نطرح في هذا الملف الثقافي قضية المناهج النقدية الحديثة، والتي ارتبطت في أذهاننا بما جاءت به البنيوية منذ أن هبت رياحها على الوطن العربي. وكان لنا في السودان نصيب من هذا المد البنيوي الذي جاء عبر ترجمات وكتابات نذكر منها كتابات د. زكريا ابراهيم عن مشكلة البنية في تناوله الفلسفي لمشكلات الانسان المعاصر كمشكلة الحرية. ثم جاء المد البنيوي مع صدور مجلة فصول عام 1980 والتي ترأس تحريرها د. عز الدين اسماعيل المعروف لدينا. وقد ظللنا نتتبع هذه البنيوية عبر كتابها الغربيين وناقليها العرب، وفيهم من زعم انه تفوق على اساتذته الغربيين (اقرأ د. كمال أبو دبب). ومنهم من ترجم أعمالاً تصب في خدمة الاتجاهات النقدية الحديثة. وتجئ الترجمة هنا مختلفة عن تلك لذات الكتاب الواحد.. تكرر هذا في مورفولوجيا الحكاية الخرافية لبروب، بين ترجمة مغربية وترجمة مشرقية (أ. د. أحمد عبد الرحيم نصر، وأبو بكر باقادر) وترجمات باحثين - كتاب الخطاب الروائي بين يوسف حلاق ود. محمد برادة - وكذلك ترجمات نودوزوف ورولان بارت وغيرهما. ينبه أحد الباحثين إلى اننا نحاول اصطناع حداثة عربية بالتنقيب في تراثنا عما يشابه منجز النقد الغربي الحديث في تراثنا النقدي العربي. ويتساءل البعض عن سر هذا الاهتمام بعبد القاهر الجرجاني في العقود الأخيرة.. حيث يجري التنقيب في منقولاته الواردة في كتبه خاصة «دلائل الاعجاز وأسرار البلاغة». وقد جاءت كتب الراحل د. عبد العزيز حمودة في العقدين الأخيرين لنقد هذه الحداثة المستوردة دون أن ينكص عن السير في دروب الحداثة، والتي أرادها أن تكون مرتبطة ارتباطاً عضوياً بسياق الثقافة الغربية ومنجزاتها.. وعلى كل فهي قضية مفتوحة للنقاش، نرحب بمساهمات الكتاب والمثقفين فيها.