كلما اقتربت الانتخابات الامريكية وتزعزعت ثقة الناخب الامريكى فى ادارة اوباما واظهرت الاستطلاعات ارتفاع أسهم رومنى المنافس الرئيس لاوباما وخاصة بعد زيارته لاسرائيل اخيرا ، كلما حدث ذلك، اتجهت امريكا جنوبا للقارة السوداء باذلة الوعود لدولها.يبدو ان اصوات السود الذين تستعطفهم ادارة اوباما باتت مؤثرة وبشكل حاسم فى الانتخابات القادمة. فى اطار هذا الاهتمام بافريقيا تسارعت خطى الولاياتالمتحدة تجاه القارة إذ تزور وزيرة الخارجية الامريكية كلينتون قريبا أربع دول من ضمنها دولة جنوب السودان. امريكا فى غاية الاهتمام بالشأن السودانى هذه الايام .فامس الاول فى نيويورك تركزت تصريحات سوزان رايس مندوبة امريكا فى مجلس الامن على مفاوضات اديس ابابا واكدت انها لن تتوصل لاتفاق قبل الثانى من اغسطس الميقات الذى حدده مجلس الامن للوصول لتسويات سياسية بين السودان وجنوب السودان. التصريحات الصادرة من اديس ابابا اول امس كانت متفائلة خاصة من باقان اموم، فلماذا هذه التصريحات المحبطة من سوزان.؟. صديقى الرزيقى اتهمها بانها تسعى اصلا لافشال المفاوضات و معاقبة السودان ولذا تطلق هذه التصريحات غير المسئولة، ومعه حق. العناية التى تبديها سوزان رايس بدولة الجنوب فى مقابل التطرف والادانات التى تقابل بها أى فعل لحكومة الخرطوم تثير دهشة الكثيرين. سوزان رايس لم تتجاوز محطة الناشطة السياسية فى مجموعات الضغط التى تعمل ضد السودان منذ اوائل التسعينيات وحتى الان. رفع سيف العقوبات بعد الثانى من اغسطس غير مجد فالشمال اصلا فى لائحة العقوبات الدولية فلن يضره شيئا، من سيتضرر هم اصدقاء سوزان رايس اذ ان فرض عقوبات دولية على دولة وليدة من شأنه ان يصيبها باضرار بالغة. فى منحى اخر اصدرت الخارجية الامريكية بيانا عن زيارة كلينتون لافريقيا عامة ولجنوب السودان بصفة خاصة. اشارت فيه الى ان زيارتها تأتى لدفع المفاوضات بين دولتى السودان ومناقشة آفاق العلاقات الثنائية بين البلدين.لا اعرف لماذا تسعى امريكا لدفع المفاوضات بالحوار مع طرف واحد وهو دولة الجنوب ، فلماذا مثلا لا تلتقى كلينتون بالمسئولين السودانيين بالخرطوم لتحثهم على انهاء المفاوضات بنجاح؟. لقد ثبت ان الانحيار الامريكى لطرف من الاطراف يصعب المفاوضات وقد يسهم فى افشالها. امريكا تكرر اخطاءها فى كل حين فبدعمها لطغاة العرب كسبت كراهية الشعوب. بمنحى ثالث نشرت الصحف امس انباء عن لقاء جوزيف استافورد القائم بالاعمال الامريكى بالخرطوم بالسيد أحمد ابراهيم الطاهر، عبر خلاله السيد جوزيف ان علاقات امريكا مع الجنوب ليست على حساب السودان، ثم قال فى رسالة لمن يعنيهم الامر فى المعارضة السودانية بالداخل والمسلحة بالخارج « ان الولاياتالمتحدة ليست لديها أية نية فى تغيير الحكومة السودانية وان أي تغيير يجب ان يتم بالوسائل القانونية والدستورية، واكد ان واشنطون ضد استخدم القوة للتغيير.».هذا الاهتمام الامريكى بالشأن السودانى ابتداءً من وزيرة الخارجية لسوزان رايس للقائم بالاعمال خلال يومين فقط يشئ بان لامريكا خططاً لاستخدام كرت جنوب السودان فى الانتخابات القادمة، كما ستستخدم كرت افريقيا عموما لاجتذاب اصوات السود المتعاطفين مع اوباما اصلا. بالقطع ستكون الاستفادة من السودان الشمالى بوضع مزيد من الضغوط عليه لكسب اصوات جماعات الضغط المناهضة للنظام والتى تكاثرت بمتواليات هندسية منذ أزمة دارفور.امريكا لن تفرض عقوبات على دولة جنوب السودان ولن تستطيع قيادة مجلس الامن فرض عقوبات احادية على الحكومة فى الشمال، لان ذلك سيكون فضيحة ولن تقبل روسيا والصين، ولذا اعتقد ان الخيار الذى سيكون مطروحاً هو تمديد فترة المهلة الزمنية وإتاحة الفرصة للمفاوضات أن تثمر لو بعد حين.