يبدو ان ايام الرئيس السوري في الكرسي الوثير ماضية الى نفاذ، فبعد الضربات الموجعة التي تلقاها من المعارضة السورية، واخرها اغتيال وزير دفاعه وثلة من جنرالاته ذوي الدم البارد، صارت حليفته الرئيسة " روسيا" تلمح الى تقبلها فكرة تنحيه عن السلطة حفاظا على النظام البعثي الحاكم بقوة الحديد والنار في دمشق. وقد نقل عن السفير الروسي في فرنسا ألكسندر أورلوف " يتعين تنظيم رحيل بشار بطريقة حضارية، كما تم أثناء العملية الانتقالية في اليمن". وقد اختارت موسكو بعناية اين وكيف ترسل اشاراتها الى الطبيب الشاب، فهي من جهة ترغب في استمرار النظام البعثي كحليف مهم في المنطقة التي خسرت فيها كلا من القذافي وصدام من قبل، ولا ترغب من جهة اخرى في المراهنة على صمود رئيس بدأ معاونوه في التساقط من حوله كاوراق الشجر اما بالعنف او الانشقاق. وربما هذا ما دعى السفير ألكسندر أورلوف ليضيف في تصريحه لصحيفة "لو باريزيان" الفرنسية: "صحيح أنه من الصعب تصور أنه سيبقى. سيرحل وأعتقد أنه هو نفسه يدرك ذلك، لكن يجب تنظيم الأمر بطريقة حضارية كما جرى في اليمن مثلا". وأضاف "خلافاً لما حدث في ليبيا حيث كان القذافي رجلا وحيدا، في سوريا هناك نظام بعثي قائم منذ عقود. وبوجود الأسد أو بدونه سيصمد النظام". وأكد السفير الروسي، على موقف بلاده التي تؤكد أن مصير الرئيس بشار الأسد لا يقرره إلا الشعب السوري بعيداً عن أي تدخل أجنبي، بعكس ما ترى دول غربية تدعو لرحيله. وكرر السفير أن "الشعب السوري هو من يتعين عليه أن يقرر مستقبله". ولا يمكن التعامل مع التغيرات الاخيرة في موقف روسيا من الرئيس السوري بمعزل عن تحركات عربية وخليجية على وجه التحديد لتقديم اغراءات لعائلة الاسد في دمشق، فقد عرضت الدول العربية على الرئيس السوري بشار الأسد تأمين مخرج آمن له ولعائلته من السلطة مقابل تنحيه عن الحكم، وذلك على وقع تفاقم العنف في سوريا واستمرار القتال في دمشق وحلب. ووجه قرار عربي اتخذه المجلس الوزاري للجامعة العربية الاثنين في الدوحة نداء الى الرئيس السوري بشار الأسد "للتنحي عن السلطة" فيما "الجامعة العربية ستساعد بالخروج الامن له ولعائلته". وذكر القرار أن هذا النداء يأتي "حقنا لدماء السوريين وحفاظا على مقومات الدولة السورية ووحدة سوريا وسلامتها الوطنية ونسيجها الاجتماعي ولضمان الانتقال السلمي للسلطة". ونص القرار، الذي لم تعارضه دولة عربية واحدة، على "الدعوة فورا لتشكيل حكومة انتقالية سورية بالتوافق تتمتع بكافة الصلاحيات وتضم قوى المعارضة داخل وخارج سوريا والجيش الحر" اضافة الى ما سماها "سلطة الامر الواقع الوطنية"، وذلك "لتيسير الانتقال السلمي للسلطة". وتضمن قرار المجلس الوزاري مطالبة الاممالمتحدة بتعديل تفويض المبعوث الدولي العربي كوفي انان ليصبح متماشيا مع مضمون القرار، اي للعمل باتجاه تنحي الاسد وانتقال السلطة سلميا. وكلف وزراء الخارجية سفراء المجموعة العربية في نيويورك الدعوة الى اجتماع طارىء للجمعية العامة للامم المتحدة لاصدار توصيات باتخاذ اجراءات منها "انشاء مناطق آمنة في سوريا لتوفير الحماية للمواطنين السوريين وتمكين موظفي الاغاثة من اداء اعمالهم" و"قطع جميع اشكال العلاقات مع النظام السوري". ويبدو ان التطورات الاخيرة في الموقفين الروسي والعربي سترسم المشاهد الاخيرة علي صعيد الازمة السورية، قبل الاطاحة ببشار والابقاء على نظامه بحسب السيناريو الروسي المفضل، او الاطاحة بالرئيس ونظامه بحسب السيناريو العربي المتطابق مع ماحدث في ليبيا.