مقدرة، إذاعية وتلفزيونية وصحفية ذات مضمون تثقيفي وصحي، مما يدلل ويؤكد أن الرجل صاحب رسالة وهدف واضحين. إن الذي حفزني لكتابة هذه المرافعة المتواضعة عن وزارة الصحة بولاية الخرطوم خبران طالعتهما بالصحف، الخبر الأول هو افتتاح «6» مراكز صحية مرجعية جديدة بمحلية بحري ضمن «70» مركزاً أكملتها الولاية أخيراً في إطار خطتها لتحقيق الانتشار الجغرافي في الخدمات الصحية العلاجية، وتوصيل خدمات العلاج للمواطنين في مواقع سكنهم، والمراكز المفتتحة هي «حلة حمد، الدناقلة، الختمية، الإزيرقاب، الفكي هاشم، الكدرو». وفي تقديري أن ذلك انجاز مقدر وخدمات جاءت في زمانها ومكانها، وأحسب ان التوزيع الجغرافي لتلك المراكز كان عادلاً ومنصفاً لمواطني وسكان محلية الخرطوم بحري. أما الإنجاز الثاني فقد تبدى لي في اختيار الاستاذ طه علي البشير لرئاسة مجلس ادارة مستشفى الخرطوم، وأنا هنا لست بصدد الحديث عن طه الرمز والعلم الرياضي المعروف، ولكني اتحدث عن طه الخبرات الإدارية التي مكنته من تحقيق الإنجازات المحسوسة والملموسة في كل المرافق والمؤسسات التي عمل بها، وتكليفه برئاسة مجلس إدارة مستشفى الخرطوم اختيار صادف اهله. واحسب ان مربط الفرس في الأزمة الصحية والطبية في البلاد هي أزمة إدارة، والذي ينظر إلى مستشفياتنا يجدها مليئة بالمعدات الطبية الحديثة والكوادر المؤهلة، ولكن كل تلك الأجهزة والكوادر إذا لم تجد قيادة ادارية توجهها نحو الاهداف المرسومة فإنها سوف تذهب ادراج الرياح، لم تحقق نجاحاً ولم تضمد جراحاً كما نأمل. ونرجو من البروفيسور مأمون حميدة أن يجري مراجعات شاملة لمجالس إدارات مستشفيات الولاية حتى يتمكن من رفدها بمجموعة من الإداريين المبدعين الذين مكنتهم ظروفهم من الوقوف على تجارب العالم في إدارة المؤسسات الطبية والعلاجية، سائلاً الله أن يسدد على طريق الخير والعدل خطى القائمين على أمر الصحة في بلادنا.