الاسبوع الماضي وصلتني معلومات تفيد بأن مركز الرشاد - جنوب جامعة افريقيا - التابع لوزارة التوجيه والتنمية الاجتماعية ولاية الخرطوم يعاني من تكدس غير طبيعي للشرائح الضعيفة، الامر الذي ادي لتردي الاوضاع داخل ذلك المركز بحيث اصبح العديد من المستهدفين لا يجدون مكاناً يقضون فيه حاجتهم سوي العنبر الذي ينامون فيه علي الارض فتجتمع بذلك القاذورات والبشر في مكان واحد. كعادتي شرعت في التحري عن دقة هذه المعلومات بطريقتي الخاصة، وعلمت ان دار الرشاد التي تقع ضمن اختصاصات وزارة التوجية والتنمية الاجتماعية ولاية الخرطوم تحولت من دار لإيواء الشرائح الضعيفة الي مركز لتجميع هذه الشرائح، خصوصاً اؤلئك المقبوض عليهم في الحملات الشرطية لمكافحة التسول والتي نفذت اخيراً تمهيداً بحسب افادات مسؤولي الوزارة لفرزهم واحصائهم ونقلهم من بعد ذلك الي دور إيوائية اخري تتبع لذات الوزارة . وللمزيد من جمع وتقصي المعلومات دعاني الاخ الكريم السفير مبارك مستشار وزيرة التوجيه والتنمية الاجتماعية لحضور مؤتمر صحفي عقدته الوزارة مطلع الاسبوع الجاري لشرح ملابسات ( حملة الحق المعلوم لمعالجة ظاهرة التسول )، بيد ان المؤتمر انقلب الي مناقشات تشاورية بين مسؤولي الوزارة والصحفيين ولم تفلح الاسئلة المطروحة في استدرار اجابات مقنعة لمختلف التساؤلات حول ازمة اوضاع الشرائح الضعيفة داخل دار الرشاد، وكانت كل المحصلة تدور حول اقرار الوزارة بأن دار الرشاد هي مركز تجميع مؤقت وبالتالي هي لا تصلح لزيارة الصحفيين لتفقد احوال ( المجمعين )، واقترح البعض من منسوبي الوزارة ان يسجل الصحفيون زيارة بعربات الوزارة الي دار من دور الايواء في جبل اولياء ، الشاهد في هذه المسألة ان مركز الرشاد او داره يعج بأعداد غفيرة من المجمعين سواء من المتسولين الاجانب او السودانيين او بقية الشرائح التي تتعامل معها الوزارة مثل الاطفال والنساء والعجزة والمعتوهين والمشردين وهذا المركز بحسب المصادر غير مجهز تجهيزاً يليق بالآدميين وتنقصه العديد من الضروريات وبالتالي هو لا يصلح لان يكون مركزاً لتجميع الشرائح الضعيفة من البشر اللهم الا اذا كانت المنهجية المعمول بها تساوي بين مراكز التجميع وزرائب البهائم . وبالامس القريب ومع استمرار هطول الامطار الغزيرة ليلاً بالخرطوم تم نقل إمراة في منتصف الاربعينيات من عمرها من مركز الرشاد الي المستشفي في حالة حرجة بعد ان اشتكت اوجاعا في الكلي نتيجة انحباس البول ثم تعرضها لنزيف مفاجئ نثر دمها وسط بلاط العنبر حيث تم تجميعها مع اخريات بعضهن بصحبة اطفالهن - عنبر تجميع النساء يجاور عنبر تجميع الرجال بينما يتخلل الاطفال الجميع - لقد تم نقل المرأة المسكينة المصابة بانحباس البول تودعها روائح البول المنتشرة في العنبر حيث يلتحف الجميع البلاط ويظلهم الزنك الامريكي المعروف الخواص وهي صورة كنت كأني اشاهدها نهاية الاسبوع الماضي ماثلة امامي، وكنت اتوقع من مسؤولي الوزارة المسارعة بتحسين اوضاع المجمعين ومعاملتهم كبني آدمين بتوفير كافة الاحتياجات لهم من مأكل ومشرب ومرقد كريم ورعاية صحية دون الحاجة الي تكدسهم في مراكز شبيهة بالزرائب ، كنا نريد منهم المسارعة بذلك الصنيع ليس خوفاً من مراقبة الوكالات الاقليمية والدولية العاملة في الشأن الانساني فحسب وإنما لأن ديننا الحنيف يأمرنا بالاحسان الي الانسان من حيث كونه انسانا، بل يحثنا علي الرأفة بالحيوان حتي قال رسولنا الكريم ( في كل كبد رطب أجر )، وقال عليه افضل الصلاة واتم التسليم ( دخلت إمرأة النار في هرة ) . ان حكومة ولاية الخرطوم اختارت الوزيرة مشاعر الدولب لتتولي اعباء وزارة التوجيه والتنمية الاجتماعية لادراكها ان المرأة اية امراة تتسم بالحنان والرقة، والدولب لها باع سابق في العمل الطوعي والانساني وتعلم تماماً خفايا واسرار وتبعات ذلك الحقل، ولذلك يتوجب عليها التركيز اكثر واكثر علي برامج الرعاية اللصيقة للشرائح الضعيفة وابتكار آلية فعالة للمتابعة والرقابة علي آداء الإدارات التابعة لها والمعنية بتنفيذ موجهات الوزارة لمختلف القضايا والتحديات ، واذا كان هنالك ثمة نقص في التمويلات المفترض تخصيصها لاصلاح الدور الايوائية واعدادها بحيث تستوعب كافة الشرائح المستهدفة فهذه ليست مشكلة هؤلاء البؤساء ..انها مشكلة حكومة الولاية التي تتقاعس عن توفير التمويلات اللازمة للدور الايوائية لتصبح لائقة بالآدميين . ولنا عودة