كلما جاء موسم الخريف اخضرت الارض وازينت وانبتت من كل زوج بهيج ، وحدها ولاية الخرطوم تزداد قبحاً مع كل زخة مطر وتغرق في ( شبر مية ) ولو راجعنا تاريخ ولاية الخرطوم مع مواسم الخريف لوجدناه يحفل بالكثير المثير الخطر فالولاية تصرف سنوياً ملايين الملايين على تنظيف المصارف وتنفق مئات الملايين على شركات شفط المياه من ( شوارع الاسفلت ) وهو منظر يدل على تخبط كبير وتراجع في معايير الجودة المعمول بها حين ارساء عطاءات تشييد الطرق الداخلية للولاية بواسطة الشركات اياها ، ان شفط المياه من الزلط يؤكد ان الشارع انشئ بطريقة خاطئة وان الشركة اخذت الاجرة ولم تحسن العمل وان المطلوب الصرف مجدداً من اموال دافعي الضرائب من سكان الولاية وغيرهم على شركة جديدة وهكذا دواليك ، هذا ما يبدو جلياً كل عام وكلما كتبت الصحف عن ضرورة الاستعداد المبكر لموسم الامطار شرعت الولاية من فورها في اعداد البرامج والميزانيات لمواجهة ما تسميه في ادبياتها التحديات الكبيرة التي تواجه محليات الولاية. والاستعدادات لخريف هذا العام وهو تحدي يتجدد بالطبع كل عام حتى اصبح موسماً ليس للأمطار وإنما للصرف على المصارف . لم يكن احد يتوقع هطول كل هذه الكميات الهائلة من الامطار فجر امس الاول ولكن وبالنظر الى ميزانيات ولاية الخرطوم ومحلياتها والاستعدادات المبكرة اصبح الصباح على ولاية الخرطوم ومحلياتها خصوصاً محلية امبدة وشرق النيل وهي تتوشح بالاوحال وتحتقن شوارعها المنشئة حديثاً المياه وكأنها جداول وتنهدم منازل هنا وهناك وتتوالد انثى الانوفلس كما لم تتوالد من قبل مبشرة السلطات الصحية ( كجرس انذار مبكر ) بموسم حافل بالملاريا وشتى انواع الاسقام - نسأل الله السلامة للجميع - لقد كشفت زخات المطر الاولية ليل البارحة الاول مدى هشاشة الاستعدادات والترتيبات التي اتخذتها حكومة الولاية لمواجهة تحديات موسم الخريف ومن الواضح لكل مراقب ان حدوته الاستعدادات التي تتكرر سنوياً ماهي الا دعايات اعلامية للاستهلاك المحلي فحسب وان سكان الولاية موعودون بخريف غاية في الاوحال والضنى والعذاب يضاف الى ماهم فيه اصلاً من غلاء وبلاء وتدهور اقتصادي . ان مما ثبت في وثائق العمل بدواوين ولاية الخرطوم ان مختلف الحكومات التي تعاقبت على حكم الولاية ظلت تهدر سنوياً مليارات الجنيهات على ماتسميه برامج التنمية وتحسين البني التحتية للولاية وكانت كل حكومة تأتي تزعم انها افضل من اختها جاءت حكومة المرحوم د. مجذوب الخليفة واشتغلت في سفلتة بعض الشوارع ثم ذهبت وجاءت حكومة د. عبدالحليم المتعافي وقامت بتجديد السفلتة للشوارع التي سفلتتها حكومة المجذوب ثم شرعت في عمل شوارع جديدة وجسور وتنظيف للمجاري وغيره وغيره ثم ذهبت وافسحت المجال لغيرها ليظل حال الولاية كما هو شوارع غير مستوية حفر في الظلط ومجاري كلما نظفوها بالمليارات عادوا مرة اخرى لينظفوها بالمليارات وهكذا دواليك ولذلك ظلت مدينة الخرطوم العاصمة الوحيدة في المحيط الاقليمي التي لا تتطور قيد أنملة وسط عالم من العواصم التي ودعت عهود الظلام والجهل وغادرت محطات تنظيف المجاري عبر الوسائل التقليدية المتخلفة الى مواكبة التطور والطفرات الحديثة في عالم المدن المتحضرة ومترو الانفاق . وبمناسبة مترو الانفاق وقطار المترو الكهربائي هل ما يزال العمل الهندسي جاري في هذا المشروع ؟ وكيف هو وضع الردميات على طول شارع النيل مع الارتفاع المفاجئ لمياه نهر النيل الازرق الهادر ؟ نحن نخشى على هذه الردميات التي كلفت عشرات المليارات من ان تكون لقمة سائغة للأزرق الأحمق الذي ظل طوال تاريخه يأكل حتى القرى الوادعة خارج الشطئان ويهدمها ويهجر أهلها .